الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظاهرة موغابى!!

عدنان زاهر

2008 / 5 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


زمبابوى (روديسيا الجنوبية سابقا ) دولة تقع فى الجنوب الأفريقى، تحدها جنوبا دولة جنوب افريقيا، من الشمال زامبيا، الغرب بتسوانا و من الشرق موزمبيق. يبلغ سكانها حوالى ال 14 مليون نسمة، وتعتبر من الدول التى استقلت حديثا مقارنة مع الدول الافريقية الأخرى التى استقل معظمها فى العام 1960. خاض الشعب الزمبابوىحربا شرسة و منهكة من أجل نيل استقلاله، كان من ضمن قادة التحرر روبرت موغابى. تاريخ نضال شعب زمبابوى مع تاريخ جنوب افريقيا ألهم كثير من الشعوب الافريقية الأخرى، متكئين عليه فى استنباط أشكال أخرى من المناهج و الطرق من أجل التغيير.

تشير الدراسات السياسية و الاقتصادية المتعددة الى أن زمبابوى قد حظيت بعد استقلالها بنهضة زراعية، تعليمية، اقتصاد متنامى باطراد، يضاف الى ذلك علاقات خارجية متوازنة. كما يحدث فى كثير من بلدان العالم، عندما يلعب أحد القادة دورا محوريا فى استقلال دولته من الاستعمار ارتبط اسم موغابى بتطور الحركة السياسية فى هذا البلد.

بدأ نظام حكم موغابى الذى أتى الى السلطة عام 1980 بانتخابات بالتحول التدريجى الى نظام ديكتاتورى بوليسى، متنكرا للديمقراطية و منهاجها فى التعامل السياسى، تسنده عصبة من القوات الأمنية، جهاز مدنى بيروقراطى منتفع من النظام و قوانين تعدل و تفصل عند الطلب.

نتيجة لقرارات اقتصادية غير مدروسة و متعجلة تم فشلها، بدأ التدهور الاقتصادى يطل بوجهه و يتمدد فى زمبابوى، و تصاب مؤسسات الدولة بالشلل و العجز. تزامن كل ذلك و مصاحبا له فساد انتشر داخليا، نخر فى عظام الدولة و مفاصلها فأقعد بها. نتيجة لكل ذلك و مؤسسا عليه بدأ الشعب الزمبابوى فى التملل و البحث عن قيادة سياسية تحقق له آماله و تطلعاته.

فى الانتخابات التى جرت فى زمبابوى فى مارس الماضى كان موغابى يخطط و يأمل للفوز بها، ذلك لسببين داخليا ليبين للمعارضين له أن أغلبية الشعب لا زالت تؤيده، خارجيا لتجميل وجه نظامه امام الرأى العالمى الذى أصبح يشك فى مصداقية النظام و شفافيته. مخالفا لكل توقعاته و آماله خسر أمام مرشح القوى من أجل الديمقراطية مورغان تسفنجارى، بالرغم من الفرق الضئيل 48 – 43 و اعادة دورة الانتخابات مرة أخرى وفقا للدستور حتى يفوز المرشح بنسبة تزيد عن 50%، الا أن هذه الانتخابات أكدت و عرت نظامه.

هنلك كثير من الأقاويل حول لجنة الانتخابات و قرارها القاضى باعادة الانتخابات، البعض يقول أن قرارها جاءا متأخرا و بعد ضغوط خارجية و داخلية( شهر و نصف ) مما ألصق باللجنة شبهة التزوير، انحيازها لموجابى، بل البعض يجزم بفوز تسفنجارى باغلبية مريحة!!

قبل اعلان اللجنة- تمهيدا للاستفادة من قرار اعادة الانتخابات- شنت مليشيات موغابى وقوات أمنه هجوما و عنفا على كل من يعتقد أنه يعارض بقاءه فى السلطة. استخدمت فى ذلك الارهاب، الهروات، المدى و الاسلحة الرشاشة. كثير من المنظمات المدنية المهتمة بحقوق الانسان، رصدت و احتجت على تلك التجاوزات المنفلتة! بل هنالك دول افريقية مجاورة رفضت استقبال باخرة محملة بالاسلحة من الصين الى نظام موجابى، بالرسو فى أراضيها.

محاولات موغابى المستميتة للبقاء فى الحكم دفعت الى الساحة نقاشا قديما، يتجدد من حين الى آخر حول مايمكن أن نطلق عليه "ظاهرة موغابى".

نعنى بهذا التعبير أى "ظاهرة موغابى" تشبث رؤساء الدول فى افريقيا بالسلطة مدى الحياة، فى حالة المرض و العجز يلجأ الرؤساء الى توريث السلطة الى ابنائهم أو أقربائهم. هذا السلوك يطلق عليه فى الأدب السياسى السودانى الدارجى "الكنكشة" فى السلطة! هذه الظاهرة لا تشمل رؤساء الدول بل تشمل رؤساء الاحزاب و المنظمات المدنية فى تلك الدول!!!

يلاحظ أن هنلك سمات تجمع بين كل رؤساء هذه الأنظمة، الأحزاب و المنظمات المدنية و هى:

أن رؤساء هذة الدول ساهموا بشكل مؤثر فى مسيرة استقلالها او مسيرتها السياسية

أو

ارتباط رؤساء المنظمات بتأسيسها أو أنهم كانوا من روادها الأوائل

هنالك كثير من الاسماء يمكن ايرادها تنطبق عليها هذه السمات (منهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر)، نكروما، جومو كنياتا، هيلا سلاسى، ابوتى، سيسكو، القذافى، حسنى مبارك.....الخ

أن ظاهرة موغابى ظاهرة معقدة لها اسبابها التاريخ-استعمارى، اقتصادى، اجتماعى، سياسى. الظاهرة بهذا الشكل لا يمكن أن تختزل فى سبب واحد او سببين، و تستوجب الدراسة المستقصية.

بالرغم من ذلك فهنالك بعض القواسم المشتركة التى يلاحظها المتابع فى هذة الظاهرة

أ- أن كل هؤلاء الرؤساء وصلوا الى السلطة عن طريق حركات مسلحة

ب- التركيبة الاجتماعية السياسية لهولاء الرؤساء المتمثل فى القبيلة كوحدة أو فى الطائفة.

عند تشريح و تفكيك الملاحظتين، نجد أن عنصر واحد يجمع بينهما هو غياب الارث الديمقراطى، العسكرية و مركزيتها لا تسمح بالديمقراطية، و القبيلة و الطائفة لا تنتخب رؤساءها!

من هنا رفد العداء للديمقراطية و تسرب الى أنظمة الحكم السياسى و أشكال منظمات الحكم المدنى فى تلك البلدان. ظهر الاستبداد، الانفراد بالحكم، و عدم القدرة على مفارقة السلطة!!

تلك بعض من أسباب و حيثيات "ظاهرة موغابى" ، التى عانت منها كثير من الدول الأفريقية ومن ضمنها السودان الذى لا زال يعانى.

بالطبع زوال الظاهرة يرتبط بزوال أسبابها المتجزرة، ذلك قى تقديرى طريق شاق و طويل، سوف تعانى منه الشعوب الافريقية قدرا من الزمان!

19 مايو 2008








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الزمالك المصري ونهضة بركان المغربي في إياب نهائي كأس الاتحاد


.. كيف ستواجه الحكومة الإسرائيلية الانقسامات الداخلية؟ وما موقف




.. وسائل الإعلام الإسرائيلية تسلط الضوء على معارك جباليا وقدرات


.. الدوري الألماني.. تشابي ألونزو يقود ليفركوزن لفوز تاريخي محل




.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ