الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصين والمجلس الثوري لحركة فتح

خالد درويش

2008 / 6 / 1
ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين


يحلو لبعض أعضاء المجلس الثوري لحركة فتح أن يتباهى بأنه زار الصين أواسط الستينيات، وهذا يعني بالضبط انه من الأوائل في هذه الحركة، أي انه مناضل من العيار الثقيل ولا يشق له غبار. ولا تحلو جلسة يحضرها بعض هؤلاء إلا بذكر الصين؛ صين الستينيات بالطبع، صين ماو تسي تونغ وشوان لاي، صين البدلات الصحراوية المموهة وبنادق الكلاشنكوف المعدلة وقنابل المدقة.
أن يظل الحنين إلى الصين يحكمهم، ويضجر محدثيهم فهذا شأنهم وشأن من يسامرهم. ولكن أن يتحكم هذا الشوق في حياتنا العامة، فهذا مالا طاقة لنا به.
لقد خصص المجلس الثوري لحركة فتح خلال جلساته التي انعقدت خلال(24-26/أيار) بندا أساسيا في مناقشاته ومداولاته وتوصياته للصين، وذلك في سياق بنود توصيانه الأربعة عشر. إذ وجه المجتمعون العزاء للشعب الصيني والحكومة الصينية والحزب الشيوعي الصيني بضحايا كارثة الزلزال الذي أودى بحياة 26 ألف صيني.
حسنا، نحن لسنا ضد أن يعزي ممثلو التنظيم السياسي الفلسطيني الأول بضحايا هكذا كارثة، ولكن لماذا لم يتناولوا في اجتماعهم ضحايا الإعصار في ميانمار (جارة الصين من جهة جنوبها الغربي) والذي تجاوز عددهم الـ85 ألف قتيل، فضلا عن ملايين المشردين؟. ثم لماذا لم يجتمع المجلس الثوري إبان التسونامي الذي اجتاح اكبر دولة مسلمة في العالم-اندونيسيا، ليعزي بضحاياه الذي فاق عددهم الـ 200 ألف قتيل؟.
ولم ينس أعضاء "الثوري" بهذه المناسبة، مناسبة الزلزال الصيني أن يذكّروا وأن يشيدوا وأن يؤكدوا على العلاقات التاريخية المتينة بين....لنقرأ:
"وبهذه المناسبة يؤكد المجلس الثوري على العلاقات التاريخية المتينة مع جمهورية الصين الشعبية الصديقة مذكرين بالمساعدات التي قدمتها وتقدمها الصين منذ بدايات ثورتنا الوطنية المعاصرة.".
ألا يذكرنا هذا الكلام بخطاب الماضي الجميل، ماضي العلاقة النضالية بين الشعبين، الماضي الذي أصبح بالنسبة للصين والصينيين في حكم الماضي، الماضي تماما، ولكنه بالنسبة لبعضنا ليس مجرد ماضي، انه حاضر ومستقبل أيضا!
نحن، يا رفاق، ويا أخوة في قرن جديد، وفي ألفيّة أخرى. نحن في القرن الواحد والعشرين، وفي عام 2008!. لقد تغيرت الصين كثيرا، وتغير الصينيون، وتغيرت العلاقة بين الشعبين. صارت علاقات الصينيين مع العالم تبنى على أسس أخرى، جديدة ومغايرة، ولا تتصل بأخوة السلاح ورفاقية الكفاح بأي صلة، أفلا تعقلون!.
وسأذكّر، هنا، في هذه العجالة ببعض الأمثلة، أوردها لمن لا يعرفها، أو يعرفها ولا يريد أن يقرّ بها:
لقد اعترضت الولايات المتحدة، قبل أعوام على صفقة بيع أسلحة إسرائيلية متطورة للصين، الأمر الذي اغضب الصينيين كثيرا، لأن الإسرائيليين تجاوبوا مع الأمريكان والغوا الاتفاق. إذا، فالأصدقاء الصينيين "زعلوا" لأنهم لم يتمكنوا من تحقيق رغبتهم في إقامة علاقات تجارية "عسكرية" مع ال "الكيان الصهيوني"!
أمر آخر، أنكى واشد مرارة، عمّمته وكالات الأنباء ووسائل الإعلام الأخرى قبل عدة أيام مفاده أن السفارات الصينية حول العالم، وبتوجيهات وزارة الخارجية في بكين حظرت على الفلسطينيين "حملة جوازات السفر الفلسطيني" دخول الأراضي الصينية لأسباب أمنية!!، في الوقت الذي تمنح فيه معظم دول العالم (وخاصة دول الغرب الأوروبي) الفلسطيني سمة دخول أراضيها بيسر وسهولة يحسد عليها بين أقرانه سكان العالم الثالث.
ألا يكفي هذا، أم أننا نحتاج المزيد من الأدلة والبراهين والكثير من الوقت لدراسة هذه البراهين والتمحيص فيها.
كفى!، ولننظر حولنا، ونغوص قليلا، أعمق من سطح ذكرياتنا وحنيننا إلى الماضي السعيد كي لا "نتشردق" بهذا الماضي وبخطابه وبمفرداته، ولنسعى، بذكاء أكث، وبجدية أوفر، وبشيء من المرونة إلى مناقشة تعقيدات حالتنا المستعصية.
أم إن بعضنا لا زال مصرّا على الجلوس فوق أذنيه وفوق عينيه غصبا عنّا وغصبا عن الواقع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكافآت خيالية للمنتخب العراقي بعد التأهل للأولمبياد... | هاش


.. تحدي القوة والتحمل: مصعب الكيومي Vs. عيسى المعلمي - نقطة الن




.. ألعاب باريس 2024: وصول الشعلة الأولمبية إلى ميناء مرسيليا قا


.. تحقيق استقصائي من موريتانيا يكشف كيف يتم حرمان أطفال نساء ضح




.. كيف يشق رواد الأعمال طريقهم نحو النجاح؟ #بزنس_مع_لبنى