الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإلهاءُ العامُ...

حسام محمود فهمي

2008 / 5 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


تذمرٌ، إحباطٌ، غضبٌ، اختناقٌ، رفضٌ، اكتئابٌ، حالُ المصريين الآن، المعيشةُ أصبحت ضنكاً، اقتصادياً وسياسياً. الجيوبُ خاويةٌ، البطونُ فارغةٌ، العقولُ مطحونةٌ، لا أملَ ولا عملَ، الشعورُ بالاستغفالِ عامٌ، استغفالُ من يحكمون بوهمِ ذكائهم وألمعيتِهمِ وهطلِ الشعبِ. الحكمُ للقلةِ، وأيضاً الرزقُ، المشاكلُ تتأزمُ، تحاصرُ من يحكمُ، لا مفرَ له إلا بالأمنِ، بالقمعِ، بالتحايلِ، بالتحاذقِ.
مصرُ تعيشُ أغربَ علاقةٍ بين حاكمٍ ومحكومٍ، علاقةٌ لا تقومُ علي احترامِ الحاكم للمحكومين، والنتيجةُ عنترياتٌ في السياساتِ والتعييناتِ والتصريحاتِ. مصر لم تتقدم صناعياً ولا زراعياً ولا اجتماعياً، بل علي العكسِ، احصاءاتُ التقدمِ الاقتصادي لا يقابلُها إلا منتهي الضنك المعيشي والتدهورِ في التعليمِ، والهروبِ الجماعي للشعبِ إلي دنيا الخرافاتِ والخزعبلاتِ والتعلقِ بأهدابِ ماضٍ لم يُر لعلَ فيه الخلاصُ. أزياءٌ سوداءٌ قاتمةٌ وجلاليبٌ بيضاءٌ قصيرةٌ لبيئةٍ صحراويةٍ جرداءٍ قاحلةٍ، ليست البيئةَ المصريةَ، لكن يُتوهمُ فيها الخلاصُ، لما لا وفيها الآن المالُ وعقودُ العملِ التعسفيةِ التي يُشتري فيها الإنسانُ مقابل تغيير عقيدتِه أو التشددِ فيها.
الحكمُ لا يعشقُ إلا الاستمرارَ علي السلطةِ، أُصيبَ بجنونِها، أدمنَ الألوانَ والأضواءَ والميكروفوناتِ، في الفارغةِ وما أندرَ الملأنةِ. لتأبيدِ الاستحوازِ علي السلطةِ لا بدَ من صرفِ العيونِ عن النظرِ إليها أو البحلقةِ في شاغليها، لا بدَ من شغلِ الشعبِ، حتي لا ينظرَ إلا فيما يُنغصُ حياتَه، المفتاحُ إذن تنغيصُ الحياةِ. كيف؟ بممارساتٍ تثيرُ الجدلَ والقلقَ. قوانينٌ جدليةٌ، للانتخاباتِ وللمرورِ وللطفلِ وللنقاباتِ وغيرِها وغيرِها، انتخاباتٌ هزليةٌ وضربٌ وسحلٌ، إدعاءُ تطويرِ التعليمِ، بالتلاعبِ بعددِ سنواتِ المرحلةِ الابتدائيةِ والثانويةِ العامةِ، بالتقويمِ المستمرِ من خلالِ أعمالِ السنةِ، بتقليلِ المقبولين بما يُسمي كلياتِ القمةِ تحت حجةِ ضغوط مافيا النقاباتِ المهنيةِ المتباكيةِ علي المهنةِ وما هو إلا بكاءٌ علي رزقٍ وفيرٍ للأقليةِ من أعضائها. أما تعييناتُ المسئولين فهي مفتاحُ المفاتيحِ، شخصياتٌ جدليةٌ في طباعِها وأفكارِها تثيرٌ المشاكلَ بطبيعتِها، فينشغلُ المتأثرون بها في صراعاتٍ معها يستحيلُ أن تنتهي، ما أكثرَ الترصداتِ والتراشقاتِ مع وزراءٍ ما تميزوا غير في فلتان اللسانِ وجموحِ التصرفاتِ وشطحاتِ ما في الدماغِ. إن لم يكن المسئولُ فلتاناً، فما المانعُ أن يكونُ صورةً مهزوزةً، تهزُه كلمةٌ أو شكوي كيديةٌ، يقررُ بأذنِه قبل عقلِه، مرعوبٌ مرتجفٌ، يجعلُ المتعاملين معه في حالةِ استنفارٍ دائمٍ، لا بدَ أن ينظفوا دماغَه مما دخلَها أولاً ممن سبقَ في الوصولِ إلي أذنِه. مناخٌ كئيبٌ، الكلُ متوترٌ متحفزٌ مستنفرٌ، لا وقتَ ولا مزاجَ للنظرِ لفوقِ، لمن أخذوا السلطةَ وأدمنوها ويتناقلنوها فيما بينهم.
علاوةٌ وهميةٌ تلتها زياداتٌ مخططةٌ في الأسعارِ، مع كلِ العمدِ والإصرارِ، نموذجٌ لعلاقةٍ مع الشعبِ تبعدُ تماماً عن تقديرِ عقلِه وفهمِِه، تتصورُ أنه لم يفهم أسبابَ الإعلانِ عن العلاوةِ، وكأن اليومَ بلا غدٍ وأن مقلبَ الآن سيكونُ بلا ردٍ!! الشعبُ فعلاً مشغولٌ بمفاتيحِِ التنكيدِ عليه، لكن إلي متي؟ يستحيلُ أن يستمرَ مخططُ الإلهاءِ، الاخفاقاتُ كثيرةٌ، تخطت حدودَ التحملِ، للصبرِ حدودِ، مصرُ علي صفيحٍ ساخنٍ، طيورُ الظلامِ تتأهبُ، استر يارب،،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف استعدت إسرائيل للقضاء على حزب الله؟


.. شهداء وجرحى بغارة إسرائيلية على مسجد يؤوي نازحين في دير البل




.. مظاهرات في مدن ألمانية عدة تأييدا لفلسطين ولبنان


.. شهداء ومصابون جراء قصف الاحتلال منازل مواطنين في بيت لاهيا ش




.. مظاهرة في العاصمة البريطانية لندن نصرة لغزة ولبنان