الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستسلام للعولمة!

سامر خير احمد

2004 / 1 / 16
العولمة وتطورات العالم المعاصر


لا بد من التنويه انه لا يجوز مهاجمة فكرة تعديل المناهج او الدفاع عنها دون الاطلاع على ماهية التعديلات واستبانة اسبابها فالانطباع المأخوذ عن المسألة انها تأتي في سياق اشتراطات ما بعد 11 ايلول الاميركية، غير ان محتوى التعديلات قد يقنع رافضيها بضرورتها خاصة وهي تتوجه لجيل المستقبل الذي سيعيش حياة جديدة في واقعه وفي علاقاته بالعالم بفعل التطور المتسارع للاتصالات.
الواقع ان التعديلات لو جردت من سياق مرحلة ما بعد 11 ايلول فانها تكون تعديلات ممتازة، تساعد غالبا على تنمية روح المدنية عند الطلبة والتي هي اساس الاندماج في مجتمع متحضر قوامه احترام الاخرين وقبول التعددية (السياسية والاجتماعية) معهم، وتفهم حقوق الانسان وتحويلها الى احد عناصر الثقافة التي تحكم سلوك الافراد وتصرفاتهم. والحقيقة ان مثل هذه المفاهيم ضرورية واساسية لاحداث نقلة نوعية في الممارسة الاجتماعية والسياسية في مجتمع كمجتمعنا عاش ظروفا صعبة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، نجد اثرها اليوم في ضعف المبادرة الفردية وشعور المرء بأن حريته مقيدة دون ان تكون كذلك موضوعيا، وهو ما يفقد «التنمية» بمختلف مجالاتها الزخم المطلوب للنهوض بالاوطان، فتكون الاوطان هي الخاسرة وما دامت مسألة تعديل المناهج تتعلق بالجيل الجديد، فان تنشئته على مفاهيم الحرية والمسواة وحقوق الانسان ستكون الضمانة لتحقيق «التنمية» مستقبلا والحفاظ عليها.
تبقى المشكلة في قضيتين: تتعلق الاولى بتناول موضوع «الارهاب» في التعديلات، باعتباره محور الاعتقاد بعلاقة المسألة باحداث 11 ايلول، وهنا يجب السؤال: هل نؤيد هجمات 11 ايلول؟ بالطبع لا، فهي عمل اجرامي لا يقره ديننا، وبهذا ليس من مشكلة في ادانتها - ضمنيا - في المناهج الجديدة علما بان قضية الارهاب في التعديلات يتم تناولها بموضوعية حيث يوصف بالارهاب من يخطف طائرة في سياق عملية تهريب مخدرات، فيما يشار للدفاع عن الوطان ومقاومة الاحتلال بانها اعمال بطولية تستحق التقدير. وهكذا لن يرى أحد مشكلة في طرح موضوع الارهاب في المناهج الجديدة الا اذا كان يعتقد ان ابن لادن بطل همام!
المشكلة الثانية تتعلق بالترويج للخصخصخة واقتصاد السوق، والتي هي مسائل خلافية تجسد معارضة واسعة في الشارع والمجتمع، وهذا ما كان يجب على التعديلات ان لا تخوض فيه، فالطالب سابقا لم يكن يتعلم الاشتراكية حتى نجهد اليوم في تعليمه اقتصاد السوق وتلميع صورته في ذهنه، كما ان الامر كله لن يكون ذا فائدة تربويا اذا كنا نسعى فعلا، لاقامة دولة التعددية وحرية الاختلاف على اساس قاعدة الاحترام بين الجميع. والمعارضة التي ذهبت لحصر شكوكها في مسألة الارهاب يجب ان تتنبه لمضمون «التربية الاقتصادية» التي تحتويها التعديلات، فهنا تكمن المشكلة الحقيقية لان فكر الطالب فيها يصادر لرؤية اقتصادية دون اخرى.
وهكذا يمكن القول باطمئنان ان مشكلة التعديلات لا تكمن في كونها جزءا من سياق ما بعد 11 ايلول، وانما في كونها «تستسلم» لحالة العولمة الراهنة. وتعتبرها حالة ابدية/ مقدسة يجب تربية الناس عليها!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الغارديان تكشف نقاط ضعف في استراتيجية الحرب الإسرائيلية


.. تراجع مؤشر الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين للمرة الثانية




.. حركة نزوح عكسية للغزيين من رفح


.. مصر تعتزم التدخل لدعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام -الع




.. ديفيد كاميرون: بريطانيا لا تعتزم متابعة وقف بيع الأسلحة لإسر