الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضد العولمة

رمضان متولي

2008 / 5 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


انتهت اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي في شرم الشيخ بسلام كما هو متوقع ولم يلتفت أحد لأمر غريب في ذلك، وهو أن فترة انعقاد المؤتمر لم تشهد مظاهرات عارمة مناهضة للعولمة من نوع المظاهرات الفسيفسائية التي كان منظموها يحرصون على إطلاقها مواكبة لانعقاد هذه المؤتمرات. لم يتذكر أحد ما حدث في ولاية سياتل عام 1999 عندما خرج آلاف الأمريكيين في مظاهرات حاشدة ضمت النقابات وأنصار حماية البيئة وغيرها احتجاجا على اجتماعات منظمة التجارة العالمية. ولم يتذكر أحد مظاهرات مدينة جنوة الإيطالية عندما عقدت مجموعة الثمانية قمتها وشهدت المدينة ما يشبه الانتفاضة الجماهيرية ضد العولمة. ولم يتذكر أحد ما حدث في بورتو أليجري والمظاهرات الهائلة التي نظمها المنتدى الاجتماعي العالمي، بل لم يتذكر أحد المنتدى الاجتماعي نفسه الذي تأسس ليكون نقيضا أو يطرح بديلا للمنتدى الاقتصادي العالمي.

ليست المشكلة أن الناس أصبحت الآن راضية عن سياسات العولمة وتحكم الشركات متعددة الجنسية وحكومات الدول الكبرى في أقدار الشعوب ومصائرها، ولا أن هذه المؤسسات تغيرت سياستها لتصبح أكثر حرصا على مصالح الملايين من فقراء العالم الذين يذهبون ضحية لسياسات الرأسمالية المتوحشة بطبعتها النيوليبرالية. ولكن هناك أسباب أخرى منها خفوت وتهافت حركة مناهضة العولمة نفسها.

أحد أسباب انتهاء المؤتمر في سلام أن منظمي مؤتمرات العولمة بدأوا في التفكير في عقد اجتماعاتهم في دول تتميز باستبداد نظمها الحاكمة ولا تسمح لشعوبها بالتعبير عن غضبها، ولكن هذا التفسير لا يكفي لتبرير التوقف التام تقريبا عن أي نشاط حتى ولو في صورة مؤتمرات موازية داخل أروقة مغلقة.

حركة مناهضة العولمة في الواقع كانت أشبه بالفقاعة التي تكونت خلال عقد التسعينيات وبلغت ذروتها عام 2003 عندما بدأت الحرب الأمريكية على العراق واندلعت مظاهرات عنيفة مناهضة للحرب لتحل محل المظاهرات المناهضة للعولمة.

وتحددت المشكلة في نهاية المطاف في تعليق آمال كبيرة على حركة مناهضة العولمة، حتى أن البعض ذهب إلى اعتبارها حركة مقاومة عالمية يمكنها أن تقدم بديلا للنظام العالمي الذي تفرضه الشركات متعددة الجنسية والدول الكبرى. واعتقد كثير من المنظمات المشاركة فيها أنه يكفي الخروج في مظاهرات موسمية، معظمها كان يتخذ الشكل الاحتفالي لمواجهة نظام تسانده الثروة والسلطة في جميع أنحاء العالم. اعتقد هؤلاء المشاركون في الحركة أن وضوح الرؤية والهدف وبناء القاعدة الاجتماعية الضرورية لمواجهة سياسات الليبرالية المتوحشة ليس ضروريا، وبالتالي يمكن الاعتماد على خطاب غاضب ولكنه غامض، والمطالبة بإصلاحات شكلية ولكنها طوباوية حالمة وغير قابلة للتحقق، والاعتماد في الضغط من أجل تنفيذها على المظاهرات الحاشدة دون تنظيم له جذور في الواقع وقادر على استيعاب الصدمات ووضع استراتيجيات للحركة في الأجل الطويل.

وهكذا أصاب الحركة ما سماه بعض المتابعين لها بـ "إرهاق التظاهر"، حيث دخلت في سلسلة من المظاهرات دون أن تتمكن من إحراز انتصار واحد على أي جبهة. ذلك أنها كانت حركة بلا هدف واضح تسعى لتحقيقه ولم تمتلك وسائل تحقيق أي هدف حتى وإن بدا في وقت من الأوقات أنها قادرة على حشد جنود المعركة. فالانتصار في أي معركة لا يحتاج فقط إلى الجنود، رغم أنهم العنصر الحاسم في أي انتصار، وإنما يحتاج أيضا إلى الرؤية الاستراتيجية ووضوح الهدف ومن ثم بناء القدرات الذاتية والأدوات التكتيكية واختيار اللحظة الموضوعية المناسبة والأرض الملائمة لخوض المعركة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو يقدمان التعازي -للشعب الإيراني-


.. كيف ستنعكسُ جهودُ الجنائية الدولية على الحرب في غزة؟ وما تأث




.. حماس: قرار مدعي -الجنائية- مساواة بين الضحية والجلاد


.. 50 يوما طوارئ تنتظر إيران.. هل تتأثر علاقات إيران الخارجية ب




.. مقتل طبيب أمريكي في معتقلات الأسد