الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دردشة على أبواب القضاء

خالد عيسى طه

2008 / 5 / 29
دراسات وابحاث قانونية


قضـاء دكتاتوري يحكم بإعدام التجار العراقـيين ... اثنان وأربعون تاجراً
أتــــى اليـــوم لإنصــــافهم!!

يوم يكبوا جواد العدالة فلا بد من يوم ان ينهض وتصحح الأوضاع ..
ففي يوم واحد وخلال ثلاث ساعات فقط اُعدم اثنان وأربعين تاجراً من ابرز تجار الشورجة والعراق وهذا الإعدام ابرز عن مسوئتين من اخلاق دكتاتورية الرئيس السابق:
الاولى منها انه ان غضب فلا حدود لغضبه ولا قانون يردع ذلك الغضب ولا رحمة او جزء منها في انزال هذا العقاب او تطبيقها فوراً.
والثانية ان الدكتاتور لا يقدر مشاعر الذي يصب عليهم غضبه وللأسف انه ليس هناك من يجرأ من العراقيين حواليه ان يُقدم على ايصال رأيه الذي قد يصب في صالح العدالة والإنصاف ويقوي طريقة واسلوب الحكم ليدفع به بعيداً عن الدكتاتورية الظالمة.
في واقع الأمر ليس هناك مجالاً تركه صدام حسين ليضع حتى من كانوا يتمتعون بحكمه للدفاع عن طريقة وأسلوب ممارسة الحكم والنظام.. فقد كان يحمل في أعماق نفسه كثيراً من الحالات النفسية الصعبة والتي هي ظواهر لاضطراب نفسي وقلق مزمن في سلوكه وطريقة حياته كما جاء في مذكرات الطبيب النفساني الأجنبي الذي استدعاه صدام وأجرى عليه فحوصات.
هذه العوامل النفسية أضفت عليه سلوكية غريبة فقد كان وكأنه يختلي الى نفسه في مكتبً له رفوف متفاوت العلو وكان بعضاً ينظر الى فهارس هذه الرفوف فيرى ان هناك في الرفوف فئة يجب ان تعلم شخصية صدام وقوته وان لا تذهب بعيداً في تصرفاتها الليبرالية التي لا تخضع الى الضوابط التي يحددها صدام وتتعدى نهج وخطوط الفسحة التي تراها عيَني صدام.
ولاحظ الرئيس ان بعض المحامين البعثيين استغلوا انتمائهم الحزبي واخذوا يوجهون العدالة خلال المحاكم الخاصة بمنفعتهم المهنية والمالية، فقرر الرئيس صدام توقيف رموز المحامين البعثيين ومنهم نقيب المحامين السابق فيصل حبيب خيزران وكذلك احد المحامين البارزين امام المحاكم الخاصة وغيرهم حوالي ثلاثين محامياً بارزاً اُلقي القبض عليهم في أماكن تواجدهم في ليلة واحدة وأودعوا في دوائر المخابرات والأمن واستمروا في التوقيف فترة طويلة وقد شمل كافة محامين النقابة التوجس والذعر بأنه قد يأتي دوره في هذا الإجراء ورغم كل توسلات نقابة المحامين وشفاعتهم الا ان الرئيس لم يتساهل !!
والمدقق يلاحظ ان دقة هذا التوقيت والإجراءات القاسية تتنقل من فئة الى فئة في موازنة دقيقة لنشر الظلم والقهر على فئات مختلفة دون تمييز في المذهب او الطائفية او الدين .
وللتاريخ ان الذين أعدمهم صدام من التجار هم جميعاً محسوبين على النظام البعثي وزادوا ثرائهم بدعم من الحزب والدولة ويلاحظ انه في معظم هذه العوائل من ينتمي ويشغل منصباً كبيراً مثال ذلك آلـطبرة وهم تجار معروفون في الشورجة في تجارة الفواكه وكان منهم سعد طبرة من اوائل البعثيين على المسرح العراقي وكم كان المرحوم سعد يقدم الشكر لي انا كمحامي لمراجعة خاطفة عنه ايام حكم الزعيم عبد الكريم قاسم.
لا يمكن اعادة الوضع الى سابقه اذا انتهت حياة من وقع عليه الحكم .. فهل يمكن لإناء انكسر ان يعُاد!! وكذا الإنسان اذا اُعدم فلا يمكن لصدام ولا لغير صدام الذي كان سبباً لإعدامه ان يعيد اليه الحياة. ولهذا نحن المحامون القضاة نعطي اهتمامنا الكامل للقضايا التي فيها موكلين متهمين عقوبتهم الاعدام اذ لو قصرنا في واجبنا المهني واخطأ القضاة في تطبيق القانون ونفذ الحكم فلا مجال الى تصحيح الوضع. ولهذا نرى ان الشعوب تطالب على الغاء عقوبة الاعدام وهذا مايعيد للعدالة إنسانيتها ووجوب تطبيقها بكل دقة.
يدوخني هم متعاطي السياسة الراهنة الذين استطاعوا تسلق هرم الطائفية والعنصرية والذين ان يبرروا أخطائهم بأخطاء صدام حسين وكأن الخطأ يبرر خطأ وكأن الجريمة تبرر المجال جريمة أخرى وهذا منطق المستفيدين من هذه الفكرة للاسف .
العراقيون يتوقون الى نظام ديمقراطي يملك مؤسسات دستورية قانونية..
العراقيون يتوقون الى نظام سياسي ليس فيه طائفية او عنصرية او دينية ولا يقوم على المحاصصة النسبية...
العراقيون يتوقون الى التمسك بمزيجهم الاجتماعي وأمنهم الوطني ولا يريدون ان يعيش العراق في فوضى القتل والتخريب والهدم والتدمير ..
هذا مايريده العراقيون وهذا مايجب ان يكون بإرادة الجماهير الديمقراطية الواعية.
المهم في قضية محاكمة مسئولين هذه المجزرة يريحني ان أسجل الملاحظات التالية:-
1- لا ادري من اين يملك المدعي العام الادلة ليضع طارق عزيز نائب رئيس الجمهورية ووزير الخارجية في قفص الاتهام بحجة انه كان السبب في اعدام هؤلاء التجار !! وما العلاقة بين وزير الخارجية وتطبيقات قانونية وايحلات إجرائية على المحاكم مثل قضية التجار وكيف يربطون بين توجيه طارق عزيز لخطباء الجوامع وتسيس وعظهم وكلماتهم وبين طارق عزيز وهو اساساً لا يصلي في الجامع وله كنيسته!
2- المهم في هذه المحاكمات ان تدان فكرة محاكمات بمثابة المجازر وان يعمل بكل الطاقات القانونية منع تكرارها وفق قوانين واضحة وان ترصد المبالغ في ميزانية خاصة تعويضاً لذوي الضحايا تكون اساساً للعدالة وميزانها المستقر. وعلمت ان الحكومة الامريكية قد خصصت مئات ملايين الدولارات لتعويض ذوي الضحايا بالطرق القضائية العادلة وهناك طريقتين في تعويض ذوي الضحايا بعد ان ارصد لها المال الكثير.
الاولى ان محكمة ذات الموضوع تملك صلاحية تنسيب المبلغ الذي يعوض عنه كل من ذهب ضحية هذا الاجرام البالغ عددهم اثنان وأربعون وهم تجار معروفون ذهبوا ضحية جنون الغضب للرئيس السابق.
والطريقة الثانية ان تعطي المحكمة الحق ضمن قرار التجريم والحكم انه هناك مبلغ تقدره المحكمة ليدفع كتعويض عن التجار المعدومين كل حسب ظروفه ومن الانصاف القول ان هؤلاء يجب ان يحصلوا على مبالغ لا تقل عن ماحصل عليه ضحايا انفجار الطائرة في مدينة لوكوربي Lucorby في اسكتلندا حيث حصل كل ضحية على مليونا دولار.
او ان يتضمن القرار نصاً يسمح لذوي الضحية ان يقيموا دعوة لدى المحاكم المدنية بالمبلغ الذي يرتئوه ويحكم لهم القضاء حسب رأي الخبراء.
3- اما اذا كان هناك اقارب للمنفذ فيه حكم الاعدام فله الحق ان يحرك دعوة مدنية على المسئولون ويطالب بالاضرار التي لحقت به حسب القاعدة القانونية التي تقول ان الرابطة السببية بين الفعل والضرر فمن حق المتضرر ان يطالب بالتعويض.
لا شك ان التمسك بهذه المفاهيم هي العامل المساعد لتأسيس القواعد الأساسية لمؤسسات دستورية قانونية ولا شك ان تصحيح الخطأ والاعتراف به حتى وان كان الخطأ من نظام سابق ومحاولة التعويض عن هذا الخطأ يدل على تفهم في طبيعة الشعب العراقي الذي ضحى ولا زال يضحي ويحتاج الى من يعوض عن حالات غضب الحاكمين او أخطائهم .
بهذه الطريقة الصحيحة لنا كل الثقة ان المحاكمات ستكون في سيرها الطبيعي وتتكاتف كل أطراف الموضوع لتعويض ذوي الضحايا ليرجع العراق الى قضاءه وسير عدالته الصحيح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قرار الجيش الإسرائيلي بشأن -الوقف التكتيكي -جاء بعد محادثات


.. شاهد: الآلاف يتظاهرون في تل أبيب مطالبين بعقد صفقة تبادل فور




.. مبادرة في يوم عرفة لحلق شعر ا?طفال غزة النازحين من الحرب الا


.. مع استمرار الحرب.. مسؤول كبير ببرنامج الأغذية العالمي يحذر م




.. الأونروا تحذر من ارتفاع مستويات الجوع في ظل استمرار إغلاق مع