الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجزرة الأربعاء السوداء الدامية 28 عاما ونضال الشعب العربي الاهوازي مستمر

جابر احمد

2008 / 6 / 5
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


ليس بخاف على احد، ان سقوط حكم الشاه، جاء نتيجة لنضالات الشعوب الايرانية، بعد عدة عقود من الزمن، و كان إسقاطه و إقامة نظام ديمقراطي في ايران حلم يراود الجميع، لذلك عندما سقط هذا الحكم استبشرت الشعوب الايرانية خيرا، ظنا منها ان النظام الجديد مهما كان نهجه، سيكون مغايرا للنظام السابق، وسيعمل على إزالة الظلم والحيف والتعسف الذي لحق بالشعوب الايرانية، ويعمل أيضا من اجل حل المسألة القومية وتحقيق العدالة الاجتماعية، وإطلاق الحريات الديمقراطية، وفسح المجال للقوميات الايرانية بتقرير مصيرها بنفسها.
ولكن بعد إمساك رجال الدين بالسلطة، وإقامة جمهوريتهم الاسلامية، أخذت الامور تسير بالاتجاه المعاكس لرغبات الشعوب، فلم تمضي الا شهور حتى ظهرت بوادر الالتفاف على هذه الثورة بعد ان انتهج الحكام الجدد ، نهجا اكثر وحشية وأكثر قمعا من نظام الشاه السابق تجاه الشعوب الايرانية مستخدما أساليب وطرق، فاقة أساليبه كان نتاجها حصول مذ بحة الشعب التركمني والشعب الكردي، و تلتهما مذبحة الشعب العربي الاهوازي وقمع الشعب البلوشي، ومن ثم التوجه الى العمق الايراني، لضرب القوى الوطنية والديمقراطية الايرانية كافة.
لقد كان الشعب العربي الاهوازي وقواها الوطنية والديمقراطية ينتظرون بفارغ الصبر، سقوط النظام الشاهنشاهي الديكتاتوري وإقامة نظام ديمقراطي في ايران، وما سقط النظام الشاهنشاهي حتى اعربت عن تأييدها لتوجهات النظام الجديد ، وأعلنت عن حسن نواياها حينما أكدت ان النضال السلمي الديمقراطي خيارها الوحيد لتحقيق اهدافها .
وعندما استقر الأمر ، وتشكلت أول حكومة مؤقتة ، في مرحلة مابعد الشاه برأسة السيد مهدي بازركان ، خطت الحركة الوطنية الاهوازية تساندها الفعاليات السياسية ، والاجتماعية ، والثقافية العربية ، خطوتها الرسمية الاولى باتجاه الوضع الجد يد ، وانطلاقا من ذلك ، جرت اتصالات بين الزعيم الروحي للشعب العربي آية الله الشيخ الشبير الخاقاني ، والسلطة المركزية في ايران حول كيفية منح الشعب العربي الاهوازي حقوقه القومية لان الشيخ الشبير بالاضافة الى مكانته الدينية الرفيعة كان يعرف جيدا مدى معاناة الشعب العربي الاهوازي ، والظلم الذي لحق به في عهد الشاه ، ومثلما ما كان حريصا على حقوق شعبنا كان حريصا على أيضا على حقوق القوميات الايرانية الاخرى، كما انه تحمل مسؤولية امن المنطقة بعد انهيار المؤسسات الرسمية وعمل على استتبابه .
ونظرا لحساسية الموقف، قدم الى المنطقة رئيس الحكومة المؤقتة السيد مهدي بازركان ، وتوجه على الفور الى مدينة المحمرة للقاء الشبير في منزله، وقد ترافقت زيارة بازركان ، مع مظاهرات عارمة اشترك فيها اكثر من نصف مليون عربي ، مطالبين بعدم تجاهل الشعب العربي وعدم تجاهل حقوقه القومية المشروعة ، الا ان بازركان ، بعد خروجه من منزل الشبير ، توجه الى استاد عبادان الرياضي و في مارس من عام 1979 وألقى حطابا تجاهل فيه حقوق الشعب العربي الاهوازي ، ورفض الإفصاح عن عما دار بينه وبين الشيخ الشبير في الوقت الذي اعلن فيه الشيخ الشبير انه اتفق مع بازركان على إرسال وفد الى طهران، يحمل مطالب الشعب العربي و من اجل التفاوض حولها ، وكيفية التعاطي معها، والعمل على تلبيتها . وعلى ضوء ذلك، بدأ الشيخ الشبير لفاءاته التشاورية مع الفعاليات السياسية والثقافية الاهوازية، من اجل الاتفاق معهم حول قائمة مطالب الشعب العربي التي سترفع للحكومة، وكانت وجهة نظر الشيخ الشبير ان سقف هذه المطالب يجب ان لا يتجاوز ما يهدد السيادة الوطنية و وحدة الاراضي الايرانية.
و على ضؤ المشاورات وبعد دراسات مستفيضة ساهمت فيها جميع الاطراف السياسية والفعاليات المدنية والثقافية سافر وفد عربي اهوازي الى طهران حاملا معه مذكرة تحتوي على اثني عشر فقرة وهي في جملتها لا ترتقي حتى لأبسط مقومات الحكم الذاتي تضمنت الاعتراف بقومية الشعب العربية وتشكيل مجلس محلي ومحاكم عربية من اجل حل مشكلات الشعب والتاكيد على ان تكون اللغة العربية اللغة الرسمية في منطقة الحكم الذاتي وان يتم التعليم بها في المدارس الابتدائية من خلال ايجاد مدارس ومؤسسات تعليمية في جميع المدن والأرياف والتاكيد على اولوية التوظيف في القطاعين العام و تخصيص قدر كافي من عائدات البترول وتسمية جميع المدن والقرى و الأرياف والمناطق بأسمائها التاريخية العربية ، و مشاركة ابناء الشعب العربي في الجيش وقوات الامن المحلية ، في إطار الحكم الذاتي ، وإمكانية تبرؤوهم المناصب الرفيعة، العسكرية الذي حرموا من الوصول إليها سابقاواخيرا اعادة النظر في قانون الإصلاح الزراعي ، وتقسيم الاراضي على الفلاحين الخ ..
ولا نغالي اذا قلنا لقد تجلت ولأول مرة وحدة وطنية حقيقية بين الفعاليات السياسية الاهوازية حيث ضم الوفد كافة مكونات الشعب العربي لاهوازي وفعالياته السياسية العاملة آنذاك على الساحة و مهما كان حجمها وتوجهتها السياسية شريطة التزامها بالمواد الواردة في المذكرة. .
ورغم ان النظام الجديد وعلى رأسه الخميني لم يستجيب لمطالب الشعب العربي الاهوازي المشروعة الا ان الوفد بعد عودته اصدر بيانا مقتضبا اكد من خلاله على مايلي .
اولا: انها المرة الاولى في تاريخ الدولة المركزية الايرانية ، الذي يعترف فيه بوفد رسمي ، حاملا مطالب مدونة متفق عليها من قبل غالبية المنظمات السياسية والشخصيات الوطنية والديمقراطية، ومؤيدة من قبل الشعب من خلال المظاهرات .
ثانيا : تمكن أعضاء الوفد من عرض قضية شعب عربستان على ابناء الشعوب الايرانية ، ومحاولة إقناع الرأي العام الايراني، خاصة القومية الفارسية، بعدالة قضيتنا وبقضية مطالب شعبنا ، وذلك من خلال الصحافة المستقلة( التي كانت آنذاك تتمتع بهامش من الحرية)
ثالثا : عرض قضية الشعب العربي لأول مرة ، على الرأي العالمي والإيراني ، ومن قلب العاصمة طهران ، وبصورة علنية ومن خلال المؤتمرين الصحفيين اللذان عقدهما الوفد ، حيث دعيت لحضورها عدد كبير من كندوبي وكالات الأنباء العربية والأجنبية ، وأكد البيان في الختام حث الشعب على مواصلة النضال بشتى الأساليب حتى تتحقق أهدافه، في الحصول على حقوقه القومية .
لقد حدثت بعد عودة وفد الشعب العربي الاهوازي امور عدة موجهة ضد الشعب العربي الاهوازي منها تكثيف الحملات الداعية للتحريض من اجل شق وحدة الشعب و التمهيد لخلق اجواء لمصادمات عسكرية بين الشعب العربي ومؤسساته المدنية التي شكلها بعد سقوط نظام الشاه، وبين الحكومة وذلك عبر شراء الذمم وتكثيف التواجد المليشاوي الحكومي والضغط على الشعب العربي لتسليم السلاح وغيرها مما يؤكد ان هناك مذبحة تعد للشعب العربي من اجل منعه من ممارسة اي نشاط سياسي او ثقافي . لعل من بينها قيام السلطات بتأسيس مراكز عسكرية موازية تحت يافطات ثقافية اسلامية تمهيدا لضرب العرب .
ورغم ان الشعب العربي الاهوازي كان قد بح صوته وهو ينادي، لا للانفصال نعم لوحدة الاراضي الايرانية، ورغم التعهدات التي قطعها الوفد العربي المسؤولين في طهران ، الا ان مدني اخذ يعزف معزوفة الانفصال موجها أصابع الاتهام والتأمرالى الشعب العربي الاهواز دافعا الاوضاع في المنطقة لمواجهة عسكرية ، ليظهر بمظهر البطل القومي الفارسي ولكي يتسنى له الصعود الى كرسي الرئاسة كمنافس عنيد للسيد أبو الحسن بني صدر .
وبدء مدني هجومه على الشعب العربي الاهوازي ومؤسساته السياسية والثقافية ممهدا ذلك بحملة دعائية قوية ، موهما الرأي العام الايراني ، عن تنامي الشعور القومي العربي لدى العرب ، وحسب ادعائه ان هذا الشعور لا ينحصر في مدينة المحمرة وحسب ، وانما ينتشر في عموم "خوزستان" و ان الشيخ الشبير لا يمثل العرب كلهم ، وانما يمثل مجموعة تسمي نفسها "بخلق عرب " وهي فئة قليلة العدد لا يتجاوز عددها ال 1200 عنصر .. " وبتدفق قوات الحرس واللجان والملثمين على مدينة المحمرة، يكون العد العكسي على للهجوم قد بدأ، وفي صبيحة يوم الأربعاء التاسع من خرداد عام 1358، الموافق للتاسع والعشرين من أيار سنة 1979 تعرض مركز المنظمة السياسية ومقر المركز الثقافي في المحمرة، لهجوم قامت به اعدد كبيرة من قوات الجيش و الحراس والمليشيات الدينية وتمكن المهاجمون وفي الساعات الاولى من الصباح من احتلال المركز الثقافي واعتقال جميع الافراد اللذين كانوا معتصمين فيه ، وعندما حاول عدد من الافراد الإفلات من الحصار ومن قبضة المهاجمين أطلقت عليهم النيران وماتوا في الحال ، وهاجم قسم آخر من رجالات السلطة مقر المنظمة السياسية ،كما اخذ الملثمين من الحرس والجيش والمليشيات، يطلقون النار بشكل عشوائي على المواطنين العزل ، وقد عززت السلطات قواتها من خلال تدفق المزيد من المتطوعين الفرس ، وإشراك القوات البحرية في الهجوم،وكان حصيلته يوم واحد من هذه المواجهات اكثر من مائة قتيل ومئات من الجرحى واستنادا الى الإحصائيات الحكوميةفقد بلغ عدد القتلى حتى مساء الجمعة 11|3|58 في مشفى الدكتور مصدق 24 قتيل و60 جريح وفي مشفى شهيدى 5 قتلى و34 جريح وفي مشفى آرين في عبادان 13 قتيل و30 جريح اما قائم مقام مدينة المحمرة فقد قدر عدد القتلى في مدينة المحمرة في ذلك اليوم ب37 قتيل وعدد المجروحين ب 191 قتيل . وفي الحقيقة ان عدد القتلى والجرحى اكثر من هذا الرقم بكثير، لان اغلب المواطنين الجرحى امتنعوا من الذهاب الى المستشفى خشية اعتقالهم.
ونحن نتذكر تلك الواقعة السوداء لابد لنا من الاشارة الى اهم الاسباب التي ساهمت في نجاح قمع تجربة الشعب العربي الاهوازي في مجال النضال السلمي و من بين تلك الاسباب :
1- طبيعة الثورة الايرانية التي خيمت بضلالها على معظم الشعوب الايرانية عبر هويتها الاسلامية بما فيها شعبنا العربي الاهوازي
2- فقدان التنظيم الطليعي لدى ابناء الشعب العربي الاهوازي وترك الامور للعفوية والصدف .
3- عدم توازن القوى حيث كان هذا التوازن لصالح العدو الذي تعامل مع كافة شرائح وفئات الشعب العربي بقوة السلاح .
4- حساسية المنطقة وفي مقدمتها وجود الاحتياطي البترولي الهائل .
5- فقدان ابسط انواع الدعم الخارجي ، على سبيل المثال حتى انه لم تصدر اي ادانة للمجازر التي ارتكبت بحق الشعب العربي الاهوازي اقليميا ودوليا .
ان مدني والذي ارتكب كل هذه الجرائم ضد الشعب العربي مات منفيا في الولايات المتحدة الامريكية تلاحقه ومن حرضه على ارتكاب هذه المجزرة للعنات الى يوم يبعثون كما ان يوم الاربعاء السود من عام 1979 بالنسبة للشعب العربي الاهوازي سوف يبقى يوما اسودا في تاريخ ما يسمى بالثورة الاسلامية في ايران وانه سيوصل النضال مفعما بالامل حتى نيل كامل حقوقه المشروعة ، كما يحدونا الأمل اليوم، ان تتفق القوى الوطنية والديمقراطية العربيةالاهوازية على برنامج الحد الأدنى، وتكريس كل إمكانيتها للعمل من اجل تحقيق تلك الاهداف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نواكشوط تعلن اقتناء جيشها مسيرات وأسلحة متطورة، لماذا؟


.. مندوبة بريطانيا بمجلس الأمن: نحن فى أشد الحاجة لتلبية الحاجا




.. الجيش الإسرائيلي ينشر مقطعا لعملية تحرير 3 رهائن من غزة| #عا


.. عاجل | مجلس الأمن يتبنى قرارا أمريكيا يدعو لوقف إطلاق النار




.. نتنياهو يلتقي وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في القدس