الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هلْ أنتَ شاعرٌ عراقيٌّ .. ؟!

سَعْد اليَاسِري

2008 / 6 / 7
الادب والفن


عبر موقعي الشخصيّ ؛ وصلتني رسالة خاصّة بعنوان (من أنت ؟) من أحد الزوّار الأفاضل . حيث لم يكتف صاحبنا بتشريف موقعي بزيارته , بل آثر أن يكتب إليّ سطرًا مذيّلاً بتوقيع " مجهول " .. مفادُهُ :

( هل أنت شاعر عراقي فعلاً ؟ و إن كنت كذلك فلماذا لم نسمع عنك ؟ )

زائري :
أيّها الـ يعرف اسمي و أعرف أنّه " مجهول " , ويرى صورتي ولا أراه , و يقرأ كتاباتي ولا أجد منه غير سطرٍ بوليسيّ يتقصّى الهُويّة , و يضفي على ضميره هيبة الجمع فيما أنا مفرد و أعزل , أقول بصراحة متناهية أنّ سؤالك فتح شهيّتي للكتابة عن مدى تقصيري .
تقصيري يكمن في أنّني لا أعرف صدقًا لماذا يجب أن تسمع عني ؟ خاصّة و أنا لا أكتب كي أكون نجمًا , ولا يعنيني أن أكون في النهاية . تقصيري يكمن في أنني أحترم القارئ – وقد يكون القارئ غبيًّا – و أحترم الكلمة – وقد تهوي بصاحبها إلى أسفل الذائقة - .. لذا تجدني متهاونًا في الاستماتة على النشر دون مبرّر . تقصيري يكمن في أنني لم أنشر باسمي الصريح إلاّ حين وصلتُ إلى قناعة بأنّ قصيدتي تستطيع الدفاع عن نفسها .. وتصمد وكان ذلك في عام 2002 . تقصيري يكمن في أنّني كنت أستطيع أن أصنع لي جمهورًا أكبرَ لو قمتُ باستغلال فرصي الضائعة والكثيرة , ولكنني لم أفعل .
تقصيري يكمن في أنّني – وهذا أثناء إقامتي في ليبيا 1998 | 2002 – كنت أجالس بعض الأصدقاء الشعراء والأدباء . أصدقاء أحترمهم و أقدّر نتاجهم عاليًا , و إن كنتُ أختلفُ معهم - كما يختلف المحبّون - في تفاصيل معيّنة حول النص و المنهج ؛ لكننا نتّفق في الحلقة الأهم .. حلقة الأدب . أصدقاء من أمثال أسامة العقيلي و عبد الكريم كاظم و أسامة الشحماني و كريم شغيدل .. إلخ , أقول بأنّني كنت أجالسهم ولم أقمْ في يوم من الأيام حتّى بمحاولة لإطلاعهم على ما أكتب , بلْ و أنّ بعضهم لم يعرف أنّي أكتب شيئًا بالمرّة , ولا أجد في الأمر غضاضة . ولا أذكر بأنّني في يوم ما قد أطلعتُ أحدًا على ما أكتب – باستثناء والدي الذي شجّع محاولاتي الأولى في القصّة و النص وقتذاك - هذا لأنّني كنتُ أبحث عن وطن آمن لحلمي , وطن لا يثقب دواتي و لا يكسّر أقلامي .. وطن لا يقتل أبناءه بالشبهة , وطن لا يشبه سعير العراق أو رمضاء ليبيا . تقصيري يكمن في أنّه لم يكن لدي وقت سوى للتدخين بشراهة و للقراءة بجشع .. القراءة التي كان جلّ حطبها من مقتنياتي و والدي , ثم من مقتنيات صاحبيَّ عبد الكريم كاظم و أسامة العقيلي . و اعلم زائري ؛ اليوم أنا في السويد ؛ و لا يعرف الكثيرون ممن ألتقيهم بأنّني شاعر .. حيث أنّي لا أجد في الأمر ما يستحق أن أرتدي لافتة تعلن عن هُويّتي .
تقصيري يكمن في أنّني لم أركب موجةً شِعريةً صاعدة أو هابطة , و كلّ ما فعلته و ما زلت أفعله هو كتابة ما أشاء , ثم أنشره حيثما وضعت الأصابع عصاها , و لاحقًا أطبعه على نفقتي الخاصّة دون أن أحلم بنظير مقابل جهدي أو قيمة أحرفي . تقصيري يكمن في أنّني لم و لن أستسهل الشّعر مطلقًا , ولم أشارك في مزادات الأدب التي يُروّج لها في كلّ حين , و لم أبعث بنتاجي راغبًا بجائزة , ولم أتذلّل طامعًا بطباعة مجّانية , وليس لأحدٍ على ظهر الكوكب فضل في صناعة اسمي أو تطوير موهبتي سوى حزني و بكائي على وطن لم يعد لي .

زائري :
أمّا وقد برّرتُ لكَ آثامي الفادحة .. فاغفرْ لي , و دعني أقلْ بأنّ تقصيري الأكبر هو – بلا شك – في عدم وصولي واسمي إلى سمو مسمعك الكريم .
شكرًا لرسالتك التي ذكّرتني بأصدقائي أو بسعد الياسري على أقل تقدير .

ودّ

سَعْد اليَاسِري
حزيران | 2008
السويد .


WWW.ALYASIRY.COM








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب


.. عاجل.. الفنان محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان في رسالة صو




.. انتظرونا غداً..في كلمة أخيرة والفنانة ياسمين علي والفنان صدق


.. جولة في عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2024 | يوروماكس




.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم