الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المحنة المصرية من - الشدة المستنصرية - إلى - الشدة المباركية - !

أحمد بهاء الدين شعبان

2008 / 6 / 5
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


القاهرة فى اكتئاب ، والأنس عنها غاب
من عتمه تدخل لعتمه ، كأنها ف سرداب
وقريه مرمى عليها ضل هجّانه *
الحظر م المغربيه ، بأمر مولانا
ومصر فى الليل بتولد ، والبوليس ع الباب

( صلاح جاهين ـ على إسم مصر )




استقبل الرئيس " حسنى مبارك " يوم 4 مايو/ آيار الماضى استقبالا جديدا من نوعه ، إذ لأول مرة فى تاريخه الممتد ، يحتفل بيوم ميلاده ، ( الثمانينى ) ، وسط ضجيج دعوة واسعة النطاق ، أطلقتها قطاعات متعاظمة من الشباب اليافع ، نشطت على مواقع شبكة الإنترنت ، واستخدمتها كمنتج تكنولوجى متيسر، هى ورسائل الـ " SMS " المرسلة بواسطة التليفونات المحمولة ( الخليوية ) ، من أجل بث الدعوة " للإضراب فى هذا اليوم عن العمل والدراسة ، وارتداء الملابس السوداء ، ومقاطعة عمليات الشراء ، والمكوث فى المنازل ، وإطفاء الأنوار ، وتعليق الرايات السوداء والأعلام الوطنية ، وحمل شارات الاحتجاج على الصدور ، والتظاهر فى الميادين العامة إن أمكن " ، اعتراضا على استمرار بقاء " مبارك " على كرسى الحكم لمدة 27 عاما ، منذ عام 1981 وحتى الآن ، وقبلها لمدة ست سنوات أخرى ، نائبا للرئيس السابق " أنور السادات " ، واحتجاجا على التدهور الشامل للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ، وعلى الأزمة الطاحنة التى تضرب أركان البلاد ، ومناحى الحياة كافة ، وللمطالبة برحيله ورحيل نظامه ، اللذان دفعا بالبلاد إلى أوضاع من اليأس والمعاناة لم يمرا بها فى تاريخها المعاصر .
ـــــــــــــــــــــــــ
الهجّانه : قوات قمع الفلاحين من راكبى الهجن( الجمال) فى العهد الملكى ، وكانت تستخدم لفرض حظر التجوال على القرى المتمردة ضد سطوة الإقطاع آنذاك.

واللافت أن الدعوة لهذا الإضراب الجديد ، على الرغم من أنها لم تحقق النتائج المأمولة ، وما كان لها أن تحققها بسبب غياب شروط عديدة ، أهمها أنها أتت ولما يمض على الدعوة لإضراب يوم 6 أبريل / نيسان الماضى إلا أقل من شهر واحد ، ففى ذلك اليوم المشهود الذى دخل التاريخ المصرى من أوسع أبوابه ، باعتباره الإضراب الشعبى الأول ، فى مصر، منذ ما لا يقل عن ستة عقود ، وبسبب الاستجابة الجماهيرية الملحوظة من جهة ، ولمشاركة عمال " المحلة الكبرى " ، المركز الصناعى الشهير فى دلتا وادى النيل بمحافظة الغربية من جهة أخرى ، هذه المشاركة التى أعطت الدعوة للإضراب زخما قويا ، خاصة بعد اصطدام أهل البلدة بجحافل أمن النظام ، التى احتلت المدينة وحولتها إلى ثكنة حربية ، وخاضت حرب شوارع مجهدة فى مواجهة الجموع العمالية الغاضبة ، المحتجة على تدهور أوضاعها ، والمطالبة بتحسين هياكل الأجور ، وظروف الحياة المتردية ، ولجأت السلطة ، خلال وقائع ذلك اليوم ، إلى العنف الدموى ، بكل أشكاله ، لإجهاض هبة الجماهير العمالية ، وصولا إلى استخدام السلاح الحى ، الذى أدى إلى استشهاد ثلاث ضحايا أبرياء ، وسقوط مئات الجرحى ، واعتقال مئات آخرين !



دولة الـ " Face Book " الديموقراطية :

وكان أبرز مافى ذلك اليوم المشهود ، هو إبداع الشعب المصرى فى مواجهة نظام متسلط ومستبد وفاسد .
فبعد ما تصور الحكم أنه نجح فى السيطرة على الأحزاب ( الرسمية ) وقمعها وتدجينها ، وفى توجيه ضربة عنيفة ومؤثرة لجماعة " الأخوان " ، ( المحظورة ) ، بالمحاكمات العسكرية الجائرة التى طالت عددا من أبرز ركائزها الاقتصادية وكوادرها السياسية والعلمية ، وفى محاصرة حركــة " كفايه " ولجم اندفاعاتها القوية ، فوجئ ، ومن حيث لا يحتسب ، ببروز جيل جديد من المعارضين العنيدين ، ممثلا فى عشرات الآلآف من الشباب فى سن اليفوعة ، كلهم من مواليد " العهد المباركى الميمون " ، أو من " الأجيال التى ولدت وعاشت فى ظل حالة الطوارئ الممتدة للعام السابع والعشرين على التوالى ! " ، شباب فى ميعة الصبا ، أغلبهم فى العقد الثانى أو بدايات العقد الثالث من العمر ، استطاعوا باستخدام موقع الـ " Face Book " ، على شبكة الإنترنت ، أن يسببوا اضطرابا واسعا للنظام ، لعل أبرز مظاهرة هو حالة " الهلع " الأمنى فى مواجهة هذه الظاهرة الجديدة ، والتى دفعته للإقدام على خطوات قمعية عشوائية ، غير مسبوقة : ( كاعتقال نشطاء هذه المواقع ، والإعداد لفرض الرقابة الأمنية عليها ، وتعقب البارزين من مستخدميها ، ومتابعة رسائل الـ " SMS " ، والتدخل الأمنى ، عبر شركات التليفون المحمول لتتبع مرسليها ... إلخ ) .

والمدهش أن هذه الهجمات الانتقامية ، كانت عنصرا إضافيا لاشتعال غضبة " مواطنى دولــــة الـ " Face Book " الديموقراطية ! " ، ولاتساع نطاق المشاركين فى حملاتها ، ( والمقدرين بربع مليون فتى وفتاة ) ، وانضمام قطاعات أكبر من الشباب ( غير المسّيس ) إلى حملاتها ، أغلبهم فى عمر " أحفاد " الرئيس " مبارك "، ومعظمهم لم يعرف رئيسا للبلاد سواه ! ، والذين صعـّدوا من دعوتهم لـ " الإفراج عن مصر " ، و " لوقف النزيف وبيع مقدرات البلاد " ، و " لانتزاع حقوقنا وأموالنا المنهوبة " ، حسبما جاء فى بياناتهم وملصقاتهم التى امتلأت بها المواقع الإليكترونية الخاصة بهم .

بين " الرئيس المؤمن " و " الرئيس المزمن " ! :

ولم تكن هذه الدعوات للإضراب والاعتصام والتظاهر ، بأى صورة ، مفاجأة لكل من يتابع منحنى تدهور الأوضاع فى مصر ، وتطوراته الدرامية ، وبالذات فى الفترة القريبة الماضية ، ويجزم كل متابع للوضع فيها أن هذه الموجة من الإضرابات والاعتصامات والتظاهرات لن تكون الأخيرة بأى حال ... فى المواجهة المتصاعدة بين الشعب ، بفئاته وطبقاته ومكوناته المتعددة ، وبين الحكم المترهل الفاسد ، برمزه ، " حسنى مبارك " ، وإذا كان الرئيس " أنور السادات " قد أطلق على نفسه اسم " الرئيس المؤمن"، فقد أطلق المصريون ،اللاذعو اللسان وصف " الرئيس المزمن " ، على " حسنى مبارك " ، فهوصاحب ثالث أطول فترة حكم ممن جلس على كرسى " المحروسة " ، [ بعد رمسيس الثانى ( فرعون المجد والانتصار) ، ومحمد على باشا ( بانى مصر الحديثة ) ] ، وكما كتبت صحف المعارضة ، فقد استهلك " حسنى مبارك " حكم أربعة رؤساء أمريكيين ، ويوشك أن يشهد الرئيس الخامس ، وثمانية رؤساء حكومات إسرائيلية ، واثنتى عشر رئيس وزراء إيطالى ، وأربعة مستشارين ألمانيين ، وأربعة رؤساء حكومات بريطانيين، وثلاثة رؤساء فرنسيين ، وثلاثة ملوك سعوديين ، ورحل أغلب الحكام العرب الذين رافقوه ، فى بداية مشواره ، ولم يعد معظمهم فى السلطة ، وأصبح يجلس فى مؤتمرات القمة مع أبنائهم ! .

شيخوخة نظام ... شيخوخة دولة !

وفى عصره شاخت الدولة المصرية التليدة ، وأصابها الهرم ، وحل بأعطافها الخمود ، وأصاب شرايينها الجمود ، وأصبح حالها : " عجوز يحكم عواجيز ، ويعارضه مسنون " ، إذ ليس هو وحده الطاعن فى السن ، ولا أركان حكمه فحسب ، كما يكتب " محمد اسماعيل " ، فى جريدة "البديل" ، (/5/2008 ) .
، وإنما امتدت هذه الحالة البائسة فشملت أركان " المعارضة " ، ( الرسمية ـ الشرعية ! ) ، و( المحظورة ) ، كذلك ! : " فمرشد " الأخوان " سيحتفل بعيد ميلاده الثمانين بعد الرئيس بشهرين ، وضياء داوود ، ( الحزب العربى الناصرى ) ، بلغ الثانية والثمانين ، ولا يزال متشبسا برئاسة الحزب ، ود. رفعت السعيد ، ( قومسيير حزب التجمع ) ، على أعتاب الثمانين " ، أمد الله فى أعمارهم جميعا ! .

تراجع الدور المصرى :

وفى عهد الرئيس " مبارك " تراجع الدور الريادى ، السياسى والحضارى لمصر، ضمن وطنها العربى ، وعالمها ( الثالث ) ، والعالم أجمع ، تراجعا مأساويا ! ، وفقدت مصر مكانتها المرموقة التى تحققت لها فى العهود السابقة ، وبالذات فى حقبة احتدام معارك التحرر الوطنى المشهودة ، خلال فترة حكم الرئيس الأسبق " جمال عبد الناصر " ، وتقزم الدور المصرى بصورة محزنة حين تخلت إدارة مصر " مبارك " ، عن ثوابتها الاستراتيجية ومستهدفاتها العليا ، لصالح الدولة الصهيونية ، ومراكز النفوذ النفطى الخليجية ، التابعة للولايات المتحدة الأمريكية ، فتقلص اهتمام النظام بالقضايا العربية والأفريقية ، حتى المصيرى منها ، كالعدوان الصهيونى المستمر على الشعب الفلسطينى واللبنانى والسورى ، أو الاحتلال الإجرامى الأمريكى للعراق ، أو التهديدات الكارثية فى السودان التى تهدد مصدر الحياة الأساس لمصر ( النيل) ، ... ألخ.
ومع الإعــــــــلان عن أن " خيار النظام الاستراتيجى هو السلام " ، وأن " حرب أكتوبر/ تشرين هى آخر الحروب " ، انطلقت الدولة الصهيونية تعربد فى المنطقة بلا رادع ، وتدعمت مسيرة " هرولة " النظم العربية إلى أحضانها ، وتكرس " التطبيع " السياسي والاقتصادى ، وأصبح الشغل الشاغل لمبارك وأركان حكمه إثبات أنهم الأجدر ، والأقدر ، على النهوض بمهمة خدمة السياسة الأمريكية فى منطقتنا ، وضمان وحماية المصالح الأمريكية المستهدفة فيها : النفط ، وأمن إسرائيل ، وبقاء أنظمة التبعية والاستخذاء ! .

تغوّل جهز الأمن :

وفى عهده اتسع دور وسطوة وجهاز الأمن إلى درجة هائلة ، مقابل تقلص دورالهيئات السياسية إلى درجة محزنة ، وتضخمت أحجام قوات القــــــــــمع إلى مستوى بالــــــغ الخطر ( أشارت مجلـة " الإيكونومست " البريطانية إلى أن عددهم بلغ مليون وأربعمائة ألف مجند ، مدجج بالعتاد والســـلاح ) ، وتغولت ممارساته حتى أصبح انتهاك الأعراض ، والتعذيب المفضى إلى الموت ، والاعتقال المتكررحتى لمن يصدر القضاء أحكاما تبرء ساحتهم ، واستخدام سلاح البلطجة ، والقمع المفرط لرموز وكوادر المعارضة السياسية ، ( بل وللمواطنين العاديين ! ) ... أمرا طبيعيا ، وممارسة يومية ومنهجية ، حولت مصر إلى دولة بوليسية بامتياز ، يتم فيها التجسس على كل تحركات وتليفونات المعارضين ، وعلى رسائلهم البريدية والإليكترونية ، دون خشية من عقاب أو حساب على جريمة انتهاك القانون والدستور ،وقد كان رد "حبيب العادلى"، وزيرداخلية " مبارك " حينما ووجه بهذا السلوك الشائن قاطعا ودالا : " من يخاف لا يتكلم " !! .

ومن الطبيعى والحال كذلك ، أن تكون الأولوية ، فى موازنة عام 2008 ، لمتطلبات جهاز أمن النظام ، الذى خصص له مبلغ تسعة مليارات جنيه ، فيما تم اقتطاع مليار وتسعمائة مليون جنيه من مخصصات التعليم ، الذى يعانى من أزمات ضخمة بسبب ضعف الإنفاق عليه للعجز عن تدبير الموارد المطلوبة ! .

والأطرف أن وزارة الداخلية لم تكتف بهذا المبلغ الهائل ، وإنما طالبت بزيادة قدرها 364 مليون جنيه ، لمواجهة فاتورة ارتفاع أسعار المواد الغذائية ، ومستلزمات بناء " منشآت جديدة " ، ( سجون ومعتقلات ومراكز تدريب لقوات القمع ! ) ، ولمعادلة الزيادة فى سعر" اليورو" ، ( الذى تستورد به آلات التعذيب وأدوات فض المظاهرات والاعتصامات والإضرابات ، وأجهزة تتبع المعارضين والتجسس عليهم ! ) .

عاطلين بلا أمل ! :

وفى عصر الرئيس " مبارك " ، ارتفعت أعداد العاطلين عن العمل فى مصر إلى أعداد غير مسبوقة ، يقدرهم الدكتور " نادر الفرجانى " ، الخبير الاقتصادى المعروف ، باثنتى عشر مليون مواطن ، أكثرهم من الشباب ، يزيدون إلى أربعة وعشرين مليونا إذا وضعنا فى الاعتبار الحصول على عمل جيد يتناسب مع إمكانات الفرد ، من بلد تعداده نحو 78 مليونا ( أى مابين 15 % و 30 % من إجمالى المواطنين عاطلين عن العمل ، بصورة أو أخرى! ) .

تضخم واحتكار :

وفى عهد " حسنى مبارك " ، أيضا ، تدهورت معيشة فئات اجتماعية كانت " ميسورة " أو " مستورة " إلى مهاوى الفاقة والعسر، وازدادت أعداد الفقراء من بين أبناء الشعب المصرى ، وبلغوا نحو ستين مليون فرد ، وحسب تقديرات الدكتور الفرجانى ، تفاقمت الفوارق الطبقية ، حيث انخفضت عوائد العمل والأجور والمعاشات من الدخل القومى ، من 44 % عام 1975 إلى أقل من 20 % الآن ! ، وبما يعنى أن" الجانب الأكبر من الدخل القومى ( نحو 80 % ) تحتكره السلطة الحاكمة مع من يسميه الدكتور نادر الفرجانى فى ، حديثه لجريدة " الأهالى " ، (30/4/2008 ) ، " الشلة " المحيطة بها ، التى تحتكر ـ بشكل كامل ـ السلطة والثروة فى مصر، ممثلة فى هذا التزاوج الخطر" بين أعمدة الحكم فى السلطة السياسية وبين فئة رجال الأعمال الكبار ".

وفى عصره ، كما اعترف المهندس " رشيد محمد رشيد " ، وزير الصناعة والتجارة فى وزارة الدكتور" أحمد نظيف " الحالية : " ارتفع التضخم فى أسعار عدد من المنتجات الحيوية وخاماتها بنسبة تتراوح بين 400 % و 500 % ، وزادت أسعار الأغذية بنسبة 70 % ، فى العام الماضى ، وبنسبة 30 % خلال شهرى يناير وفبراير / كانون ثانى وشباط الماضيين ، أما أسعار الحبوب فارتفعت بنسبة 150 % " ! . ( البديل 18/3/2008 ) ، فى الوقت الذى قدر " برنامج الغذاء العالمى " ، متوسط ارتفاع الأسعار ، خلال عام واحد فقط ( 2007 ) ، بـ 122 % .


من " الشدة المستنصرية ... إلى " الشدة المباركية " ! :

وهكذا ، فيمكن القول أن نظام الرئيس " حسنى مبارك " ، " قاد " البلاد إلى أوضاع غير مسبوقة ، ربما لا يماثلها إلا " الشدة المستنصرية " ، التى عاشتها مصرعلى عهد الخليفة " المستنصر بالله " ، حين ضرب القحط البلاد بسبب انحسار مياه النيل لسبع سنوات متتالية ، وكان أن أكل المصريون آنذاك ، لحوم القطط والكلاب ، لندرة الغذاء ، وبادلت بنت شهبندر التجار وعاءا ً من الذهب بآخر من الخبز لندرته !! .، وملأت الجثث المتعفنة ، التى قضت من فرط الجوع ، الحارات ومجارى النهر المجدب ،على نحو ما يذكر المؤرخون من معاصرى تلك الفترة الكئيبة ! .

وفى مقابل " الشدة المستنصرية " التى استمرت سبع سنوات ، دامت " الشدة المباركية " سبعة وعشرين عاما !! ، وفيها أكل المصريون لحوم الحمير والكلاب " ، وسقط 13 قتيلا فى حروب الحصول على بضعة أرغفة من الخبز لا تسمن ولا تشبع ، ونشبت " حروب المياه " ، بين القرى والمواطنين لرى الأرض الظمأى ، أو للحصول على " شربة ماء " ( ملوثة وغير صالحة للاستخدام الآدمى ! ) ، وينتحر الفقراء ، فى مصر" مبارك " ، يأسا وإحباطا ، وقنوطا وكمدا ، وآخرهم "زينب محمد الشبيبى " ، من مدينة طنطا ، محافظة الغربية ، التى قتلت نفسها ، وهى فى ريعان الشباب ، منذ أيام وجيزة ، بعد أن أعيتها الحيلة لتدبير احتياجات حياتها وحياة أسرتها المتواضعة ، وكانت آخر كلماتها : " العيشة طين ، والمسؤلين عايشين فى قصور ومش حاسين ! " .

على أعتاب ثورة جديدة :

كتب " جون برادلى " ، الصحفى البريطانى ، والخبير المتخصص فى شئون الشرق الأوسط ، فى صفحات كتابه ، الذى صدر مؤخرا بالولايات المتحدة ، بعنوان " Inside Egypt " ، يسجل نبوءته الكاشفة :

" مصر على أعتاب ثورة جديدة ... حيث التدهور السريع فى كل القطاعات ، والغنى يزداد ثراء ، والفقير يزداد فقرا ، والهوة بين النظام والشعـب تزداد اتساعا ، فالأسعار الآن زادت ثلاثة أضعاف ماكانت عليه عام 1999 ، فيما لا تزال أجور أصدقائى المصريين ثابتة... هناك شييء ما لا تستطيع تحديده : مزيج من الإحباط والغضب واليأس منتشر فى كل مكان ، مصر الآن قريبة من حدوث تغير دراماتيكى، والمصريون الآن يعيشون فترة مثل تلك التى سبقت ثورة 1952 ، ومثل تلك التى سبقت اغتيال السادات ... لقد حول النظام شعبه إلى عدو ، وتعيش مصر الآن فى ظل حكم تسلطى أدى إلى انتشار الخوف وفقدان الأمل وطغيان الفساد فى المجتمع ، وتحولت البلد الذى تمتع شعبه طوال تاريخه بالانفتاح والتسامح إلى مكان يكسب فيه الأصوليون أرضا جديدة كل يوم ، ونظامها أصبح أكثر االنظم العربية قسوة ، حيث يمكن أن يسجن فيها ، أى مواطن أو يتعرض للتعذيب فى اى وقت ، وبدون أى سبب ! ، ومع غياب أى نوع من شرعية النظام ، فإن ما يبقيه فى الحكم هو التخويف ، والترهيب لا غير ! " .

أما جريدة " الواشنطن بوست " ، فقد عكست رؤية مجموعة من الخبراء والاقتصاديين لدلالات " أزمة الخبز " التى اندلعت فى مصرمؤخرا ، ولازالت مظاهرها قائمة ، فقالت : " إن هذه الأزمة كشفت عن عدم قدرة الحكومة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه المواطنين ، بعد أن حرمهم النظام السلطوى من الحقوق السياسية والاقتصادية ، ولم يبق سوى أن يحرمهم من الخبز المدعوم ، الذى يعتبر وسيلة البقاء ، فى البلد الذى يشتمل على أكثر من ثلاثين مليون فقير " ، وأشارت إلى أن الوضع الحالى فى مصر " يهدد بثورة شعبية ، على غرار ثورة 1977 ، التى أطلق عليها " ثورة الجياع " ، والتى قام بها المواطنون ، عندما أقدمت الحكومة على رفع الدعم عن الخبز ، وهو الأمر الذى أدى إلى اندلاع انتفاضة شعبية واسعة فى مصر ، فى عهد الرئيس الراحل " أنور السادات " ، وسرعان ما نجح المواطنون فى استعدة الدعم " ، ونقلت قول الدكتور " عمرو الشوبكى " : " المزاج العام للشعب هو الغضب ، وأعتقد أن الدولة على حافة الانهيار ! " .)
هذه هى الحال ، فى قاهرة المعز ، يوم بلوغ " حسنى مبارك " عامه الثمانين .
عضو مؤسس بحركة " كفايه "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تأخذ استراحة بشكل صحيح؟ | صحتك بين يديك


.. صياد بيدين عاريتين يواجه تمساحا طليقا.. شاهد لمن كانت الغلبة




.. أمام منزلها وداخل سيارتها.. مسلح يقتل بلوغر عراقية ويسرق هات


.. وقفة أمام جامعة لويولا بمدينة شيكاغو الأمريكية دعما لغزة ورف




.. طلاب جامعة تافتس في ولاية ماساتشوستس الأمريكية ينظمون مسيرة