الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وداعا وداعا .. كامل العامري

زهير كاظم عبود

2008 / 6 / 7
سيرة ذاتية


مددت يدي الى الورقة التي تضمنت قصيدته وكتبت فوقها بخطي وبشكل واضح :
(( إليك يامن سافرت بلا شكوى .. لقد كنت بيننا وستبقى حتى نمد لك أشرعة النصر لتحيا من جديد )) ، أعدت القصيدة إليه ، توالت النصائح من رفاقي كوادر الحزب الشيوعي إن لاأجازف بتبني مصاحبة (( كامل العامري )) الى حفل تأبين الشهيد محمد الخضري (( أبو سلام )) ، ولم يكن كامل العامري ملتزما ، وكنت قد التقيت بأبي سلام قبل أسبوع من استشهاده في بغداد ومعي عبد الإله عبد الشهيد ، وشكوت أليه الأساليب التي يتبعها رجال البعث والأمن في ترويعنا وتعذيبنا ، فأكد لي المخطط الخبيث الذي تتبعه السلطة .
كنت مصرا على اصطحاب (( كامل العامري )) على مسؤوليتي ودون أن تطلع اللجنة المحلية على القصيدة ، غير أنني قرأتها وأطلعت عليها ، وكنت متيقنا من أن (( كامل العامري )) مبدعا ووطنيا وعراقيا أصيلا ، ومن بين كلمات القصيدة كنت اشعر أن كامل وحدة من يستطيع تجسيد حقيقة كلمات تلك القصيدة ، لأننا نعرف محمد الخضري ، ونعرف وجع العراق ، ونعرف قيمة وحجم الاحتفالية التي تحضرها مجموعة من الرفاق القياديين ، بالإضافة الى أعداد قيادات من حزب القتلة ( حزب البعث ) .
وبعد تلك المناسبة كانت لحظة ألافتراق والفراق حيث زففنا رفيقنا وأميرنا محمد الخضري الى درب الشمس وخلود العراق ، غير أن قصيدة كامل العامري التي ساهمت ( الثقافة الجديدة )) في نشرها وتخليدها ، بقيت قلادة من قلائد الشعر الشعبي العراقي وستبقى .
وسافرنا بلا شكوى .. أرسل لي قصائده الى دمشق أثناء التحاقي بالعمل الفدائي الفلسطيني .. أرسلتها بدوري الى الآداب ونشرنا قسم منها في نشرات المعارضة بدمشق وبيروت ، غير انه توقف ، و بقيت متابعا لكامل العامري الشاعر والمبدع والإنسان ، بقيت اسأل عنه وهو يحاول أن يضمد جراحه ويداري حياته ، غير أنه غاب عن الساحة دون مبرر .
كان كامل العامري علما عراقيا ، وشاعرا مرموقا ، وكان كامل محبوبا ويتمتع بشعبية كبيرة وسط أبناء الديوانية ، التزم بالتقوقع والانزواء ربما لظروف شخصية أو صحية لا ادري .
غير أن كامل العامري باق وسيبقى في الذاكرة بعد أن نقش أسمه فوق سماء العراق ، بعد أن طرز سماء الديوانية بتلك القلائد الملونة .
ورحل كامل العامري كما طالعت أخبار الانترنيت التي تنقل لنا تلك الأخبار الموجعة ، غير انه باق في الضمير ، لتلك المواقف الشجاعة في الزمن الصعب ، في زمن كنا فيه القلة أمام اندفاع الأمن والإرهاب ، غير أن كامل تمسك في البقاء ضمن دائرة الحزب الشيوعي ، متباهيا ومعلنا شجاعته في مرافقته لنا في سيارة الحزب الشيوعي من الديوانية الى بغداد لتأبين الخالد محمد الخضري ، ليطلق قصيدته الخالدة :
(( بجينة وما بجينة عليك
ياجلمة بحلك تاريخ
دكت فوك وجنات الزمان بدور
بجينة بدم سرج مهرة كبل ما يأخذ بثارة ويبشر أور
بجينة شتعتذر بابل بجينة شتعتذر لو عاتبت آشور
فنه الموت يمحمد عليك أيفوت
ندريبك عدل والموت ..بيك الموت..وأنته الموت
يلخطيت بجروحك درب ثوار
يلشكيت من هام السمة للكاع سجة نار
يمحمد...
حمامات السجن يتنشدن ضلن
يمحمد..كطايات الشلب حنن
دكلي شنعتذر للماي واطراف السعف والهور لو عتبن
يمحمد بيارغنه وضحايانه.. تمد فوك الحياة جسور
موش احنه شمس
وافكارنه بدرب الكواين والزمان أتنور
موش احنه حلم ريان
ويرفرف على جفون الصبح راية
موش احنه نبع.. يطلك على دموع الحزن مايه
موش احنه شتلنه ارواحنه ابهذا الدرب ثاية
ما نبجي على ذاك الفاج ماي الموت
واتعنه الوفه وما ذلن أيامه
ما نبجي على ذاك الفارس الما عثرن اجدامه
ما نبجيك هنيالك والف هنيال
كلمن شال زاد العمر بجفوفه
ما نبجيك هنيالك والف هنيال كل خيال
ما هد الرسن مره وطفح خوفه
ما نبجيك ولو ندري البواجي تفيد
ما خلينه من ماي الدمع كطره
ما نبجيك.. لو دمع البواجي يفيد
جا فاد الفرات و(حسن) رد عمره))
ولعلي لاأتجاوز ما يحفظه الطيبين من القصيدة ، وليعذرني من يعذرني بسبب العمر ومكابدات الزمن ، ومما يعرفونه عن كامل العامري ، الذي جاهد وأعطى ورحل فقيرا نظيفا طيبا . أنه يضع المبادئ في ثنايا قلبه الموجوع ، ويخبئها بين ضلوعه .
كتب ( جاوبني تدري الوكت بوكاته غفلاوي ) وهو متلبس بالحزن ، وكتب ( كوم انثر الهيل ) والفرح يغمر روحه ، لكنه كتب العديد من القصائد الغنائية وهو يشعر بالأحباط واليأس .
رحل كامل العامري في نيسان من هذا العام دون أن يعرف عنه الكثيرين من محبيه ، ترجل بصمت الكبار بعد أن وزع روحه أبياتا شعرية ، كتب قسم منها قلائد وقصائد غنائية ، وكتب قسم منها في الشعر الشعبي أو الحر ، غير أن روحه باقية ترفرف فوق سماء الديوانية لاتفارقها ابدا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيل الشباب في ألمانيا -محبط وينزلق سياسيا نحو اليمين-| الأخب


.. الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى إخلائها وسط تهديد بهجوم ب




.. هل يمكن نشرُ قوات عربية أو دولية في الضفة الغربية وقطاع غزة


.. -ماكرون السبب-.. روسيا تعلق على التدريبات النووية قرب أوكران




.. خلافات الصين وأوروبا.. ابتسامات ماكرون و جين بينغ لن تحجبها