الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إستمرار سياسة تهميش الأقباط وإضطهادهم

سليم نجيب

2008 / 5 / 25
حقوق الانسان


نشرت جريدة وطني في عددها الصادر يوم 11 مايو 2008 في صفحتها الأولى الخبر التالي:

"لأول مرة: دعاوى تعويض ضد انتكاسة الأقباط بمحليات أسيوط"

تنظر محكمة أسيوط الكلية في جلستها المنعقدة بتاريخ 5/6/2008 الدائرة الثانية دعوى التعويض برقم 1464 لسنة 2008 مدني كلي أسيوط ضد أمين عام الحزب الوطني بمحافظة أسيوط بصفته، طلب فيها المدعي اللواء كميل رمزي الياس بالزام المدعي عليه بصفته تعويضاً بمقدار 400 ألف جنيه عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء إلغاء ترشيحه عضواً عن دائرة صدفا بالمجلس الشعبي المحلي بالمحافظة وبدون إبلاغه بأسباب ذلك...

تحية إجلال وإحترام لسيادة اللواء كميل رمزي الياس على شجاعته باللجوء إلى القضاء ضد الذين يهمشون ويضطهدون الأقباط في كافة مناحي الحياة اليومية. وياليت الأقباط في مصر يتبعون خطى الشجاعة مثل سيادة اللواء كميل لفضح النظام الذي يتبع سياسة ذات الوجهين.

إنه غير مستساغ وغير مقبول وغير قانوني أن تقتصر الترشيحات على المسلمين فقط لاسلامهم ولا يُرشح الأقباط لمسيحيتهم لأن هذا التصرف -من جانب الدولة- يكون شقاً للأمة وضرباً لوحدتها الوطنية ومخيباً لآمال ملايين الأقباط.

ولمجرد الذكرى والتاريخ نقول بأن الأقباط المشاركين والمنتخبين والمرشحين في العصر الليبرالي ما بين 1924 حتى 1952 كانت نسبتهم تتراوح ما بين 9.8% إلى 3.5% (مركز الوثائق والمعلومات بمركز ابن خلدون للتنمية 2000).

إن الأمة المصرية كلها بطائفتيها في خطر بسبب سياسة التهميش والفرز والتعصب والاستبعاد من العمل السياسي وهذا المناخ التعصبي الملوث السائد في البلاد هو بمباركة النظام ذاته إن لم يكن بتوجيهاته السامية.

إن هذه السلبية من جانب النظام وهذا التجاهل لترشيح الأقباط من قبل النظام له عدة معاني في أعين المحللين السياسيين - أن الدولة لا تعترف بوجود الأقباط ككيان مؤثر في المجتمع فتنفي الآخر -وهم الأقباط من الحياة السياسية ومن مؤسسات راسمي السياسة العليا للبلاد وكأنهم أغراب أجانب في بلاد أجدادهم.

إن الأقباط يرون تهميشاً وإبعاداً وتمييزا وقهراً وتعصباً وإضطهاداً بكل ما تحمله الكلمة من معنى وفقاً للمواثيق الدولية لحقوق الانسان وللقانون الدولي العام. نرى بوضوح وجلاء أن الدين أصبح معياراً أساسياً وسمة العصر لتولي الأقباط المناصب القيادية وفي مواقع السلطة. هل الديمقراطية التي يتغنى بها النظام هي قهر الغير وإعتباره غير موجود مع أنه كائن حيي ينتج وله في الحياة رسالة ووظيفة.

القول بوجود دستور وانتخابات وبرلمان وحرية انتخاب مع عدم وجود جدار تشريعي يصون الأقلية هو نوع من العبث الديمقراطي. عبث يلغي الديمقراطية ويهدد الحرية.

إذا كانت الأقلية القبطية -ونُصر على إستعمالنا لكلمة أقلية- وذلك طبقاً للمواثيق الدولية لحقوق الانسان والقانون الدولي العام، لا تستطيع الوصول إلى المجالس التشريعية ومجالس المحافظات، فيجب تقنين ضمان وضعها داخل تلك المجالس بذات الحجم الذي تحتله في المجتمع وليس الوجود الهامشي حتى تصبح شريكاً في القرار.

يا حضرات السادة،،،

إن إنكار حق جماعة ما من الناس في المشاركة في إدارة شئون بلادها بما في ذلك المشاركة في صياغة التوجهات العاملة للدولة يتنافى ويتعارض ويخالف نص المادة الثانية من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر سنة 1948 وكذلك المادة 21 من ذات الاعلان العالمي لحقوق الانسان وكذلك العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وكذلك الاعلان الدولي الخاص بحقوق الأفراد المنتمين لأقليات قومية أو إثنية أو لغوية أو دينية الصادر من الجمعية العمومية للأمم المتحدة بتاريخ 18 ديسمبر 1992 وهو ذروة العطاء القانوني الدولي لمسألة الأقليات ويعتبر ثورة حقيقية في القانون الدولي فهو ينص في أحكامه على واجب الحكومات في الدول التي تحتوي على أقليات في حق تلك الأقليات في المشاركة في سياسة صنع القرار السياسي أي إحترام مبدأ المواطنة المتساوية لكل أعضاء المجتمع بغض النظر عن إختلاف الدين. وهذا هو ما تأكد في المؤتمر العالمي الثاني لحقوق الانسان الذي إنعقد في فيينا فيما بين 14 و 26 حزيران (يونيو) من عام 1993 والذي حضرته 171 دولة.

وللأسف الشديد مازالت مصر ومعظم دول منطقة الشرق الأوسط تتجاهل عن عمد وإصرار وتنكر وجود هذه الأقليات أصلاً بزعم باطل أن هذه الأقليات من نسيج واحد ولُحمة واحدة مع الأغلبية المسلمة في الوطن، زاعمين أيضاً أن الدستور المصري ينص على المساواة ومبدأ المواطنة ونقول أن هناك فرق كبير بين النص والواقع. العبرة هي في التطبيق العملي الفعلي الذي يسمح بمعرفة هل يتم بالفعل إعمال مبدأ المواطنة أم لا؟؟

إن هناك في مصر مشكلات عديدة ينبغي التصدي لها بكل صراحة وشجاعة وكفاءة ووطنية لحلها في ضوء ضرورات الوطنية. هذا هو الطريق الوحيد لسد الباب أمام التدخلات الأجنبية ولعل هذا يقودنا إلى أن نتأمل بعمق الرؤية القبطية لمبدأ المواطنة وكيفية إعماله في السياق المصري المعاصر.

فيا أيها الأقباط في مصر تمثلوا بالعمل الايجابي الشجاع الذي سلكة سيادة اللواء كميل رمزي الياس فلجأ للقضاء للحصول على حقه المسلوب. فكل قبطي أو قبطية يشعر أن حقه في التعيين أو الترقي أو.. أو... قد سُلب، عليه أن يلجا إلى القضاء ضد الذين يهمشون ويضطهدون الأقباط في كافة مناحي حياتهم اليومية. كونوا صامدين إلى النهاية لا يخيفكم الوعيد ولا التهديدات وإعلموا أن دوام الحال من المحال وأن الكراسي لن تدوم مهما طال الزمن.

نحن كمسيحيين سلاحنا ليس مثل الآخرين قطع الرقاب وسفك الدماء، وإنما سلاحنا هو القلم، الكلمة، القانون. إرفعوا صوتكم عالياً مدوياً وبكافة الطرق القانونية، السليمة المتحضرة ولا تسكتوا على الظلم وعلى حقوقكم المسلوبة. إن إيماننا بالله قوي وثقتنا في عدله لا تخزى لأن الكتاب المقدس يقول:

"لا تخف بل تكلم.. ولا تسكت لأني معك" (أعمال18: 9 - 10)
"الله معنا لا تخافوهم" (عدد 14: 9)
"ها أنا معكم كل الأيام وإلى إنقضاء الدهر" (مت 28: 20)










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي بركة: في الاتفاق الذي وافقنا عليه لا يوجد أي شرط أو قيود


.. خليل الحية: حققنا في هذا الاتفاق أهداف وقف إطلاق النار وعودة




.. البنتاجون كأنه بيقول لإسرائيل اقتـ.لوهم بس بالراحة..لميس: مو


.. مستشار الرئيس الفلسطيني: المخطط الإسرائيلي يتجاوز مسألة استع




.. مخيّمات المهاجرين في تونس: صفاقس.. -كاليه- التونسية؟ • فرانس