الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أية ذهنية يحملها النواب..؟!

وليد الفضلي

2008 / 5 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


هدأت عاصفة الحملات الانتخابية، والجميع ينتظر دوران العجلة السياسية، واستئناف الحراك في أروقة المؤسسة التشريعية الكويتية، المقرر في الأول من شهر يونيو المقبل، إلا أن مسيرة الاستئناف والحياة الجديدة هذه ليست بالأمر السهل!، إذا ما أريد لها أن تكون مغايرة لسيرة التأزيم القديمة بين أقطاب المعادلة السياسية المتمثلة بالمواطن، ومجلس الأمة، والحكومة، وتصحيح أبعاد الصورة السلبية لمجلس الأمة، والقارة في أذهان كثرة كاثرة من المواطنين، بالإضافة إلى تجديد الثقة بجدوى وفاعلية المؤسسة التشريعية في تحقيق منجز تنموي يضمن حالة الرفاه التي ينشدها كل مواطن، بعدما تكسرت آماله طيلة المجالس السابقة.

يمكن اعتبار الدورة الجديدة للمجلس بأنها انطلاقة النجاح لمجموعة من الإخوة النواب في تحقيق رؤاهم، ولكنها أيضا خطوات السقوط، والفشل السياسي المحقق لمجموعة أخرى؛ نتيجة لجبال الوعود الهشة، والمتراكمة عند بوابات مقارهم الانتخابية، وبيعهم الوعي المزيف لآفاق ومتطلبات المسيرة الإصلاحية، بالإضافة إلى التصدي المزعوم لمنظومة الفساد، والمفسدين الذين هم جزء منه في بعض الأحيان، ناهيك عن الفزعات الانتخابية التي تطايرت معها العُقل(جمع عقال)، والعقول والمُنتظِرة من يعيدها إلى رؤوس المصوتين عبر خدمات شخصية قانونية، وأخرى غير قانونية.

لذا يتوجب على النواب الذين نالوا شرف تمثيل الأمة مراجعة ما أملوا الناخبين فيه، وإعادة بناء ما طُرح في ندواتهم الانتخابية عبر برامج وطنية، ومشاريع قوانين قادرة على اختراق من يسعى جاهداً إلى تعطيل فاعلية الحياة البرلمانية، وهذا لن يكون إلا عبر خطوات جادة تبدأ من تغيير الذهنية التي يعمل بها النائب، وصولا إلى خلق أرضية للشراكة مع باقي النواب لتفعيل تلك الأطروحات على أرض الواقع.

فلا بد للنواب الجدد من التحرر من ذهنية الحملات الانتخابية القائمة وبشكل أساس على ركيزة المعارضة اللفظية من خلال العبارات الخطابية الرنانة، والشعارات الدعائية لتي تخاطب مشاعر الجمهور وعواطفه من دون اعتبار للشروط الموضوعية التي لزاما الأخذ بها بعيداً عن جعجعة الشعارات الانتخابية، كما لم تعد تجدي أطر المعارضة التي دخلها الكثير من المرشحين، ودعاة الإصلاح السياسي في ظل غياب مشروع عمل وطني للمعارضة، يشكل القواعد،والمبادئ اللازمة لتحقيق الاستقرار السياسي، والاجتماعي، والرفاه الاقتصادي.

وإذا ما انتقلت عدوى هذه الذهنية الانتخابية إلى جلسات مجلس الأمة؛ فإن الجعجعة ستستمر وتتفاقم وتتحول المعارضة النيابية بالتالي إلى معارضة دعائية فقط، وقد بدا واضحاً تذمر المواطنين من أداء النواب في المجلس، وعجزهم عن تحقيق النقلة النوعية المطلوبة، حتى وصل الحال إلى الشعور بعدم جدوى الممارسة الديمقراطية، والتمني بتعطيل الحياة البرلمانية، التي طالما تفاخر فيها المواطن الكويتي وهو جالس بالقرب من قرع مطارق البناء، والتحديث العمراني،والاقتصادي في دول الخليج القريبة، وهذا مؤشر إلى أن الشارع الكويتي بات يعتقد بأن السلطة التشريعية تتحمل المسؤولية الكبرى في إعاقة التنمية، والإصلاح في الكويت. فما أحوجنا اليوم إلى عقلنة أصوات المعارضة النيابية، وترجمة شعاراتها إلى مشاريع، ومطالب سياسية، من دون إغفال دور المعارضة، أو تغييبها، فهي الصوت المكمل في الحراك السياسي الحر متى ما تطابقت أجندتها العليا مع أجندة المصلحة الوطنية، ومشروع بناء الدولة.

كما تحرص ذهنية الحملات الانتخابية على زعزعة صورة الشريك الثاني في العملية السياسية، والمتمثل بالحكومة، وتمزيق كل صحائف الشراكة التي ننعم بها في الكويت. وفي تصوري أن هذه الممارسة هي تشويه حقيقي للوعي السياسي للمواطنين، فالإصلاح لا يعني معاداة ومحاربة السلطة التنفيذية المؤتمنة على تجسيد الرؤية التي توافق عليها المؤسسون الأوائل في الكويت منذ أولى لبنات بناء النظام الدستوري، ولا يمكن بأية حال من الأحوال تحقيق أي مشروع تنموي، وإصلاحي في ظل حكومة يضعفها القريب، والبعيد، ويسلبها إرادة الإصلاح، والتنمية. بالطبع هذا لا يعفي الحكومة من الرقابة البرلمانية، ولكن ما نرفضه هو انتقال ذهنية الحملات الانتخابية، وحفلات الشتم، والتخوين، وتصفية الحسابات إلى قاعه المغفور له الشيخ عبدالله السالم (رحمه الله) وافتعال صراعات مع الحكومة، متغافلين دورهم الأساسي في تشريع القوانين، والمساهمة في رسم وتنفيذ الخطط التي من شأنها أن تحد من التجاوزات والتعديات بشكل حقيقي وجذري وفق منظور علمي ومدروس.

كما تستمد ذهنية الحملات الانتخابية قوتها من العزف على أوتار الانتماءات الفرعية المختلفة سواء كانت فكرية أم طائفية، أم قبلية، أم مناطقية... على حساب الانتماء الأصيل للوطن، وتقسيم المجتمع إلى فسطاط من هو معي، مقابل فسطاط من هو ضدي، والذي لا يقوم إلا على أنقاض مشروع الدولة المدنية التي بني عليها الدستور الكويتي، فيكون الولاء والوفاء إذ ذاك للانتماءات الفرعية وترسيخ الهويات الخاصة وليس لهوية المواطنة. وهذا ينعكس بدوره على أطروحات وتوجهات النواب داخل المجلس والتي ترسخ، وتطبع هذا التفكير، والسلوك في المجتمع، وتؤدي إلى خلق مناخ اجتماعي متوتر يضعف الهوية الوطنية.

إن تجاوز ذهنية الحملات الانتخابية والدخول في ذهنية صانع القرار والتشريع؛ يعني ممارسة الحق التشريعي، والرقابي وفق رؤية واضحة المعالم نحو الإصلاح، والتغيير السياسيين، وزراعة سنابل الأمل، والنور في المستقبل من أجل وطن يتسع للجميع على اختلاف ألوانهم الطائفية، والعرقية، والطبقية، وخلق مناخ الاستقرار السياسي، والاجتماعي، والابتعاد عن لغة التخوين، والتشكيك، والالتزام بقيم سور أهل الكويت الأصيل «الدستور»، فلا زال هنالك الكثير من الآمال، والطموحات التي نعلقها على جدارية مجلس الأمة الجديد لإضاءة مناطق الظلمة في كويتنا الحبيبة.

كاتب كويتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خيم اعتصامات الطلبة تتوسع في بريطانيا | #نيوز_بلس


.. أعداد كبيرة تتظاهر في ساحة الجمهورية بباريس تضامنا مع فلسطين




.. حركة حماس: لن نقبل وجود أي قوات للاحتلال في معبر رفح


.. كيف عززت الحروب الحالية أهمية الدفاعات الباليستية؟




.. مفاوضات للهدنة بغزة مع تحشد عسكري إسرائيلي برفح