الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التبعثر السياسي الإسرائيلي يستفحل

برهوم جرايسي

2008 / 6 / 3
القضية الفلسطينية


*من الصعب رؤية إسرائيل تتجه نحو خطوة حقيقية لحل الصراع في ظل تبعثر كهذا*


تسارع التطورات على الحلبة السياسية الداخلية الإسرائيلية، وكون أن ما يحكم هذه التطورات هي حسابات الربح والخسارة الحزبية، لكل حزب ككل، والحسابات الشخصية لقادة ونجوم بارزة في كل واحد من هذه الأحزاب، يجعل من الصعب التكهن منذ الآن بالمسار الذي ستسلكه الحلبة الإسرائيلية، في الأسابيع القليلة القادمة.
والسيناريوهات المطروحة ليست كثيرة، وهي إما أن يعلن رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، استقالته سوية مع حكومته، مما يعني التوجه إلى انتخابات برلمانية مبكرة بعد ذلك بثلاثة أشهر حسب ما ينص عليه القانون، أو أن يستقيل أولمرت بشكل لا يؤدي إلى حل الكنيست، ويفسح المجال أمام تشكيل حكومة بديلة.
ومن ثم يكون السؤال المطروح متعلقا بمدى ثبات هذه الحكومة، وموعد الانتخابات البرلمانية القادمة، وهنا أيضا تبقى كل السيناريوهات واردة، بما فيها أضعفها، وهو أن تبقى الحكومة حتى نهاية ولاية البرلمان القانونية في خريف العام 2010، رغم صعوبة رؤية هذا يتحقق، وفق الظروف الراهنة.
ورغم عدم وضوح الرؤية هذا، فهناك أمور أصبحت واضحة منذ الآن، وهو أن الحلبة السياسية الإسرائيلية تعيش حالة من القلاقل، وأنها متجهة في نهاية المطاف، ووفق الظروف الراهنة، إلى مرحلة جديدة من التبعثر السياسي القائم منذ عقد من الزمن، مما يعني ان إسرائيل أبعد ما تكون عن استقرار سياسي، حتى بعد الانتخابات البرلمانية القادمة.
فما يجري من تسارع للأحداث يعود إلى حقيقة أنه بعد تفجر قضية شبهات الفساد الأخيرة ضد أولمرت، في الأسبوع الأول من شهر أيار (مايو) الماضي، وبعد الحديث مطولا عن حجم هذه الشبهات، التي تظهر بعد سلسلة تحقيقات يخضع لها أولمرت في قضايا فساد أخرى، فإن الحلبة السياسية دخلت مرحلة ترقب شديد، انعكست في حالة الشلل السياسي، الذي بدى واضحا مع افتتاح الدورة الصيفية للكنيست بعد ذلك ببضعة أيام.
وهذه حالة مألوفة شهدتها الحلبة السياسية مرارا، فمثلا رئيس الحكومة السابق أريئيل شارون عايشها حوالي عاما كاملا، ومن قبله إيهود باراك في نهاية العام 2000 إذ عايشها حوالي ثلاثة أشهر.
وفي حالة كهذه، فإن كل "هبة ريح" بسيطة تتحول إلى عاصفة، وما يؤجج هذا المشهد هو دور الإعلام المكثف وليس دائما هذا الدور ايجابي، نظرا إلى أن الانطباع السائد أن بمعظمه توجهه مصالح متضاربة وتنافس شديد على بلورة رأي عام، مما يفسح المجال أمام الشائعات لتلعب هي ايضا دورا في صياغة الحدث.
وهذا يقود إلى عدم استقرار حزبي، إذ أن الأحزاب تتحرك بسرعة، وليس دائما بخطى محسوبة، وذلك كي لا تتفاجأ بمعركة انتخابية لا تكون مهيأة لها، ولهذا فبعد أن أدلى رجل الأعمال الأميركي اليهودي، موريس تالانسكي، بشهادته أمام المحكمة، وما أثارت من عاصفة ضد أولمرت، فقد سارع رئيس حزب "العمل" ووزير الحرب، إيهود باراك لإصدار بيانه، الذي يمهل أولمرت فرصة زمنية ليقدم استقالته من الحكومة، وإلا فإن "العمل" سينسحب من الحكومة.
وكان من الواضح أن خطوة باراك جاءت تحت وطأة ضغوط إعلامية بالأساس، ومن ثم سياسية، رغم أنه غير معني بالتوجه إلى انتخابات برلمانية مبكرة، على ضوء ما تتنبأ له الاستطلاعات بأن حزبه سيتلقى ضربة إضافية في انتخابات كهذه، وهذا الأمر لم يتغير حتى بعدما ظهر باراك أمام الرأي العام كمن "يضحي بالحكومة"، من أجل نزاهة الحكم.
ولهذا فإن عدم رغبة باراك بانتخابات مبكرة، كما هو الحال بالنسبة لباقي مركبات الحكومة: حزب "كديما" الحاكم، وحزب "شاس" الديني، القوي في حكومة ضعيفة، وحزب المتقاعدين، يفسح المجال أمام سيناريوهات أخرى، عدا الانتخابات البرلمانية المبكرة، كالبقاء في حكومة واحدة ترأسها وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، أو حتى منافسها في حزبها، وزير المواصلات، شاؤول موفاز، الذي قد يكون مدعوما من أولمرت في داخل الحزب.
أما في ما يتعلق بوجهة الحلبة السياسية الإسرائيلية بعد الانتخابات، فقد صدرت في إسرائيل في الاسبوع الماضي سلسلة من استطلاعات الرأي، التي على الرغم من أنه يصعب الاستناد إلى تفاصيلها الدقيقة، نظرا إلى أنها جرت في ظل عاصفة إعلامية وسياسية، إلا أنها أبرزت مؤشرا بالإمكان أن نتبناه منذ الآن، لأن له ما يدعمه على أرض الواقع، وهو أن أية انتخابات برلمانية ستجري في الفترة القادمة، ستؤدي إلى بعثرة الحلبة السياسية أكثر من حالة التبعثر الحالية، وسيكون لهذا انعكاسات سياسية داخلية وخارجية، على مستوى الصراع العربي الإسرائيلي.
وإذا اتفقنا على أنه من غير الممكن الاستناد إلى توزيعة مقاعد البرلمان الـ 120، التي ظهرت في استطلاعات الرأي، فإنه بإمكاننا رؤية أن جميع الاستطلاعات اتفقت على حقيقة انه بعد انتخابات كهذه، فإنه لن تكون قوة سياسية تحتل ثلث مقاعد البرلمان على الأقل، وأكبر حزب متوقع، "الليكود"، قد يحصل على 30 مقعدا أو أكثر وأقل بمقعد أو اثنين.
كذلك فإنه لن يكون حزبان مجموع مقاعدهما أكثر من نصف المقاعد البرلمانية، ليتحالفا ويشكلا ائتلافا قويا، بل ما رأيناه أن الكنيست سيكون بالتالي مشكلا من 12 كتلة برلمانية، تضم 18 حزبا، إذ أن بعض الكتل تضم منذ الآن عدة أحزاب.
وحتى عندما طرحت بعض الاستطلاعات فرضية ضعيفة لتوحيد أحزاب كبرى، مثل "العمل" مع "كديما"، أو "الليكود" مع "يسرائيل بيتينو"، فإن واقع التبعثر السياسي لم يتغير.
وهذا يعني أن أية حكومة ستنشأ بعد أية انتخابات برلمانية ستتشكل من أربع كتل على الأقل، وهذا شرط ان يكون من بينها حزبان كبيران، أضف إلى هذا، فإن جميع استطلاعات الرأي توقعت فوز معسكر اليمين وفي مركزه "الليكود"، بما بين 64 إلى 66 مقعدا، من أصل 120 مقعدا، وهذا إن صحّ اعتبار حزب "كديما" الحاكم حاليا حزب وسط.
إن هذا التبعثر، الذي يعزز وضعية الحلبة السياسية في السنوات الأخيرة، يشير إلى أن أية حكومة ستنشأ، بعد انتخابات كهذه، ستحمل من جديد، ومنذ يوم ولادتها، سلسلة من التناقضات والصراعات الداخلية التي ستتفجر بعد فترة قصيرة من بدء عملها، وبشكل خاص على ضوء تعزز قوة ومكانة جمهور المستوطنين المتشدد في داخل معسكر اليمين.
في وضعية كهذه من الصعب رؤية حالة استقرار سياسي في إسرائيل، والأهم هو صعوبة رؤية إسرائيل تتجه نحو خطوة حقيقية في اتجاه حل مسار واحد، من مسارات الصراع العربي الإسرائيلي على الأقل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليوم الثاني من قمة مجموعة السبع تركز على التوتر مع الصين


.. حرب شوارع وقصف إسرائيلي بالمروحيات والبوارج على رفح




.. ساري عرابي: نتنياهو يشعر أن تاريخه تلطخ بفشل السابع من أكتوب


.. ما مدى واقعية توصية جيش الاحتلال بإنهاء عملية رفح والتوجه لل




.. الجفاف في المغرب يتسبب بنقص بأعداد الأضاحي