الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مكافحة إرهاب الأنترنيت

زهير كاظم عبود

2008 / 5 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


في اجتماع لوزراء العدل في الإتحاد الأوربي عقد في لو كسمبيرغ تم الاتفاق بالإجماع على تحريم عمليات التحريض التي تدعو لارتكاب أعمال إرهابية ، وتم التأكيد على عمليات التحريض والدعوة لارتكاب عمليات إرهابية في الأنترنيت ، بالإضافة الى تحريم وسائل الدعاية والتغرير التي تقوم بها بعض صفحات الأنترنيت المساندة للإرهاب ، والتي تدعو الى استقطاب العناصر وغسل أدمغتها وتدريبها .
وتم اعتبار تلك الأفعال المساندة للإرهاب بمثابة التحريض العلني أو المتسترة تحت ذرائع دينية الى جنح إرهابية تخضع للملاحقات القانونية ، وحث البيان الصادر عن وزراء العدل للإتحاد الأوربي التعرف على المجرمين ومحاولة تجنب أفعال الجنح التي ترتكب .
وأشار البيان أن هدف القرار الذي يكمن في توفير الآليات المناسبة التي تسمح للأنظمة القضائية في كافة أنحاء الاتحاد الأوربي مقاضاة المجرمين الذين ينشرون الدعاية العنيفة التي تتمثل في عرض معلومات حول بعض التكتيكات الإرهابية ، أو الإرشادات حول كيفية صنع العبوات والمتفجرات وفي تحريض الآخرين على ارتكاب الأفعال الإرهابية .
وكانت بعض المواقع الأنترنيتية قد استغلت الفسحة الديمقراطية التي توفرها دول الإتحاد الأوربي ، واحترامها لعقائد البشر وخصوصياتهم ، قد نشرت تعليمات تدعو أتباعها لعمل العبوات الناسفة والقنابل الحارقة ، وتعليمات حول قنابل لسموم وغيرها ، وتدعو بشكل فاضح وسافر الى ارتكاب أعمال القتل والذبح ، ما جعلها خطرة على الإنسانية في كل مكان ، بالنظر لتوظيف قدرات وعقول أصحابها على عمليات الإرهاب والقتل .
وتم رصد تلك المواقع وتحديدها ومراقبة من يشرف عليها أو يساهم في الكتابة بها ، حيث صرح منسق الاتحاد الأوربي لمكافحة الإرهاب السيد جيل دو كيرشوف في نقاش ضمن البرلمان الأوربي بمساهمة تلك المواقع في التورط بالأعمال ألإرهابية والمساهمة بها وإغواء الشباب لارتكاب مثل تلك الجرائم .
وبناء على اقتراح من ألمانيا تم توكيل شرطة يوروبول الأوربية مهمة مراقبة الأنترنيت ، كما تم الاتفاق على خطة منفصلة تهدف الى تشديد الرقابة على بيع المتفجرات والأدوات المستعملة في صنع القنابل وأعتبر ذلك ألاتفاق مكملا لقوانين الإتحاد الأوربي الخاصة بمكافحة الإرهاب الصادرة عام 2002 .
أن هذا القرار سيسهل للشرطة في البلدان الأوربية السبعة والعشرين أن تغلق تلك المواقع الإرهابية والداعمة للإرهاب والتي تحث على العنف ، وتفرد صفحات وكتابات لتوضيح وسائل وتعليمات صنع المفخخات والقنابل ، كما سيمكن الشرطة من تسهيل الإجراءات القانونية للقبض على مثل هؤلاء ، بالإضافة الى تمكن الشرطة من تعقب هذه النماذج الإرهابية حتى عبر الحدود الأوربية .
ويبدو إن النزعات المريضة المتأصلة في نفوس بعض الإرهابيين انتقلت الى الانترنيت من خلال تلك الدعوات والكتابات التحريضية ، ونداءات الموت التي تطلقها تلك المواقع ، والتي تدخل في باب المسؤولية الجنائية ، باعتبارها تحريض على القتل وجرائم ضد الإنسانية ، وقد بدأت تنتشر وتأخذ مسارا خطيرا مما يوجب على المجتمع الدولي حماية الإنسانية من تلك النزعات ، ومحاولة تحجيم دورها وفعلها الإعلامي التحريضي ، بالإضافة الى سعيها لتبني مواقف التنظيمات الإرهابية والترويج لها وتزويق مواقفها ، وإيهام القارئ والمشاهد والمستمع أنها دعوات دينية ووطنية .
وبناء على الدور الكبير الذي تضطلع به المواقع الأنترنيتية في نشر الثقافة ، فأن دور المواقع الأنترنيتية الداعمة والمساندة للإرهاب يجسد دورا متناقضا ومعاكسا مع مفهوم الثقافة وقيم المحبة والتآخي ، من خلال أثارة النعرات الدينية والقومية والطائفية التي تعتمدها تلك المواقع ومن يشرف عليها .
كما إن نشر بيانات التنظيمات الإرهابية وسح المجال للإرهابيين نشر أمراضهم من خلال تلك القنوات يمثل أيضا تجاوزا على الإنسانية وخطورة اجتماعية علي الحياة البشرية ، وإذ تتجاوز تلك القنوات الإعلامية حين تصل الى نشر الأشرطة المصورة لتلك التنظيمات حين تقوم بقطع الرؤوس أو إعدام الأبرياء تحت حجج وذرائع متعددة ، ما يعتبر ترويجا ونشرا تلك الأفكار الإجرامية التي تعتمدها تلك العقليات المتخلفة والمريضة .
إن كشف تلك القنوات الإعلامية والمواقع الأنترنيتية يتفق مع الأمن الدولي والحماية الإنسانية وتحصين العقل من خطر الإرهاب ، ومن يدقق في كتابات بعض المواقع ويتابع القنوات الفضائية يلمس بشكل واحد النهج التخريبي والمدمر للعقل البشري وخصوصا في المناطق المتخلفة والبلدان النامية ، من خلال استغلال الدين والتطرف الديني والمذهبي لغايات سياسية وإرهابية ، فتعمل تلك القنوات والمواقع على تشويه الحقيقة والتناقض في الفكر والرأي والسعي لتأصيل المنهج الإرهابي واعتماده زعما بأنه منهج بطولي وديني .
وتكمن الخطورة في تلك القنوات والمواقع أنها تدخل الى البيوت والأماكن القصية دون استئذان ، وتسعى لنشر الفكر الإرهابي وتدعو لتمجيد أعماله وبطولاته في الأعمال الإجرامية التي راح ضحيتها أعداد كبيرة من البشر .
وإذ تعتمد تلك الدول الى الملاحة القانونية لتلك المواقع ، فأن السياسة الأمنية تدعو في أحيان الى اعتماد تلك المواقع كمصائد للمغفلين والمتطرفين ، أو يتم اعتمادها لتمرير سياسة معينة بعد دراسة عميقة للواقع النفسي الذي تعيشه العقول المراد التخاطب معها .
ومع تطور الانترنيت تتطور أساليب التخاطب بين تلك العقليات الإرهابية حين تعمد الى استعمال الرموز والشفرات في إيصال الرسائل والتعليمات ، مع عدد آخر من مواقع الانترنيت التي تميل الى النهج الإرهابي تسقط في فخ النشر والتحريض الواضح والصريح على القتل وتمجيد العمل الإجرامي والإرهابي .
ولهذا فأن على المجتمع الدولي والمؤسسات الفاعلة التي تعتمد سياسة مكافحة ألإرهاب أن تطور عملها وأساليبها بما يرتقي الى مستوى التطور التقني والعلمي الذي يصله علم الانترنيت والوسائل السمعية والبصرية بدلا من تلك الوسائل التقليدية ، بالإضافة الى مواقف موحدة لحماية البشرية من تلك الجرائم المروعة ، والسعي من خلال جميع الوسائل لمنع ارتكاب تلك الجرائم الإرهابية وإنقاذ من يحاول الاشتراك بها بأية وسيلة ، ومعاقبة من يشرع بارتكابها أو يساهم فعليا بارتكابها لأي سبب .
وحين توفر المجموعة الأوربية تلك الفسحة من الحرية لبعض المواقع الأنترنيتية ، فأن ذلك يدخل ضمن مبادئها الأساسية في الديمقراطية والحرية الا أن استغلال تلك المفاهيم استغلالا سيئا وخطيرا ، ومحاولة السعي لإيجاد موطئ قدم للمنظمات الإجرامية والإرهابية في تلك الدول من خلال تلك المواقع ، يعد عملا خطيرا لافتا للنظر يستوجب موقفا قانونيا يتناسب مع خطورته الإجرامية ، وعلى تلك الدول الأوربية أن تعيد النظر في الأوضاع القانونية لتلك المواقع ، لأن الإرهاب لم يتحدد ضمن منطقة معينة أنما يهدد العالم والكيان البشري بشكل عام ، من خلال الأفعال الإجرامية التي طالت العديد من تلك الدول ، ويصاحبها تلك الدعوات والصيحات لمسعورة والمريضة التي تطالب المتطرفين بالمزيد من الدماء والموت وقطع الرقاب ، والتباهي بمنطق الإرهاب ، بالإضافة الى ارتكاب أعمال القرصنة والهكر والتجسس على المواقع التي تعتمدها تلك التنظيمات والمواقع ، كأسلوب من ضمن الأساليب الإرهابية التي تعتمها في العمل .
وإزاء القصور القانوني الدولي تجاه تلك الأعمال باعتبارها أعمالا تهدد الجنس البشري والأمن الإنساني ، وتعرض الحياة البشرية الى القلق والخوف والرعب الدائم ، بالإضافة الى التعدي السافر على الحرية الإنسانية ، وتخريب عقول السذج من الناس وتشويه الصور الحقيقية لمفاهيم الإرهاب ، حين تقوم تلك المواقع بتمجيد الشخصيات الإرهابية المطلوبة دوليا ، وإظهار العمل الإرهابي كعمل بطولي ، فأن الأمر يتعدى البحوث التي تبحث في هذا الشأن ، وتتعدى أيضا المؤتمرات والتجمعات الدولية ، حيث أن المطلوب حالة من الردع القانوني منسجمة مع معايير القانون الإنساني والولي والمعاهدات الدولية ومفاهيم حقوق الإنسان ، التي توجب على الحكومات السعي اعتمادا على جميع الوسائل القانونية لحماية الجنس البشري من الجريمة والمجرم .
وبات الأمر ملحا وضروريا أن تبدأ ليس فقط المجموعة الأوربية الاتفاق على مثل تلك المساعي ليقوم اتفاقها الأخير على تشديد قوانين مكافحة الإرهاب ، إنما تتوجه الدعوة الى كل الدول المتمدنة والساعي لاحترام آدمية الإنسان وحقه في الحياة بأمان .
وأيضا فضح تلك المواقع التي تعتمد الأساليب الإرهابية وإشاعة ونشر الجريمة بين الناس ، إذ ليس من المعول أن يتم ذلك تحت يافطة الديمقراطية وحرية الرأي ، لأن الحث والدعوة الى الجريمة لاتدخل في باب الرأي ولا تحميها الديمقراطية ، وأن تتم إدانة السلطات التي توفر الفرصة لتلك المواقع وتشخصيها وحثها على احترام الإنسان وحقوقه المشروعة ، لأن تلك المواقع نفسها لاتلبث أن تنقلب عليها لأن الإرهاب لا يعتمد قيما ثابتة ومحددة في ارتكاب الجريمة .
أن مراقبة الإرهابيين الذين يتخذون من شبكة الانترنيت وسيلة لبث أفكارهم ومخططاتهم وأيضا لتجنيد إرهابيين جدد وإشاعة الكراهية في العالم فان التصدي الفعال سيكون قانونيا ومشروعا حماية للبشر من نتاج تلك الأساليب والأفعال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بات اجتياح رفح وشيكا؟ | الأخبار


.. عائلات غزية تغادر شرق رفح بعد تلقي أوامر إسرائيلية بالإخلاء




.. إخلاء رفح بدأ.. كيف ستكون نتيجة هذا القرار على المدنيين الفل


.. عودة التصعيد.. غارات جوية وقصف مدفعي إسرائيلي على مناطق في ج




.. القوات الإسرائيلية تقتحم عددا من المناطق في الخليل وطولكرم|