الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بداية تشكيل الأحزاب السياسية في العراق

أحمد الناجي

2008 / 6 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


تمثلت النخبة السياسية الحاكمة في العراق خلال العهد العثماني بأفراد قلائل من الإداريين العثمانيين (عسكريين ومدنيين)، الى جانب أفندية المدن وكبار الملاكين، وشكلت العشائر مجتمعاً بدائياً مارس حياته اليومية وفق العرف والعادات، ولم تدرك أي من تلك العشائر، رؤساء أو أفراداً، إنها يمكن أن تسهم في توجيه سياسة الدولة، وصنع القرار السياسي بشكل وآخر.
يعد فرع الاتحاد والترقي الذي افتتح في بغداد 1908 أول تنظيم سياسي تأسس في العراق، ومن ثم افتتحت فروع له في جميع المدن العراقية الرئيسة.
وأسست الجمعيات السرية في تلك المرحلة أيضاً، منها: جمعية اليد السوداء في اسطنبول 1909، وقد نادت بسياسة العنف ضد الأعضاء العرب في الاتحاد والترقي، والجمعية القحطانية، وجمعية العلم الأخضر في اسطنبول سنة 1912 وجمعية العهد في اسطنبول سنة 1913 مثلما تأسست جمعيات علنية، كجمعية الإصلاح في البصرة 1912، وجمعية النادي الوطني في بغداد أوائل 1912.
أما الأحزاب السياسية الأخرى التي تأسست في العراق بين سنتي 1908-1914، فكانت جميعها معارضة لحزب الاتحاد والترقي، وعملت معظم الأحزاب في المراكز الحضرية مثل بغداد والبصرة والموصل والحلة وغيرها من المدن الكبيرة، وكانت جميعها علنية فيما عدا حزب العهد، فقد تأسس فرع البصرة الحر المعتدل سنة 1911، وحزب الحرية والائتلاف في بغداد في كانون الثاني 1912، وحزب العهد في بغداد والموصل ما بين سنتي 1913-1914، وتأسست أحزاب أخرى في العراق ليست معروفة على نطاق واسع وقد أخفقت في تطوير مساعيها.
لم تكن في بداية الحرب العالمية الأولى، هناك أية علامة تدل على وجود حركة سياسية منتظمة في العراق حتى أواخر سنة 1918، ولكن يمكن رصد وجود امتعاض واسع الانتشار بسبب المتاعب الناشئة عن الحرب والقيود التي فرضت فيما بعد من الإدارة العسكرية للاحتلال البريطاني، مثلما كانت حياة البلاد السياسية تفتقر الى مركز للاستقطاب والى أحساس بالهدف والاهم من ذلك أنها كانت تفتقر الى الزعامة.
كانت معطيات النزعة الاستقلالية وقواها غائبة تقريباً، أو توخياً للدقة في طور التشكل داخل بنية المجتمع العراقي خلال مرحلة الاحتلال البريطاني، إذ تلاحقت الأحداث السياسية المرتبطة بالوجود البريطاني في العراق، وبموازاتها، اشتدت معارضة العراقيين لقوات الاحتلال بعدما تبددت آمالهم بتشكيل حكومة وطنية، ووضحت نيات الاحتلال العازمة على إبقاء العراق تحت سيطرتهم المباشرة، فتنامت المطالبة بالاستقلال التام، وظهر ذلك على شكل تنظيمات سياسية سرية.
تأسس الحزب الوطني النجفي في 3 تموز 1918، وقد تبنى نشر الأفكار الوطنية، وأعضاؤه المؤسسون هم الشيخ عبد الكريم الجزائري والشيخ محمد رضا الشبيبي والسيد سعيد كمال الدين والسيد محمد رضا الصافي والشيخ محمد باقر الشبيبي والسيد حسين كمال الدين والشيخ محمد جواد الجزائري والشيخ علي الشرقي والسيد سعد صالح جريو والسيد احمد الصافي والسيد محمد علي كمال الدين. وقد انضم اليه جمع كبير ومن طبقات مختلفة وكانوا يتلقون توجيهاتهم من الطبقة الروحية العليا وهم الشيخ عبد الكريم الجزائري والشيخ محمد جواد الجزائري والشيخ عبد الرضا الشيخ راضي والشيخ مهدي الملا كاظم الخراساني، وكان للحزب الوطني النجفي علاقات واسعة مع البعض من رؤساء العشائر وشيوخها وأبناء المدن والحواضر القريبة، فقد كان له معتمدين في مدينة الحلة وناحية الكفل.
وظهرت بوادر الحركة الوطنية في بغداد وكربلاء، أولاهما بتـأثير الأفندية (الأشخاص الذين كانوا موظفين أو ضباطاً في العهد العثماني) ممن تزعموا معارضة التوجهات البريطانية حول طبيعة حكم العراق، والثانية بتأثير المجتهد الشيعي محمد تقي الشيرازي وحاشيته لاسيما ابنه محمد رضا، ثم سرت عدوى الحركة بعدئذ الى المدن والمناطق العراقية الأخرى.
وكان من ابرز الأسباب التي أسهمت في استنهاض الحركة الوطنية ودفعت نحو الاستقطاب حول المطالب الوطنية بخصوص طبيعة حكم العراق، هو إصدار المرجع الديني الشيرازي فتوى في 24 كانون الثاني 1919 تفيد بأنه ليس لأي مسلم أن ينتحب أو يختار غير مسلم لحكم العراق. وقد أضفى هذا الرأي العلني ضد البريطانيين مباركة دينية على مطلب العراقيين بخصوص الحكم الذاتي.
وفي تلك الأثناء تألفت في كربلاء جمعية سرية سميت "الجمعية الوطنية الإسلامية"، هدفها مقاومة الاحتلال البريطاني وتأمين استقلال العراق تحت رعاية ملك مسلم هو احد أنجال الحسين الشريف مكة المكرمة، وقد ألفها المرزه محمد رضا نجل المرجع الديني الشيرازي تحت إشراف والده، وكانت لتلك الجمعية صلات وثيقة بجمعية حرس الاستقلال في بغداد.
شعر الوطنيون في بغداد بضرورة تنظيم أنفسهم تنظيماً سرياً، ففي أواخر شباط 1919، وبالفعل تم تنظيم حزب سري باسم "جمعية حرس الاستقلال"، كذلك تأسس في الوقت نفسه، حزب سري آخر هو فرع من حزب العهد.
وفي 10 آب 1919 أسست ثانوية أهلية باسم" المدرسة الأهلية"، وقد نما في أحضانها النشاط الوطني بين مجموعة من الشباب، ممن أسهموا في إعادة تأسيس "حزب الاستقلال" من جديد أواخر سنة 1919، وأصبحت المدرسة المذكورة مقراً له، وصار يعقد جلساته السرية فيها، وصادف أن تأسست في بغداد جمعية ثقافية باسم "جمعية الشبيبة الجعفرية"، استطاع حزب حرس الاستقلال أن يجتذب اليه أعضاء تلك الجمعية، وهكذا أخذ جناح الشباب ينمو بانضمام شبان آخرين اليه، وقام حزب حرس الاستقلال بتأسيس فروع له خلال تلك المدة في كل من الكاظمية والنجف والحلة والشامية ودولتاه (الخالص) وغيرها من الحواضر.


المصادر:
1- علي الوردي، لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث
2- عبد الأمير هادي العكام، الحركة الوطنية في العراق 1921-1932م
3- غسان العطية، العراق نشأة الدولة 1908-1921
4- عبد الرزاق الحسيني، الثورة العراقية الكبرى
5- مذكرات السيد محمد علي كمال الدين، من رجال الثورة العراقية 1920








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ميناء غزة العائم يثير بوجوده المزيد من التساؤلات | الأخبار


.. نتنياهو واليمين يرفضون عودة السلطة إلى القطاع خوفا من قيام د




.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة ويزيد حدة التوتر في إسرائيل | #مر


.. دفن حيا وبقي 4 أيام في القبر.. شرطة #مولدوفا تنقذ رجلا مسنا




.. البنتاغون يعلن بدء تشغيل الرصيف البحري لنقل المساعدات إلى قط