الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأصولية المتحضرة والديمقراطية المتخلفة

محمد جمول

2008 / 6 / 4
كتابات ساخرة


طبيعي أن يأتي بوش إلى المنطقة بين حين وآخر ليرقص على جراحنا ويتفقد ما زرعته قواته ودباباته وطائراته من بذوروأشتال الديمقرطية في المنطقة قبل خمس سنوات. فمعظم المزروعات تؤتي أكلها في هذه المدة أو أقل.
لكن ما ليس طبيعيا أن نسمع رائد الديمقراطية ومبشرها وحامل راية العدالة وحقوق الإنسان وحامي الشرعية الدولية يعلن في يوم نكبة شعب بكامله، حين شرد الملايين من بيوتهم، تأييده المطلق لقيام الدول اليهودية. وبذلك يعيدنا مئات السنين إلى الوراء، لاغيا ما حققته الإنسانية من تقدم على طريق المساواة بين البشر بغض النظر عن العرق والدين، ومؤيدا لطرد ما بقي من العرب ـ مسلمين ومسيحيين ـ من وطنهم ليلتحقوا بمن سبقهم من اللاجئين الفلسطينيين. أليس هذا غريبا على من يصر على الاحتفاظ ببقية عقل؟
لكن الأغرب من هذا أن يقابل ذلك دعوة من يعتبره بوش أصوليا وإرهابيا إلى دولة المشاركة السياسية والعيش المشترك بين مختلف الطوائف والقوميات على أرض لبنان، ووفق معايير العصر والمفاهيم السياسية التي أوجدها الفكر الإنساني المتقدم.
بوش يدعو إلى النقاء الديني والعنصري في فلسطين على حساب الشعب الفلسطيني وحسن نصر الله يدعو إلى المشاركة بين كل الطوائف في لبنان. قد يقول قائل إن لبنان مسألة داخلية. أما في فلسطين فهناك احتلال. لكن المفاهيم والقيم الإنسانية ليست مرتبطة بالجغرافية وإنما بالإنسان لكونه إنسان، ولا يمكن للحق أن يكون حقا هنا وباطلا هناك إلا حين يكون ذلك كله عملية توظيف واستثمار لخدمة المصالح المتغيرة التي تجعل من يفوز بالانتخابات في بيروت ابن الديمقراطية الحقة ومن يفوز بها في الضفة الغربية وغزة ابن الديمقراطية الباطلة. وهكذا يبدو أن علينا دائما أن نسأل العم سام عن البرج المؤاتي لولادة الديمقراطية "بنت الحلال"، وفي أي من أيام السنة تولد الديمقراطية " بنت الحرام".
قد يكون هذا طبيعيا بشكل من الأشكال من منظور الآخر الذي يقدم نفسه كصديق وقد اعتبرك مهزوما بالضربة القاضية و النقاط، ولم يبق أمامك إلا ابتلاع وهضم كل ما يقدمه لك وأنت راض. وعندها عليك أن تتلقف كل تفسيراته للمفاهيم التي تخدمه وتسهل عليه تكريس هزيمتك. وعلى رأسها تحديد من هو صديقك ومن هو عدوك. فتصبح إسرائيل الصديق والحليف الذي لم يسعفك عقلك لاكتشافه والتعرف عليه خلال ستين عاما من القتل والتشريد والإذلال.
وربما يكون الاكتشاف الأهم، بعد مرور مئات السنين على انتهاء القرون الوسطى، أن الدولة العرقية الدينية واحدة من أهم ثمرات الديمقراطية حين تكون خدمة للصهيونية يذهب ضحيتها العرب الفلسطسينيون. وبذلك لا يهم التضحية بالمفاهيم والقيم التقدمية العلمانية وحقوق الإنسان التي ضحت من أجلها أجيال وأجيال من البشر كي تكون هناك إنسانية تعيش متآخية بعيدا عن التمييز العرقي والديني.
ما ليس طبيعيا على الإطلاق أن لا تكون قادرا على التمييز بين الصديق والعدو. والأكثر غرابة أن تكون أنت الأداة التي يقتلك بها هذا العدو بعد أن يتقاضى منك ثمن جريمته ونفقات التخلص من جثتك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي


.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-




.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر


.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب




.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند