الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فخامة لبنان...اسيرة..وطليقة!؟

بسام الهلسه

2008 / 6 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


إلى الأصدقاء والصديقات اللبنانيين...
أرجـو التعامل مـع مقالتي هـذه كمقترح لحوار
يعيد التأكيد على بوصلة الأسس كي لا نتناثر ونغرق
فـي ركـام التفـاصيل التي تفرضهـا الوقائـع اليومية
مع التقدير الكبير والاحترام{
* * *
* "لبنان" كلمة كنعانية تعني "الأبيض" نسبة إلى قمم جباله العالية المغطاة بالثلوج. والكنعانيون هم سكان بلاد الشام القدماء وبناة حضارتها وممالكها ومدنها: "القدس"، "عمون"، "عسقلان" صيدون، صور، جبيل، أوغاريت، أرواد، مؤاب، و"قرت حدش" (قرطاج) التي غزا قائدها "حنا بعل" إيطاليا وهدد روما.
وهم من بسطوا سلطانهم وثقافتهم على ضفاف المتوسط وقدموا للبشرية الإنجاز العظيم الخالد : الأبجدية.
ومنذ عهود الكنعانيين السحيقة، ومن تلاهم من أمم ودول تعاقبت على المنطقة، ظل اسم لبنان يطلق على "الجبل" –بصيغة المذكر- حتى قرر الاحتلال الفرنسي "تأنيثه"، فقام بإلحاق ولايات سورية أخرى به فصار "دولة لبنان الكبير" ثم "الجمهورية اللبنانية".
وبحكم نشأتها، وتركيبتها متعددة الطوائف، توافق قادتها –عهد الاستقلال- على تسوية فريدة اشتهرت باسم "الصيغة اللبنانية" تقوم وفق نظام تقاسم ومحاصصة طائفية للدولة ووظائفها وأجهزتها.
* * *
ولأن كل تسوية تظل مرهونة بالظروف التي انتجتها، كان بديهياً أن ينفجر النزاع والتطلعات المكبوتة كلما حدث تغير في الظروف أو توازن القوى، مما فسح المجال دائماً لمداخلات خارجية متعددة المصادر والاستهدافات، كما حدث مراراً في تاريخ لبنان، ويمكن أن يحدث في أي وقت كما شهدنا مؤخراً، لولا إدراك القوى الفاعلة فيه، وفي اللحظة المناسبة، مخاطر المضي في الصراع على حافة النار والهاوية، ولولا التدخل العربي السريع الذي وفر للقوى اللبنانية الجو المناسب للتوصل إلى تسوية جديدة في الدوحة، أشاعت الارتياح في أوساط اللبنانيين والعرب على السواء.
* * *
لكن الانتقال من "التسوية" إلى "سكة الخلاص" يحتاج إلى ما هو أكثر من تقاسم وإعادة تقاسم حصص الدولة والحكومة والمجلس النيابي... يحتاج إلى إعادة نظر جذرية في بنية لبنان: الشعب، والوطن، والدولة، والهوية، والانتماء. وإلى صياغة لبنان كوطن ودولة أولاً، لا كمؤسسة مساهمة طائفية! ويحتاج إلى تأكيد وتقنين شخصية اللبناني واللبنانية كمواطنين في علاقتهم بالدولة وببعضهم البعض الآخر. لا كرعايا واتباع لطوائف متعددة متنازعة، تتوزع بين عائلات وزعامات (إقطاعية، أو دينية، أو مالية) تتصارع للاستحواذ على السلطة والثروة والنفوذ، فيما تترك لأغلبية اللبنانيين –من كل الطوائف والمناطق- اقتسام ما تبقى: الحرمان، والإهمال، والتهميش، والفساد، والتهجير، وفقدان الأمن، والبقاء قيد الخطر...
هذا الشرط الداخلي مهم وضروري جداً، خصوصاً إذا ما تذكرنا خطاب أولئك الذين يتحدثون دائماً عن "حروب الآخرين على أرض لبنان" ليسبغوا على أنفسهم براءة مصطنعة، بتجاهل العامل الداخلي البنيوي في الصراع اللبناني.
وهو خطاب يدحضه أبسط اطلاع على تاريخ لبنان (الجبل أو الدولة) خلال القرن التاسع عشر (أحداث 1840، 1860م) والقرن العشرين (أحداث 1958، 1975م) حيث تلونت المعارك الطبقية بأصباغ طائفية وعائلية، وامتزجت المنازعات الداخلية بقضايا الامة والهوية والانتماء ومداخلات الآخرين على اختلافهم.
لكن هذا الشرط الداخلي ليس بكافٍ لتجاوز وضعية "دولة الطوائف والعائلات" إلى "دولة الوطن والمواطنين"...
وإنما يتكامل مع إدراك القوى اللبنانية الفاعلة لموقع لبنان وما يتطلبه من علاقات وارتباطات بمحيطه المباشر...
فإذا كان ممكناً تغيير التاريخ والتدخل في مساراته وتوجهاته، فإن للموقع الجغرافي منطقه الذي ينبغي الإصغاء إليه واستيعاب ضروراته..
والأمم التي تجاهلت هذه المعرفة البسيطة، دفعت غالياً ثمن تجاهلها...
واللبنانيون، الذين حصرت فئة منهم نظرها باتجاه البحر فقط، وظلت تصرفاتها أسيرة لمنطق "الجبل" وذكرياته وهواجسه العتيقة، متجاهلة ما صارته وضمته "لبنان الجمهورية" من: سهل، وساحل، ووادٍ...
ومتجاهلة أكثر لمحيطها الذي تتعامل معه بمنطق الاستخدام النفعي الآني، هم أولى الناس بإدراك هذه المعرفة الأولية بعد تجاربهم الضارية المتواترة.
وهي معرفة تستدعي التدقيق أكثر –وبعمق- في ما توجبه الجغرافية على التاريخ، وما تقترحه –وتمليه أحياناً- على مساراته وتوجهاته.
فالوطن، ليس ملعباً تتبارى فيه الفرق ثم يعود كل منها إلى ناديه! أو سفينة عائمة يصعد فيها من يصعد وينزل منها من ينزل! ومحيط لبنان و"حاضنتها العربية"، ليس هيئة طوارئ تستدعى فقط في الأزمات!
وسواء تبدت لبنان معممة أم سافرة، كنعانية (وليس "فينيقية" حسب التسمية الإغريقية) أم عربية، فلا بد لها من وعي هذه الضرورة التي تشترط حريتها...
* * *
ونجاح اللبنانيين –بمعونة عربية أكيدة- في تجنب حريق أهلي جديد، والتوصل إلى "تسوية" شرعوا في تنفيذها بانتخاب الرئيس، أكد أنهم أصحاب القرار الأول فيما يتعلق بشؤونهم..
لكن الانتقال من حالة "التسوية" -التي قد تكون مجرد هدنة للمتحاربين- والعبور إلى عهد جديد وسلم وطيد، يحتاج إلى ما هو أكثر وأعمق...
وهو ما يعرفه اللبنانيون أكثر من أي طرف آخر، ولا يحتاجون لمن يعظهم و"ينظِّر" لهم.. ويعرفون جيداً أين هي مواضع أقدامهم، وإلى أين ينبغي أن تسير، ومع من...
وبانتظار العهد المأمول الذي نشهد فيه انتخاب "فخامة لبنان" (الوطن والدولة والمواطنين)، ربما علينا أن نتذكر ما هو معروف: لا خلاص للبنان ما دامت "أسيرة" "داخل" بنيتها الطائفية والعائلية، و"طليقة" "خارج" انتمائها ومحيطها العربي...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف