الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من سيلقح الآخر: الضرورات الوطنية ام الرغبة الامريكية؟

عزيز العراقي

2008 / 5 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


تحرص الحكومة الامريكية على اخفاء ما يدور من مباحثات حول الاتفاقية التي تنظم العلاقة بين العراق واميركا , وهذا الحرص ناتج عن الخوف من التشويش والرفض قبل اكمال كتابة بنودها والتوقيع عليها . وفي كل الاحوال سوف لن يوقع عليها مالم تعرض على مجلس النواب لاقرارها , ولاتحتمل آلية الاقرار اخفاء بعض البنود , او التلاعب في تفسيرها عن طريق توزيع عدة طبعات بمواد مختلفة , كما حدث في مسودة قانون النفط والغاز الذي لم يقر لحد الآن . والسبب كما هو معروف , محاولة تمرير بعض المواد المجحفة , والتي لايمكن ان تحقق العدد المطلوب من اعضاء البرلمان لتمريرها . رغم تسرب الاخبار عن ارشاء بعض اعضاء البرلمان المؤثرين من قبل الشركات النفطية الكبيرة , واستلام البعض الآخر رواتب اضافية من الحكومة الامريكية .

يقول البعض ان الولايات المتحدة الامريكية اعتقدت انها تستطيع وبسهولة من ان تمرر قانون النفط والغاز الذي صيغ في الاساس من قبل شركات النفط الامريكية , واتفاقية تنظيم العلاقة التي وضعت خطوطها العريضة في واشنطن . وقد توضح خطأ هذا التقدير , رغم الصراع الدموي بين الاطراف السياسية العراقية , والتشرذم الذي لم تسلم منه اية قائمة سياسية . وفي محاولتها ( اميركا ) لتخفيض درجات العنف ووضعه تحت السيطرة, لكي تستطيع تمرير القانون والاتفاقية , والنجاح الذي تحقق بجهودها العسكرية والسياسية في تهدئة وضبط الساحة الغربية ( السنية ) , والنجاح في محاربة المليشيات والخارجين على القانون في الساحة الشيعية . ورغم ذلك وجدت نفسها امام زخم شعبي ورسمي واكب هذه النجاحات وصب في صالح المالكي وحكومته بالكامل , ويمكن لهذا الزخم ان يطيح بكل من يقف بالضد من المشروع الوطني اذ تيسر له الاستمرار في النهوض .

الادارة الامريكية وجدت نفسها امام مفصل شائك . العراقيون يطلبون منها الاستمرار في اكمال دورها , ولا مانع عندهم من عقد الاتفاقية , بل هم الآن اكثر حماسة لتكون اميركا كفيلهم مع المجتمع الدولي . الا ان الامريكان يتخوفون - وهم على حق - بانها لن تمرر ان لم تكن تخدم المصلحة الوطنية العراقية , ويرتهن انهاءها او تبديل بعض بنودها بارادة العراقيين وليس بارادتهم . وهذا هو الذي يمكن ان يكون المستنقع العراقي الحقيقي للامريكان , لاكما يتبجح بهذ التوصيف عبد الباري عطوان وفرسان القومية العربية الآخرين, او عصابات " القاعدة" والبعثيين , او متحذلقي السياسة من ذيول النظام الطائفي الايراني , عندما اعتبروا ( المستنقع ) نتيجة الخسائر العسكرية الامريكية البسيطة , وعقدوا المقارنات الهزيلة بين انتصارها السهل وتنفيذ اجندتها في العراق , وخسارتها المدمرة في فيتنام .

الشواهد على مايخطط له الامريكان في العراق كثيرة , ومجرد القاء نظرة على تشييد بناية سفارتهم المحاذية للنهر في المنطقة الخضراء – وهي اكبر سفارة في العالم – يكشف تصميمهم بالاستمرار على ادارة العراق , وباحسن الاحوال ادارة موازية للحكومة العراقية . والامريكان لن يبقوا مكتوفي الايدي امام الاستعصاء الحالي, ولن يفسحوا المجال للعراقيين في الدخول من الباب القانوني وهم يتحكمون فيه , وذلك بعدم اقرار المطلب العراقي في اخراج العراق من البند السابع ورفع وصاية مجلس الامن عنه , وهذا سبب ( تغليسهم ) عن هذه المسألة , ولم يأتوا على ذكرها طيلة الفترة الماضية . اضافة لامتلاكهم الكثير من اوراق اللعب , بما فيها اعادة التخويف بالحرب الاهلية , لانهم يمتلكون السلطة الحقيقية في البلد . وتبقى التقديرات الامريكية رهينة لعدة عوامل , وابرزها كيفية ادارة الصراع في ملف النظام الايراني وانهاء طموحاته الاقليمية .

العراقيون امامهم فرصة تاريخية لاستثمار واقع الظروف الحالية , واهمها طبيعة الصراع بين المشروعين الامريكي والايراني , وليجعلوا من الصراع على توقيع الاتفاقية مع الامريكان معركة حقيقية تولد الدفع الكفيل لاستكمال بناء المشروع الوطني , وهذا لايعني ممالئة طرف على طرف آخر , بقدر ما هو استفادة من تناقض المشروعين لتقوية المشروع الوطني الضعيف , وتثبيت حقوق العراقيين . وهذا يستوجب المشاركة الفعالة لمختلف الطيف السياسي العراقي في المباحثات الجارية الآن . وبعكس التكتم الحالي الذي يريده الامريكان , يتم الكشف عما توصل اليه , وتتم مناقشته شعبياً ليكون مختبراً حقيقياً لتطوير الانتماء الوطني الذي عانى ولايزال يعاني من الركود .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار البحث عن مروحية كانت تقل الرئيس الإيراني ووزير الخار


.. لقطات تحولت ا?لى ترندات مع بدر صالح ????




.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن هبوط مروحية كانت تقل الرئيس ا


.. غانتس لنتنياهو: إذا اخترت المصلحة الشخصية في الحرب فسنستقيل




.. شاهد| فرق الإنقاذ تبحث عن طائرة الرئيس الإيراني