الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اشد القوى السياسية لا ديمقراطية

عبد العالي الحراك

2008 / 6 / 1
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


انها القوى السياسية الاسلامية , ذات الفكر القديم الذي نشأ في عصر بعيد عن عصر الديمقراطية.. وهي تعارضها نظريا وعمليا. ان هذه القوى السياسية تحكم العراق الان وتدعي انها تطبق الديمقراطية , ولكن الحقيقة تقول عكس ذلك , فهي تستخدم وسائل تتناقض والديمقراطية , حيث يتدخل رجال الدين في دعوة الناس على اساس انتماءاتهم الدينية والمذهبية والعشائرية الى انتخاب ممثلي تلك الاحزاب التي اليها ينتمون . كيف لا يتدخلوا وهي احزابهم , أنتموا اليها رسميا ام لم ينتموا . فهي تعبر عنهم وتخدم مصالحهم . لا يمكن في أي حال من الاحوال الطلب من هذه القوى السياسية ان تكون ديمقراطية , وان تشرع قوانين عامة تخدم الديمقراطية , من قبيل قانون انتخابات ديمقراطي , وقانون احزاب سياسية وطنية , وهي ما زالت مؤمنة بنظرية (ولاية الفقيه) مثلا . فهل يستطيع احد من رجال الدين المتسيسين في المجلس الاعلى الاسلامي او في حزب الدعوة ان يصرح برفضه لهذه النظرية , او تأجيل العمل بها لأشعار آخر. ثم انها احزاب اسلامية علنية وواضحة في اسلاميتها السياسية وارتباطاتها المذهبية الاقليمية . فكيف يمكن ان نطلب منها ان تسن قانون للاحزاب السياسية الذي يقر في اول ما يقر , ان يبعد الدين عن السياسة , وان لا يرفع أي حزب سياسي الشعارات الدينية , او يستخدم دورالعبادة لأغراض سياسية , وهي في القاعدة والاساس احزاب دينية. ثم كيف تفك ارتباطها الاقليمي وهو ارتباط مبدئي عقائدي مذهبي مرجعي , واقتصادي وسياسي وامتد ليصبح امني ومخابراتي وعسكري بعد احتلال العراق .. هي تقر بذلك ولا تعتبره تبعية لدولة اجنبية , كما تفهمه السياسة الحديثة و تقره القوانين التي تشرع قانونية الاحزاب السياسية الوطنية في جميع الدول والمجتمعات , بل تعتبرها (طاعة لله في طاعة ولي امر المسلمين) , حتى وان كان تدخل هذا الولي في الشؤؤن الداخلية لبلد ذلك الحزب واضر به سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وامنيا , ولم يفده شيئا في الدين والمذهب التي هي واجباته الاعتقادية الرئيسية .
المرجعيات الدينية في العراق لم تتحول الان من الدين الى السياسة , بل هي في الاصل كانت هكذا , وتعمقت سياستها بعد انتصار الخميني في ايران , واعلنت جميع الافراط في تسيسها بعد سقوط النظام في بغداد بشكل صريح وواضح , حتى اولئك الذي كانوا يرفضون التدخل في السياسة , امثال السيد علي السيستاني , فقد تدخل بكامل ثقله وبشكل علني منذ دخول الاحتلال وخلاله وما زال , وممثليه اعضاء في البرلمان العراقي وفي الحكومة العراقية. كما لا يعقل الطلب من هذه الاحزاب ان لا تستخدم الجوامع ودورالعبادة لأغراض سياسية وانتخابية خاصة , فهي القاعة التي فيها يجتمعون , والمدرسة التي فيها يتعلمون القرآن والدروس الدينية , وفيها تقام المآتم الحسينية وفيها السياسة ايضا وهكذا .. فلا يمكن الطلب من رجل دين مسيس ان يعقد اجتماعا في نادي الموظفين او في نقابة مهنية ويترك الجامع او الحسينية . الطلب ليس من هؤلاء وانما الطلب من الذات أي ان يسأل كل منا نفسه ما عليه ان يعمل من اجل انتصار الديمقراطية في العراق , وان يطلب من الشعب ان يختار طريقه , حسب وعيه الشخصي وتضامنه الاجتماعي الى ان يقوى عود الوطنيين والديمقراطيين , بحيث تعزل الاحزاب الدينية وقادتها تدريجيا من الفعل السياسي والتأثير المباشر على الناس. المشكلة ليست فقط في احزاب الاسلام السياسي التي تدعي الديمقراطية مرحليا , ولا في مرجعياتها الدينية ولا في الجوامع ودور العبادة , وانما ايضا في احزاب الحركة الوطنية , التي التحق بعضها طرفا تابعا لهذه القوى السياسية المتخلفة , ضانة بأنها قادرة او ستقدرعلى التأثير عليها من (الخلف) اي مسك ذيل العملية السياسية , باتجاه الديمقراطية . والكتل السياسية الاخرى وهي قليلة العدد مشتتة القوى , اعتقدت بانها بكلامها المتناثر , لا بفعلها الموحد المؤثر , قادرة او ستقدرعلى هزيمة الامريكان ومنع تدخل ايران وطرد احزاب الاسلام السياسي , و بناء الاشتراكية بعصا موسى السحرية او قدرة الشيطان الجهنمية .. وهي تستحق بذلك ان يطلق عليها مجموعات متطرفة او دكاكين في السياسة.
ان النقاشات والحوارات التي تدور حول الديمقراطية في العراق والمخاطر التي تهددها , هي نقاشات عقيمة , لانها تدور حول امكانية اصلاح ما يسمى بالعملية السياسية من داخلها المتفسخ , دون تقوية عوامل الاصلاح الوطنية العديدة في ساحة العمل السياسي الميداني , وفي مقدمتها الوحدة الوطنية ووحدة الحركة الوطنية , التي لا يوجد الآن من يمثلها او من يعترف بمن يدعي تمثيلها , كما كان في وقت مضى , حيث كانت جميع الاطراف السياسية الوطنية في الخمسينات والاوائل الستينات , تعترف بقدرة وآهلية الحزب الشيوعي العراقي على تمثيل الحركة الوطنية والتعبير عنها اصدق تعبير. اما الان فقد سحب نفسه الحزب وانضوى في الظل ولم يجد التعبير عن الحركة الوطنية ولم شملها , بل ساعد على تشتيتها وأضعافها بأنسياقه في العملية السياسية التي لا تعبرعنه ولا يعبرعنها , أي لا تأثير ايجابي له او عليه . لا يمكن القبول منطقيا وعقليا بنقاش في الديمقراطية (العراقية) على نفس الوتيرة وفي نفس الاجواء السياسية , رغم امتداد الزمن عبر خمسة سنوات وجمود الحالة... هناك مقدمات ومؤشرات للديمقراطية يجب ملاحظتها وفي مقدمتها القيادة السياسية الوطنية الديمقراطية والبرنامج الوطني الديمقراطي ومؤسسات المجتمع الديمقراطي التي تنشر الوعي الثقافي العام وتفتخ ابواب الحرية للناس ويعم الفرح والتفائل وعوامل اخرى.
لو كانت الحركة الوطنية بجميع اطرافها خارج العملية السياسية , لتمكنت من توحيد النقد الفعال وتحجيم دور القوى السياسي والدينية الرجعية التي تعيق الديمقراطية , واحداث الاصلاح ان امكن , لكن الامر كان وما يزال بيد الامريكان الذين لم يحتلوا العراق من اجل الديمقراطية , والا لمهدوا لها عبر الوطنيين الديمقراطيين وتقويتهم ودعمهم وان قلوا , ولكن هذا كلام المثاليين الحالمين.
لا يمكن مخاطبة الشعب العراقي بالعموميات . كما لا يمكن استعمال عبارة الحركة الوطنية العراقية في وقت لا توجد هذه الحركة بصورة فعالة كما كانت . يجب التحديد في الخطاب الثقافي والسياسي , ويجب الدعوة اولا الى التوحد والتواجد الفعلي في الساحة السياسية الوطنية , وليس في العملية السياسية اوعلى الاقل اذا تساهلنا وتنازلنا ان يكون وجودا فعالا للوطنيين فيها لا مجاملا متراخيا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا.. مقتل 3 متظاهرين إثر احتجاجات اعتراضا على نتائج ا


.. شاهد | تجدد الاشتباكات بين الشرطة الكينية ومتظاهرين في نيروب




.. ماكرون.. بين مطرقة اليمين المتطرف وسندان تجمع اليسار


.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: انسحاب أكثر من مئتي مرشح لسد




.. كينيا.. قوات الشرطة تطلق الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين