الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شرطي و- هْدُومَه سُودَّة -

عبدالكريم هداد
(Abdulkarim Hadad)

2008 / 6 / 7
كتابات ساخرة


اللون الأسود له فعل فني في تكوين لغة التعبير للوحة التشكيلية، ومن خاصياته الطبيعية في تكوين الظل وحدود أبعاد فضاء الموضوع المتناول، وهو لون يتميز بخاصية امتصاص الضوء، وهو غير عاكس له، كما هي خاصية اللون الأبيض، لذا يكون لوناً مكتوماً ومشدوداً على ذاته، فهو لون لا يسمح بالرؤية أبعد منه، وهنا تتمحور خاصيته في فساتين سهرة الإناث، فهو يعكس أنانيتهن المنشودة، ولا يساعد في تركيز الرؤية أبعد منهن. فهو سيد الألوان لامتصاصه الضوء الموجود في مكان السهرة أو الحفل.
مثلما هو أن زحام النخيل ومرآها من على مشارف جهات العراق الأربعة يوحي للرؤية بغمامات من السواد، فنعتت بلاد الرافدين بأرض السواد. كما وإن للون الأسود دلالاته وتوظيفاته المكتسبة داخل المجتمع العراقي عبر تاريخ حركته الأجتماعية الطويلة، فمنذ أن فتحنا عيوننا على الدنيا ونحن نرى أمهاتنا لم تفارقهن الثياب السود، ومنذ الصبا متواصلات في التعبير عن مصائبهن المتجذرة والمتكررة في الفقدانات التي لا تحصى على طول سنين حياتهن القصار، لذا كان تواصلهنّ في ارتداء ثوب السواد كخيمة ظل لإنتظار أمل مأمول، عله يأتي محملاً بفرح منشود وقادر في أن يكتسح دنياهن بمرادٍ من الأمنيات الصغيرة، ولن نذهب بعيداً حتى نرى اللون الأسود يشد زخرفته في كوفيات رجال قبائل ريف ومدن جنوب ووسط العراق.
واليوم وفي ظل تغيرات الأحوال المناخية على الأرض، نتيجة الأحتباس الحراري، وفي ظل التصحر الشديد في جغرافية العراق، وشدة درجات الحرارة والتلوث المناخي والهواء المحمل دوماً بالأتربة المتطايرة والخالي من نسمات البرودة، جعل من غير المناسب أن تكون الألبسة ذات اللون الأسود صالحة كملابس عمل في العراق، لكونها سريعة في الإتساخ تحت هكذا ظروف مناخية وبيئة في العراق، كما وإنها غير مناسبة للون البشرة العراقية المائلة في غالبيتها الى السمرة الداكنة بفعل لهيب الشمس ومعدومية الخدمات والمعدات التي تخفف من شدة آثار الطقس، نظراً لطول النهارات وسطوة الشمس الساخنة بلهيبها وضوءها الساطع، كما وإن الملابس السوداء تساعد في زيادة حرارة الجسم لكونه لون غير عاكس للضوء والحرارة.
و بعيداً عن كل هذا الحديث أعلاه، لا أدري لماذا أشعر بعدم الراحة والسخط ؟، حين أرى بين حين وآخر بعضاً من فصائل الشرطة العراقية أو قادتها، من خلال نشرات الأخبار التلفزيونية، وهم يرتدون زيهم الرسمي ، لكن بلون أسود خالص!
كيف إذن للعهد العراقي الجديد أن يكون زاهياً ورجال سلطة دولة القانون نراهم "سوادٍ في سوادِ "؟! ، بل و خالين من "الكشخة" المطلوبة لرجل السلطة الحامي للقانون ؟ فما وقع التأثير على المواطن العراقي الذي مازالت الدنيا مظلمة في عينيه، وهو يرى شرطياً عراقياً و" هدُومَه سُودَة" ؟!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رواية جديدة حول مكان السنوار


.. عوام في بحر الكلام -ليه نظلم شفيقة.. الشاعر جمال بخيت يحكي ق




.. عوام في بحر الكلام - صاحب أشهر سيرة شعبية في القرن العشرين..


.. عوام في بحر الكلام - الصعايدة هما أساس الجناس.. الشاعر جمال




.. قبل الامتحانات.. خلاصة مادة اللغة الإنجليزية لطلاب الثانوية