الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


همجية القمع تنهزم أمام المقاومة الطلابية بمراكش

و. السرغيني

2008 / 6 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


في أقل من أسبوعين عاشت الساحة الجامعية بمراكش نضالات جماهيرية نوعية من حيث المطالب ومن حيث أساليب التعبئة الجماهيرية ومن حيث وسائل المواجهة والمقاومة لكل الترسانة القمعية المجندة خدمة للرأسمال والرأسمالية وخدامها الأوفياء.
فأمام الأزمة الخانقة التي يعيشها النظام القائم في المغرب والتي لا تنفصل ولا تتميز عن الأزمة الخانقة التي يعيشها النظام الرأسمالي العالمي ككل، بحكم الارتباط البنيوي والهيكلي بين الاثنين، والتي لم يجد نظام الاستغلال والاستبداد القائم أمامها سوى تسليط آلياته القمعية ضد جميع الاحتجاجات الجماهيرية المطالبة بتحسين أوضاعها وشروط عيشها.
وبالرغم من الاختلال الواضح في موازين القوى، بالرغم من بساطة آليات المقاومة التي تتوفر عليها الجماهير الكادحة فقد استطاعت الجماهير المناضلة اختراق جدار الصمت والتردد والانتظارية معتمدة على قوتها وشبابها وطلائعها في التأطير والتنظيم للعديد من النضالات والاحتجاجات والعصيانات والانتفاضات في شتى المدن والقرى والأحياء الهامشية والمهمشة..الخ
استطاع شباب الحركة الطلابية والتلاميذية، شباب حركة المعطلين ـ جمعية ومجموعات الشهادات العليا.. ـ شباب الأحياء الشعبية بالمدن والقرى المناهضين للغلاء أو المطالبين بالماء والسكن والتطبيب والتعليم.. أن ينخرطوا في حرب طبقية لا سابق لها من حيث الاتساع ومن حيث تنوع الملفات والقضايا والمطالب وكذلك من حيث القيادات الشابة الجديدة التي انفلتت من عقال جميع الحسابات السياسية الانتظارية أو المندهشة أمام قوة وجبروت القمع والاستبداد.
وإذا كانت الحركة الطلابية قد ارتبطت تاريخيا بجميع المعارك الطبقية التي خاضتها الجماهير الكادحة ضد النظام القائم على الاستغلال الرأسمالي وعلى العمالة للإمبريالية، فما زالت نواتها التقدمية مرتبطة أشد الارتباط بمشروع التغيير جنبا إلى جنب جميع الطبقات الشعبية الكادحة، ومقتنعة أشد الاقتناع بالرسالة التاريخية للطبقة العاملة من اجل قيادة جميع الطبقات الكادحة من اجل التحرير والتحرر عبر القضاء على نظام المِلكية الفردية والخاصة المتعفن وإقامة الاشتراكية كبديل لا مندوحة عنه.
في هذا الإطار استطاعت قيادات الحركة القاعدية أن تنخرط بدون هوادة وبدون شروط مسبقة في تعبئة الجماهير الطلابية ضد كل ما يحيط بها وما يستهدفها في الحال وفي المستقبل، من حصار وتضييقات، استطاعت أن تنبه أبناء الكادحين لما تنتظرها حقوقها ومكتسباتها، استطاعت أن تحذرها من المتربصين بها والذين حاولوا بكل ما أوتوا به من قوة انتزاع شوكتها، دون أن يفلحوا في ذلك شيئا.
والآن وبعد فرار الجميع من ساحة الفعل والميدان وبعد صفقات التطبيع اللبرالية والظلامية، انتصبت من جديد وبدون منازع القيادات القاعدية بمعية متعاطفيها وقواعدها وجماهيرها متحدية جحافل القمع وآلياته، متحدية الظروف المعيشية القاهرة، متحدية الشروط الدراسية القاهرة والمفتقرة للحد الأدنى من شروط الدراسة الجامعية.. لتدخل "معركة نكون أو لا نكون" متقدمة ببرامج وملفات مطلبية في المستوى الذي لا يترك الباب للتجني أو النيل من مصداقية معاركها فبالرغم من بعض المنزلقات هنا وهناك فلا يمكن لأي مناضل تقدمي ديمقراطي إلاٌ أن يساند ويدعم كل النضالات التي تخوضها الجماهير الطلابية بالجامعة دفاعا عن حقوقها وصيانة لمكتسباتها بما فيها حرية النضال النقابي وحرمة الجامعة..
لا يمكن كذلك إلاٌ أن ندين هذه الهجمات القمعية المسعورة المسلطة ضد نضالات الحركة الطلابية التقدمية وجماهيرها بما يصاحبها من هجمات إعلامية وسياسة ضد فصائل الحركة القاعدية المنتصبة في الميدان كمدافعة شرسة عن مجانية التعليم وعن مطلب تعميمه.
فما نشاهده اليوم في بعض المواقع الجامعية (أكادير، مراكش، مكناس، فاس، تازة، وجدة، طنجة..) من نضالات قوية ومن تضحيات جسيمة (جرحى، معوقين، معتقلون، شهداء..الخ) ليس سوى مظهر من مظاهر استرجاع الحركة الطلابية لجزء من مكانتها التاريخية ومن جبروتها في ميدان الصراع الطبقي جنبا إلى جنب مجموع الطبقات الشعبية الكادحة.. مكانة ستتقدم وستتطور لا محالة باسترجاع الإطار التاريخي المنظم للجماهير الطلابية ولحركتها ألا وهو الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، فكل الظروف والشروط ملائمة لتطوير التنسيق الطلابي بين نضالات جميع المواقع، ولتمتين التنسيق النضالي بين مختلف فصائل الحركة القاعدية وكذا الإشراك لجميع الطاقات الطلابية المناضلة بما فيها فصائل الحركة التقدمية غير القاعدية الملتزمة بمطالب الطلبة وتطلعاتهم في إطار حد أدنى نلخصه في الدفاع عن مجانية التعليم وعن مطلب تعميمه والدفاع عن الحريات الديمقراطية بالجامعة بما فيها حرمتها وبما فيها إعادة هيكلة إوطم بكل حرية على أرضية مبادئه الأربعة وعلى أساس قانونه الأساسي التاريخي.
وعلى هامش النضالات الأخيرة بمراكش وما تلاها بأكادير في نفس السياق، فما لاحظناه، من حيث المتابعة الإعلامية وتقديم المعطيات، لا يعكس بالمرة حجم ومستوى التضحيات فالتكالبات قائمة من كل حدب وصوب، والتربصات واقتناص الأخطاء والمنزلقات.. مسلكيات ثابتة لمحترفيها من المشككين والانتهازيين والظلاميين سواء بسواء.. فلا بد وأن تتوحد الجهود بالرغم من جميع الخلافات التي تنخر جسم الحركة الطلابية التقدمية بما فيها جسم الحركة القاعدية، لا بد وان تمد يد العون والدعم والمساندة لجميع النضالات التي تخوضها الجماهير الطلابية بغض النظر عن الفصيل القاعدي الذي يقودها، لا بد من تشكيل لجن إعلامية قاعدية في المستوى ولجن لدعم المعتقلين الطلبة بغض النظر عن الانتماء أو التعاطف، لا بد من إقامة مهرجانات التضامن والدعم داخل وخارج الجامعة ليحضرها جميع المناضلين والمناضلات من جميع فصائل الحركة التقدمية، لا بد أن تخترق ملفات ومطالب الحركة الطلابية جميع الملتقيات والمنتديات التي تقيمها الحركة التقدمية، لا بد أن تفك جميع فصائل النضال القاعدي عزلتها وأن ترتبط بجميع مجالات النضال الجماهيري تطويرا لحركيتها ودفاعا عن مطالبها وبرامجها.
هذه بعض من آرائنا، وهي مفتوحة للنقاش، آراء أولية ونسبية مطلوب إبداء الرأي فيها من جميع الرفاق والرفيقات بمن فيهم أقرب المناضلين لدينا من "التوجه القاعدي" ومن العديد من مجموعات "البرنامج المرحلي"، وأملنا قوي في ما تبقى من المجموعات التي ما زالت متخلفة عن الركب وأعني بها "أنصار وثيقة الشجعان" بأن ترفع عنها غشاوة الارتباط الأعمى بأسماء أعلنت انبطاحها صراحة واتخذت لنفسها مهنة الزحف على البطون والتبرير الأعمى "لإستراتيجية النضال الحقوقي" كمنحى للاختباء والتنصل من أي عمل جذري طبقي يضع الرسالة التاريخية للطبقة العاملة كبوصلة موجهة لجميع آرائه وتحركاته وتطلعاته.
فأمام هذا العدد الهائل من المعتقلين بمراكش وأكادير، أمام هول وشراسة الهجومات التي تعرضت لها الطالبات والطلبة، أمام هذه الجماجم والعظام المكسرة، أمام هذه الهمجية التي لا تتوانى عن إلقاء الطلبة من الطوابق والسطوح وضربهم بالرصاص المطاطي والهراوات بمختلف أحجامها وقوتها.. لا يمكن لأي مناضل يدعي القاعدية أو التقدمية أن يختلف عن المساندة والدعم.. لا يمكنه في هذه الظروف إلا أن يعيد النظر ويقدم النقد الذاتي عن بعض الممارسات السابقة التي لا عهد للقاعديين بها وأن يعيد الاعتبار لقيم التضامن والوحدة النضالية الميدانية لجميع الفصائل القاعدية التي ما زالت موجهة رماحها ضد نظام القمع والاستبداد والاستغلال، نظام الرأسمالية التبعية والعمالة للإمبريالية القائم بالمغرب.

انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سودانيون يقتاتون أوراق الشجر في ظل انتشار الجوع وتفشي الملار


.. شمال إسرائيل.. منطقة خالية من سكانها • فرانس 24 / FRANCE 24




.. جامعة أمريكية ستراجع علاقاتها مع شركات مرتبطة بإسرائيل بعد ا


.. تهديد بعدم السماح برفع العلم التونسي خلال الألعاب الأولمبية




.. استمرار جهود التوصل لاتفاق للهدنة في غزة وسط أجواء إيجابية|