الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أي ّ عهد من دول ساهمت بتدمير العراق وشعبه؟

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2008 / 6 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


انعقد في الثامن والعشرين من شهر أيار الماضي بدعوة من الحكومة العراقية والأمم المتحدة مؤتمر العهد الدولي بمشاركة حوالي 80 مندوبا من وزراء خارجية مختلف البلدان.
والعهد الدولي مع العراق هو عبارة عن مخطط تنموي على الصعيدين الاقتصادي والسياسي لمدة خمس سنوات اقر في اجتماع دولي عقد في مايو/ أيار عام 2007 في منتجع شرم الشيخ المصري. ويعتبر هذا الاجتماع الثاني لبرنامج لمدة خمس سنوات، تقدم فيه الحكومة العراقية تقارير إلى المجتمع الدولي عن منجزاتها مقابل ما يمكن الحصول عليه من دعم دولي.
شاركت في هذا الاجتماع أهم دول العالم والمنطقة، وترأسها أمين عام الأمم المتحدة و رئيس الوزراء العراقي الذي انتهزه أيضا فرصة يمكنه التباحث في هامش المؤتمر في القضايا الحيوية المختلفة المرتبطة بالعراق.
وإن أهم نقطة طرحت في المؤتمر كانت تقرير نوري المالكي، الذي أسهب فيه شرحا عن "التقدم" الذي أحزرته قوات الأمن العراقية في بسط "الأمن والاستقرار " ، و انحسار قوى الإرهاب أمام تطور القوات المسلحة للحكومة العراقية.

ومن الطبيعي أن يتم الترحيب بكلمة المالكي من قبل المشاركين في العهد" النفاق" الدولي، إذ نقلت والميديا ارتياح الدبلوماسيين . و طالب المالكي بدعم مالي مقابل "التقدم" الحاصل في العراق، من ضمنه حذف الديون القديمة على العراق، وخاصة من قبل دول المنطقة وفي مقدمتها السعودية والكويت.
و توحي تصريحات المشاركين الرئيسيين في العهد الدولي مثل الأمم المتحدة، والحكومة العراقية ، ومندوبي بلدان أوروبا ، وتقييمهم له ،بأن المؤتمر كان ايجابيا و ناجحا. لكن واقع حال المواطن العراقي ، و ما يلمسه أي مراقب واعي و منصف ، لم ير في المؤتمر سوى مستنقع من الأكاذيب والتضليل و النفاق الدبلوماسي، إذ يمكن اعتبار هذا العهد الكاذب من بابه إلى محرابه كان الغرض منه تبرير مأساة شعب العراق واستمرارها ، وتحولاتها من شكل إلى آخر.

إن كل وقائع المؤتمر ومراسمه دليل على الاعتراف الرسمي للسياسات والدبلوماسية العالمية للعالم المعاصر بالأوضاع السائدة المأساوية في العراق التي هي من نتاجات الاحتلال العسكري الأمريكي للعراق وأفغانستان ، و سياسة النظام العالمي الجديد للرأسمالية. فهذا البلد و شعبه ليسا ضحية كوارث طبيعية، بل استحال العراق خرابا بتأثير القنابل الأمريكية. كل البنية التحتية والاجتماعية والاقتصادية تم تدميرها وفق خطة واعية ومدروسة و غالبا مكشوفة من قبل الامبريالية الأمريكية والجيش الأمريكي.
وإن القوى الرجعية الحاكمة في العراق ليست سوى نتيجة هذا الاحتلال والعدوان الإمبرياليين، أو من مأجورين للأجهزة الأمنية والعسكرية والاستخبارية الأمريكية.
لقد تمزق المجتمع العراقي إثر الحروب والإرهاب والرجعية والظلامية ، وأن مشعلي نيران هذا الجحيم معروفين للعالم ، مثل شهرة من يدعمهم ماليا وسياسيا .

كل شيء اليوم في العراق يعاني الدمار والخراب، حيث ارتفاع قاتل لنسبة البطالة ، والفقر ، وانعدام الأدوية والرعاية الطبية ، و لا يتحمل المسؤولون أية مسؤولية إزاء تأمين أبسط مستلزمات معيشة المواطنين ، لكن يتم استخراج كميات هائلة من النفط سواء في الجنوب و كُردستان العراق و يتم تهريبها إلى خارج العراق وبيعها بثمن بخس يتحول إلى أرقام فلكية بعد تراكمه، يتم بها تمويل العصابات الإرهابية الإسلامية والطائفية والقومية ، في وقت العراقيون محرومون من الوقود و الماء الصالح للشرب و الخبز و الأدوية و ....
هذه الوقائع البسيطة والبديهية كانت غائبة عن مؤتمر ستوكهولم الذي تظاهرت فيه حكومات الولايات المتحدة ، وإيران و السعودية والكويت ، وكل الدول التي سببت خلق هذا الجحيم لأهالي العراق ، كخيرين و ملائكة رحمة على شعب العراق المكتوي بنيران الاحتلال والطائفية والرجعية والإرهاب. و كل هذه الدول المسببة لنكبة شعب العراق أعلنت رضاها عن التقدم الحاصل في العراق التي حققته حكومة المالكي باعتبارها "ممثل الشعب العراقي المشروع والمنتخب".

إن كل وقائع المؤتمر و نتائجه تشير إلى أن العهد الدولي يتعهد بمصير غاية في الفجاعة والفظاعة والخطورة للشعب العراقي. هل اتفق الجميع على ترك جماهير العراق لمصيرها ، فريسة هذه التنائن التي هي على هيئة بشر؟ و أن تعقد فقط مؤتمرات " بصحبمصيرهم،ين القتلى بيد المحتلين و صنائعهم أو غرمائهم المنتمين إلى الوجه الآخر للإرهاب العالمي؟ هل على العراقيين أن يقبلوا بمصيرهم، و يستمعوا كل عام إلى تقرير عن " تحسن الأوضاع الأمنية والمعيشية في العراق" ؟ , أن ترنو عيونهم مترجية إلى صدقات تستقطع من أجسادهم و أرواحهم؟

كان مؤتمر ستوكهولم خاليا من صياغات لوعود " تحرير الشعب العراقي و الإتيان بالديمقراطية لهم"، ولم تتكرر وعود بوش ورامسفيلد ، ولو ، سهوا. لقد كان جليا كلما غرقت السياسة الدولية في مستنقع الكذب والنفاق، أصبحت أعجز على استيعاب الدعايات التي صاحبت احتلال العراق. ربما اعتبر نسيان وعود بوش انجازا هاما للمشاركين في المؤتمر.
الدنمارك كانت من الدول المشاركة الرئيسية في المؤتمر ، وهي التي شاركت أمريكا بشكل رئيسي في احتلال العراق ، و جنت أرباحا طائلة على حساب مآسي العراقيين ، و أرواحهم ، وتشردهم ، فلو كانت هذه الدولة تملك ذرة من الضمير لما قامت بطرد طالبي اللجوء العراقيين الذين هربوا من الجحيم الذي ساهمت حكومة الدنمرك بفعالية في خلقه. حكومة الدنمرك قبلت من مجموع عشرات الآلاف من طالبي اللجوء لجوء بضعة عائلات فقط كانوا يعملون مع قواتها المحتلة مترجمين و دلائل.
لكن خارج المؤتمر لم تخل ُ الدنيا من شرفاء يعبرون دائما عن مواقف تقدمية وإنسانية من قضايا العراق والشعوب المحرومة ، أدانوا ، طبعا، كلا الإرهاب الامبريالي الرأسمالي و الإرهاب الإسلامي القومي الرجعي ، وهي تطالب قوى الاحتلال بالخروج من العراق ، وبعدم تدخل أية دولة في شؤون العراق، وتجريد المليشيات الطائفية والقومية من أسلحتها ، و منح العراقيين حقهم في تقرير مصيرهم السياسي ، وتعويضهم عما عانوه لأجيال عديدة من دكتاتورية وحروب بالنيابة عن الصهيونية والامبريالية ، جنت من ورائها الشركات الرأسمالية ولا تزال مليارات الدولارات .

2008-06-05









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المناظرة الرئاسية بين بايدن وترامب على CNN.. إليك أبرز اللقط


.. رغم تراجع الرئيس عن توقيع مشروع الموازنة.. استمرار المظاهرات




.. انفعال بايدن على ترمب بسبب -قدامى المحاربين-


.. عائلات قتلى ومحتجزين إسرائيليين تلجأ للمحكمة العليا للمطالبة




.. سي إن إن تحقق في تصريحات ترمب: بايدن تمكن من توفير 15.6 مليو