الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل حقا أهل مكة أدرى بشعابها؟؟

عبدالجليل الكناني

2008 / 5 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


كثيرا ما يأتي احد السياسيين بمصطلح أو مقولة لتأخذ طريقها إلى التداول ومنها ما يردده بعض الواثقين من إدراكهم لما يجري في ساحاتهم المحلية والتي يرون أنهم سادتها والعارفين بها ، إن مكتهم هم أدرى بشعابها . حتى إنني حين كتبت أول مقال قصير لي عام 2003 بعد انتهاء الحرب الأخيرة في العراق ، والتي في واقعها لم تنته بعد ، فوجئت بتغيير عنوان المقالة من قبل محرر الصفحة ليحمل تلك المقولة التي كانت طازجة في حينها – أهل مكة أدرى بشعابها .
وبما أنني كاتب المقالة ويجب أن أكون ، إذن ، أدرى بشعاب مكتنا ( العراق ) ، فقد استوقفتني حيرة الخوض في تلك الشعاب المعقدة المتفرعة ، فما بال الدايخين والمضروبين على رؤوسهم من المكبسلين والحشاشة والثملين ؟ والشاربين حد الثمالة للميتافيزيقيا وكولا الأمة ، والطائفية ، والقومية ، والعرق السيد ، وروح الفروسية ، والنبالة ، وأرواح الأجداد العظام الذين سألتني عنهم ابنتي بالقول :- هل هم أجدادنا الذين ماتوا وصاروا عظام ؟ وهنا لم اضحك ولم استهجن سوء تفكيرها لأنني فوجئت بأحد الجالسين من كبار العائلة وهو يقول :
- لهذا يقولون أجدادنا العظام !!.. الآن عرفت .
ولم يكن صاحب الاكتشاف مما ذكرت سابقا بل يبدو في كامل وعيه . فهل يدرك شعاب مكة ؟؟
وهل ندرك نحن شعاب مكتنا ؟ كما يرى محللونا السياسيون وخبرائنا في الاقتصاد والنفط وكل أنواع المشروبات إلا الروحية التي منعتها مجالس المحافظات لأنها تتعارض مع الروح الإسلامية لمكة وبذلك أتاحت الديمقراطية الدينية ، لتجار الحشيشة والآرتين والبيرة الإسلامية ، الفرصة لتسيد الساحة مما ضاعف عدد المضروبين في رؤوسهم .
اختلطت الحقائق بالأوهام .وتبلورت مفاهيم جديدة عن النضال والتحرر والحرية .
كنا في زمن النظام السابق نعرف معنى وماهية وأسس الحرية والنضال من أجلها ، إلا أننا لم نكن نمتلكها ، أما الآن ، فإننا نمتلكها إلا أننا لا نعرف معناها وماهيتها وكيفية التعامل بها . كسبناها وفقدنا معناها وبذا ضاعت من أيدينا . فأصبحت حرية الفرد اعتداءا سافرا على حرية الآخر . وان أردت أن تكون حرا فما عليك سوى ان تسير في شعاب مكة المرسومة فوق خارطتها دون تفكير مثل الحمار الذي يعرف طريقه إلى البيت ، يتصرف بحرية في طريقه دون إكراه من أحد ولكنه مقيد بالطريق التي يسير بها ولو انه حاد قليلا عن عبودية الطريق سيفقد حريته بأن يُقاد عنوة وتحت وطأة السوط . هذه هي حريتنا الجديدة ولكي نستمتع بها ما علينا سوى سلوك الطريق المرسومة ونرفس من يقف في سبيلنا ،(ونخمط ) شاعرين بالأمان مازلنا فوق الطريق المقدس .
فمن أين أتت تلك القدسية ؟ هل جاءت من جوهر الدين أم من أدبيات مفترضة له ؟؟ وان جاءت من أدبيات مفترضة ، هل بالضرورة أن يكون وضعها من قبل متخصصين متدينين ، أم متخصصين لا يقرون بالدين ؟؟
إن كنا نمتلك الإجابة أو لا ، سيّان .. فالنتائج هي هي ، "الاوادم" والحمير يسيرون على نفس الطريق . فإلى أين سيؤدي بنا ؟؟
العارفون بشعاب مكة بما فيهم من أشاع هذه المقولة ، وهو رجل دين متنور، لا يمكن أن يكون قد توقع ، ذات يوم ، ما قادتنا إليه الشعاب المتفرعة لمكة .
لنأتي إلى أحد الشعاب المجهولة !
كلنا نعرف انه حين انتفض أهل الجنوب ضد الحكومة السابقة ، قامت الحكومة بقصف المدن عشوائيا مما أدى إلى انهيار المقاومين الذين صار وجودهم مصدر خطر على أهليهم ، ولكننا في الأحداث الأخيرة رأينا أن المقاومة ! قامت بقصف المدن !!!! وقد صعَّب ذلك من عمل الحكومة ولا تقولوا أن أولئك المقاومين غير هؤلاء . نحن الذين نعرف ببعض الشعاب رأينا بعضا من أولئك ضمن هؤلاء ، وبنفس شعاراتهم وأفكارهم .
كما أننا نعرف جيدا أن المقاومة في الوسط والشمال حللت قتل الجنود والمتعاونين مع الاحتلال .. !! وفجرت الأسواق الشعبية ومجالس العزاء وقطعت رؤوس . ولكنها في معاركها الأخيرة في الموصل... انسحبت !! لأنها !! لا تريد !! قتل الجنود!! وإلحاق الأذى بالمدنيين ؟؟
فمن يقود المقاومة حقا ؟؟ ألم تسقط كلمة المقاومة من أذهان العراقيين لتفقد معناها المقدس حين صارت رديف الدجل والقتل والاضطهاد والجريمة ؟؟ فمن دفع إلى ذلك ومن المستفيد ؟؟
ومن الذي رسم للأحداث لتصير إلى ما آلت إليه ؟؟
قد يقول البعض إن نتائج الأحداث طبيعية .
أنا والبعض لا يرى ذلك . مع أننا في الواقع لا نعرف جيدا شعاب الأحداث والطرق المرسومة ولكننا نرى أن من يطل على الأرض من الأقمار الصناعية يرسم الشعاب بدقة . والأصح يرسم خارطة الطريق . ولكي نكون عارفين بشعابنا وما تؤول إليه الطرق يتوجب علينا أن نعرف "عن قرب" وبعقل مفتوح غايات راسميها وان لا تخدعنا صور هلوسة الحشيشة والآرتين والبيرة الإسلامية . كما لا تأخذنا أحلام وآمال الأمس الجميلة ، فإننا مازلنا بحاجة لمعرفة جديدة في الجغرافيا وقراءة عقلانية للتأريخ كي نستطيع المساهمة في وضع خارطة الطريق التي تصل بنا إلى بر الأمان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يهاجم مجددا مدعي عام نيويورك ويصعد لهجته ضد بايدن | #أ


.. استطلاع يكشف عدم اكتراث ذوي الأصول الإفريقية بانتخابات الرئا




.. بمشاركة 33 دولة.. انطلاق تدريبات -الأسد المتأهب- في الأردن |


.. الوجهة مجهولة.. نزوح كثيف من جباليا بسبب توغل الاحتلال




.. شهداء وجرحى بقصف الاحتلال على تل الزعتر في غزة