الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ألا تشعرون بالعار بطرد الشاعر أحمد جان؟
حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)
2004 / 1 / 16
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
شعر القوميويون العرب و أذنابهم من مستعربين جدد بالخزي و العار عند وقوع الطاغية تاج رأسهم في قبضة القوات الأمريكية ، و قد هاجوا و ماجوا من المشاهد التي عرضت لصور الجلاد المهزوم و اعتبروها من أكبر الإهانات التي لحقت بالعرب . و معلوم عند القاصي و الداني أن العرب المغلوبين على أمرهم قد ذاقوا من الإهانات و الإضطهاد ما أنزل الله من سلطان على أيدي هؤلاء القوميين الذين نصبوا أنفسهم أوصياء عليهم و أباحوا لأنفسهم ممارسة كل أشكال التنكيل و الاستغلال ضد هم وهتك أعراضهم تحت شعارات واهية و خداعة . فباسم الوحدة و تحرير فلسطين ارتكب كبيرهم ابشع المجازر بحق السودانيين و اليمنيين مستخدما اسلحة الدمار الشامل . و قبل أيام لوّح النظام البعثي في سوريا بشعار
" تحرير الجولان عبر قنديل" باعلانه التحالف مع حليف اسرائيل ضد ما يسمونهم بالانفصاليين الأكراد.
و لا عجب أن يقدم نظام عنصري على طرد الشاعر أحمد جان عثمان من سوريا ، و قد حرم مئات الآلاف من رعاياه من حق المواطنة و مايترتب على ذلك من حرمانهم من العيش في مساواة مع مواطنيهم الآخرين وتبوؤ المناصب المهمة في البلاد و حق الدراسة و سواه . و هناك عشرات الشعراء و الكتاب يقيمون في منافيهم ، ولا يستطيعون زيارة" وطنهم" الذي حسب قول احدهم الجدير بالخيانة . و لست هنا بصدد الكلام عن انتهاكات النظام البعثي لحقوق و حريات الإنسان في هذا البلد ، فليس هناك من يجهل سجله في هذا المجال. لكن عجبي من أن كثيرا من المثقفين إلى هذا اليوم يتشبثون بهذا النهج العنصري الرجعي و كأنه لا حياة دونه ، فنحن اليوم في الألفية الثالثة ، عصر المعلوماتية و الديمقراطية و الجماهير لا يمكن للنهج و التفكير التوتالياري و الشوفيني أن يلائم الحياة ، إذ أنه يفتقد لآفاق المستقبل و متطلبات الأستمرار. و التوتاليتارية العربية قائمة إلى يومنا هذا ، إنما هو الوقت الضائع و قد تأخر موتها الذي كان يجب أن ينواقت مه انتهاء الحرب الباردة و انهيار الأنظمة التحريفية في اوروبا الشرقية.
إن السبب في طرد الشاعر السوري أحمد جان عثمان المتحدر من قبائل الاغوز الصينية ليس مجهولا رغم عدم اعلانه من قبل النظام السوري. و إن معرفة الظروف التي يمر فيها هذا النظام كفيل بمعرفة السبب غير المعلن. فكيف يحق لبلد طرد انسان يقيم فيه لأكثر من عشرين عاما ، و متزوج من احدى بناته و تصبح اما لأولاده ؟ و الأدهى أنه يكتب الشعر الجميل باللغة العربية التي يحبها و يجيدها أفضل من عرصات الاتحادات القائمة بأمر أنظمة الفساد العربية.
لا عجب ، لا عجب ، ألم يطرد التوأم البعثي في العراق مئات الألوف من مواطنيه و رماهم في حقول الألغام إلى خارج البلاد؟ ألم يحرم عشرات الكتاب و الشعراء من جنسيتهم؟ إن كل دول العالم المتحضر يحتضن كل الكفاءات القادمة اليها ، و انه حتى في تركيا تجنس ملايين من البشر بالجنسية التركية من بينهم المئات من الكفاءات العلمية و الادبية و الفنية . إن الانظمة العربية تكشف يوميا للعالم أنها لا تعيش في هذا العصر.
و حسب المقابلة التي اجرتها إذاعة بي بي سي مع الشاعر المطرود ، علمت أنه يعمل في إذاعة معارضة صينية موجهة الى الصين ، و الصين قوة عظمى لها حق النقض " الفيتو" في مجلس الأمن الدولي. و ان النظام السوري وضعته الإدارة الأمريكية على رأس الدول المارقة في محور الشيطان.
و بالتأكيد ينزعج النظام الصيني من معارضيه و ينفذ فيهم احكام الإعدام علنا ، وسط صمت الدول الصناعية و خاصة الولايات المتحدة ، حفاظا على مصالحها التجارية الكبيرة في الصين. لذلك ان السبب يتجلى بوضوح و هو أن الحكومة الصينية قد طلبت بشكل من الأشكال من الحكومة البعثية بأن تمنع أي معارض لها من القيام بنشاطات سياسية في اراضيها. أو ان الحكومة السورية تفهم ما تؤيد منها الصين . و ان النظام السوري لا يستبعد بأن الدور قد يأتيه بعد نظيره البعثي العراقي. ويتوهم – مثل كل الدكتاتوريات في العالم- بأن يكسب الصين الى جانبه في مجلس الأمن ربما سيشفع له إن استخدم حق الفيتو ضد اي قرار تستصدره الإدارة الامريكية يعطيها الشرعية الدولية باسقاط النظام البعثي السوري .
و ليس من المستغرب أن يؤيد عقلة عرصان هذا القرار و يشرعنه بشرعيته الكريمة ، مثلما طرد الكتاب العراقيين من مؤتمر المهزلة ، و قد يمدح هذا القرار بأنه تاريخي و خطوة كبيرة باتجاه تحرير الجولان . فماذا يقول المرء في مسخ لا يعرف إلا تبرير قرارات معادية للإنسان و الجمال ، و هنا اتذكر بيتا لشاعرنا أبي نؤاس ، عسى أن يفهمه عرصات بعقله النير بالريموت كونترول :
ماذا أقول فيك ؟ لا أدري إن هجوتك لأشفقت على شعري
و إن الشاعر السوري – غصبا عليكم سوري للنخاع – أحمد جان ليس كارلوس و لا عبدالله اوجلان ، و أنه جاء اليكم يحمل فقط قلبه و حبه للغة العربية و آدابها .. و إنه لمن دواعي الأسف صمت المثقفين العرب على قرار طرده .. القرار الذي يفتقد إلى أي مسوغ قانوني و أخلاقي ، و إني أوجه ندائي لهم وأناشد الشرفاء منهم بأن يبدو موقفهم قبل فوات الأوان ، فالإنسان ليس إلا مواقف.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ترامب يؤيد قصف منشآت إيران النووية: أليس هذا ما يفترض أن يُض
.. عاجل | المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: هذا ما سنفعله مع إيران
.. عاجل | نتنياهو: لم نستكمل تدمير حزب الله وهذا ما سنقوم به ضد
.. قصف مدفعي إسرائيلي وإطلاق للصواريخ أثناء مداخلة مراسلة الجزي
.. نائب عن حزب الله للجزيرة: الأولوية لدينا حاليا هي لوقف إطلاق