الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في (اتفاق الدوحة)

محمد سيد رصاص

2008 / 5 / 30
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


أظهرت أحداث أيار2008أن بيروت هي أكثر تأثيراً على نفوس أبناء المنطقة من بغداد التي تعيش حريقاً ملتهباً أصبح عمره خمس سنوات.
من هنا،يبدو أن القلق الذي اعترى عواصم(عاشت صراعات وتفارقات كبرى في السنوات الأخيرة)من تلك الأحداث،قد استدعى تلك الإطفائية،ممثلة في دولة قطر التي هي نقطة تلاق لتلك العواصم،لإطفاء الحريق اللبناني،بعد أن أظهرت تلك العواصم مؤشرات على عدم الرغبة،والمصلحة،في حريق ثاني داخل منطقة الهلال الخصيب،الذي هو العصب المركزي للشرق الأوسط ،وبالذات في شرق المتوسط الذي كان التهابه منذ يوم 15أيار1948 مقلقلاً للسلام العالمي.
يلفت النظر،هنا،كيف أن الحريق العراقي المشتعل منذ يوم 9نيسان2003قد أدى إلى انتهاء مرحلة"السلم الأهلي"في لبنان،البادئة منذ يوم13تشرين أول1990إثر شهرين من التوافق السوري-الأميركي في أزمة الكويت،وذلك بعد أن أدى التصادم الأميركي- السوري تجاه العراق المغزو والمحتل إلى رفع الغطاء الأميركي عن الدور السوري في لبنان عبر(القرار1559)2أيلول2004،وماولَد ذلك من مشهد جديد في بلاد الأرز لماتلاقت أكثرية مجتمعية لبنانية مستاءة أورافضة للوجود السوري مع الرياح الدولية وماقاد إليه ذلك من انسحاب سوري عسكري من لبنان في26نيسان2005،أتى بعد أسابيع من تنضد المشهد اللبناني بين معسكري(14آذار2005)و(8آذار2005)،ماعبَر عن تموجات لبنانية لم تكن بعيدة عمايجري في المنطقة الإقليمية وخاصة بعد اتجاه طهران إلى الإفتراق عن واشنطن في شهر آب2005مع استئناف برنامج التخصيب النووي،قاطعةً تلاقيات مع الأميركان ظهرت في غزو أفغانستان2001وفي ذلك الذي حصل عام2003للعراق،لتخرج ايران بوصفها الرابح الأكبر منهما.
لم تكن حرب12تموز2006بعيدة عن أن تكون تعبيراً عن تصادم(الدولي)= واشنطنو(الإقليمي)=طهران،ومحاولة من كليهما لكسر التوازن في المنطقة لصالح أجندات أحدهما:مال التوازن في المنطقة إثر تلك الحرب لصالح(الإقليمي)،وهذا ماأنتج تطورات لبنانية كبرى،حاول من خلالها حزب الله ترجمة نتائج تلك الحرب على الوضع الداخلي،في مواضيع(المحكمة)و(الحكومة)و(انتخابات الرئاسة)،مماانعكس في توترات وتأزمات استمرت عاماً ونصف،حتى جرت محاولة كسر التوازن القلق في يوم9أيار2008من خلال الحركة العسكرية التي قام بها حزب الله في غرب بيروت والجبل.
بيَنت تطورات الأيام الفاصلة بين يوم9أيارويوم21أيار2008،تاريخ توقيع (اتفاق الدوحة)،بأن حزب الله لايستطيع ترجمة تلك الحركة العسكرية إلى السياسة،بحكم بنية التركيبة اللبنانية،وبحكم تركيبة حزب الله المجتمعية،وأيضاً،وهذا يبدو بالغ الأهمية في تقرير ذلك،بسبب امتداداته الإقليمية،لأن ذلك لوحصل كان سيعني انكسار توازنات المنطقة الممتدة بين كابول وبيروت.
هنا،من الضروري تسجيل مفتاحين ل(اتفاق الدوحة):المفاوضات السورية- الإسرائيلية،وتغير الموقف الأميركي منها باتجاه التأييد خلال ثلاثة أسابيع من شهر أيار،بعد الإعلان في يوم ذلك الإتفاق عن استئنافها في استانبول.المفتاح الثاني هو انقلاب موازين التطورات العراقية لغير صالح طهران،بعد أن انقلب آل الحكيم وحزب الدعوة،ومايمثلان من غالبية شيعة العراق،باتجاهات تميل أكثر نحو الأجندات الأميركية من تلك الإيرانية،ماانعكس في تقليم عسكري كبير لأظافر الصدريين و(جيش المهدي)في الجنوب و"مدينة الصدر"،إثر تحول مقتدى الصدر منذ عام2005إلى الذراع الرئيسية لطهران في العراق،وبعد أن انقلب سنَة العراق – من جهة أخرى- بغالبية كبيرة،عبر (الحزب الإسلامي) و(الصحوات)،إلى اتجاهات مهادنة أومتعاونة مع الأميركان،ماأدى إلى مشهد عراقي جديد مختلف عن السنوات الخمس التي أعقبت يوم9نيسان2003،بعدما أثبتت تطورات (مابعد9نيسان)بأن التحالف الشيعي- الكردي لايستطيع أن يؤمن استقراراً داخلياً،حتى مع وجود160ألف جندي أميركي،فيمااستطاع طارق الهاشمي وحزبه،و(الصحوات)،تأمين تجفيف ينابيع (القاعدة)،وتحييد أقسام رئيسية من فصائل المقاومة،مثل(الجيش الإسلامي)و(كتائب العشرين)،أوضمان هدوءها الراهن على الأقل.
هذان المفتاحان أديَا إلى وضع اقليمي جعل حزب الله غير قادر على تثمير ماحصل على الأرض،أوالذهاب بعيداً لأبعد مماحصل في يوم9أيار،بعد أن اتفقت مصلحة الأطراف الدولية والإقليمية جميعاً،وهي التي أشعلت أوقلقلت الشرق الأوسط خلال السنوات الخمس الماضية،على عدم اشعال حريق جديد عند شرق المتوسط يقلب الطاولة على الجميع،أويؤدي إلى تطورات لايستطيع أحد السيطرة عليها أوالتنبؤ بها.
بعبارة أخرى،كان ماحصل في الأشهر القليلة الماضية،بين البصرة والموصل،مؤدياً إلى انتاج توازنات جديدة في المنطقة،ماقاد إلى حالة من "التعادل السلبي"بين طرفي الصراع الأميركي- الإيراني‘فيماكانت الموازين على غير ذلك منذ يوم انتهاء حرب 12تموزفي يوم14آب2006:هذا أدى إلى جعل يوم9أيار2008 بدون مفاعيل فعلية على الأرض اللبنانية مادام ذلك التعادل السلبي قد أنتج استاتيكو في صراع(الإقليمي)و(الدولي)،ربما يؤدي إلى صفقات،أوتسويات،أوإلى حرب هنا أوهناك- أوحروب-،أوإلى كسب الوقت بانتظار إدارة أميركية جديدة.
قاد هذا الوضع إلى جعل(المحلي)في لبنان طافياً إلى السطح ومتغلباً على ماعداه في لحظة سياسية محددة،فيما آل صراع(الدولي)و(الإقليمي)إلى قلقلة وهزِ لبنان في السنوات الأربع الماضية:يأتي(اتفاق الدوحة)من ذلك،ليعقد في مكان يمثل نقطة التقاء جميع المتصارعين والمتخاصمين على المنطقة وفيها.
السؤال الآن:كم سيكون(21أيار2008)متمايزاً ومختلفاً عن(13تشرين أول1990)؟.................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحداث قيصري-.. أزمة داخلية ومؤامرة خارجية؟ | المسائية-


.. السودانيون بحاجة ماسة للمساعدات بأنواعها المختلفة




.. كأس أمم أوروبا: تركيا وهولندا إلى ربع النهائي بعد فوزهما على


.. نيويورك تايمز: جنرالات في إسرائيل يريدون وقف إطلاق النار في




.. البحرين - إيران: تقارب أم كسر مؤقت للقطيعة؟ • فرانس 24 / FRA