الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صرخة الموت

تغريد كشك

2008 / 6 / 4
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف


في أيار 2005 سارت في شوارع مدينة رام الله الفلسطينية تظاهرةٌ ضمت نحو ثلاثمائة امرأة، و قد دعت التظاهرة إلى إجراء تعديلاتٍ تشريعية تحمي النساء من ما يُسمى "جرائم الشرف" بعد أن شهد أسبوعٌ واحد قتل ثلاث نساء، حيث أن رجلاً قتل شقيقتيه في القدس الشرقية في مثالٍ واضح على ما يسمى "جرائم الشرف"، كما أن أباً مسيحياً في مدينة رام الله اعترف بقتل ابنته فاتن لأنها أرادت أن تتزوج مسلماً من غير موافقته، وقد دعت المتظاهرات إلى اعتماد تشريع يحمي النساء من القتل، ولكن مسلسل القتل والاغتصاب ما زال يُصور مشاهدَه في شوارع الوطن.
وسرعان ما أصبحت الضحية فاتن رمزاً لفشل السلطة الفلسطينية في حماية النساء من القتل، فقد أكدّت قضيتها على أن جميع النساء والفتيات الفلسطينيات معرضات للخطر بصرف النظر عن دينهن، الوالد ضرب فاتن بقضيبٍ حديدي حتى ماتت، ومع أن السلطات الفلسطينية اعتقلته بعد ذلك، فقد أُطلق سراحه بكفالة مالية ولم يصدر حكم بحقه حتى بعد مرور سنوات على الجريمة، كما أن أحداً من المسئولين أو من زعماء العشيرة البدوية الذين توسطوا في قضية حماية فاتن لم يخضع لأي تحقيق أو لوم بسبب الامتناع عن حمايتها.
قُثلت فاتن يوم سبت النور عندما كانت مدينة رام الله تحتفل بقيامة السيد المسيح، الذي دعا إلى المسامحة والرحمة والغفران عندما قال: "من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر."

لم يَعُد في الوقت من متسع
أعدوا لها القبر البعيد
وكان الفجر قد أوشك
أن يرى نور الصباح

غداً يمر موكب الغياب
ابتعد الأهل والأقارب
ابتعد عن جنازتها الأحباب
الموت الآن مطمئن
خلف البوابات والأسوار

غداً سيعلو نقيق الضفادع
حول قبر فاتن
وأنوار شرفتها ستتأرجح
مثل قناديل أوهنها الظلام
ذاكرة الكلاب لن تنبح
اختفت فاتن خلف الزحام

النساء تتقلب في فراشها
لا تنام ككل ليلة
فقد انطلقت فوهة البركان
مدينتنا تتأرجح فوق أتون النار
النار تتوقد في كل مكان
العسكر آخى الحرامية
وانتشروا خلف الأبواب

في الطريق إلى المقبرة
سرٌ لا أجهله
وتعرفه شوارع المدينة
أن لم يبق سوى الندى
يرطب قبرها البعيد
أن لم يبق سوى التراب
يحفظ سرّها الدفين

ها هم قد عادوا الآن
جف الماء وغادرت عيون المدينة
لم يبقَ إلاّ الدمع
يسافر في الطريق إليها
لم يحن بعد الأجل
وبقيتُ أنا هنا
أُشكّلُ صورة لها
من الماء والطين
ثغرها الصغير سلّمها
لندوب الريح
شفتاها تكابد احتدام الكلمات
خلف لسانها

فاتن، حمامة سلام فوق زيتونة
تحمل البشارات
فاتن نسيت كيف يكون الشوق
وكيف يبحر الغروب
نحو شواطىء نجهلها
فاتن، أضاءت مشاعل النور الراعشة
يوم قيامة المسيح

في تلك الليلة الوحشية
ودّعها نقيق الضفادع
بعد أن استسلمت الأفاعي للفحيح
نشر الليل عباءته السوداء
وكانت أجراس الكنائس غائبة
فاتن، وما أداة الجريمة سوى
قضيب من حديد
استل لونه من تراب الأرض الناعسة

بلا تفكير
بلا تدبير
سارع إليها الموت
رماها بأحضانه الباردة كالصقيع
غادر المكان عبر قوافل الجاهلية
تسلل ما بين الضلوع

فاتن قالت مهلاً للموت
رد الموت
رفقاً بالمشاعر
رفقاً برقة نفس تنفض عنها
غبار الصمت
قي لحظة يأسٍِِ
لجأت فاتن للتعب
خدعتها الآمال وكانت خائفة
من شيء كبير هناك


أبي هبني غفوة النوم
أستنجدك أبي
بلغت صرخة الموت أعظمها
وها هي السنوات الثلاث قد انقضت
وفاتن ترقد تحت الثرى
ثلاثة وعشرون زهرة
أضحت رمزاً للموت
فاتن أضحت شجرة زيتون
تنام تحتها الأشجار

فاتن أضحت بريداً للهوى
يبعث رسائله للأنهار
لرياح السموم وللزيزفون
فاتن تنام على سرير أخضر
تهزه ملائكة الحصار
وحين تأتي مواسم البرد
يَحِنُ شتاؤها للمطر

حين يأتي موسم القيامة
ينهض من جسدها العبير
يمشي حافياً إلى ذاك القبر
شمسها الأخيرة تشرب
الآن رمان الفصول
ومراكب فاتن تنثني
لتعبرَ نحو الغروب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تمثال ميليسنت فاوست


.. العمال في مقاطعة الشهباء يقودون ثورة العدالة والحرية




.. الرقة... يومهم نتاج عقود من النضال


.. يوم واحد لا يكفي للاحتفال بما قدمه العمال




.. لجنة الاقتصاد تساهم في تنمية واقع العاملات في مجتمعهن