الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثأر من التاريخ

قاسم طلاع

2004 / 1 / 17
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


قد يتفق البعض معي ، بأن النظم السياسية في العالم ـ الثالث والرابع ـ لا زالت تتنكر وترفض كل قرارات المنظمات الدولية التي تضمن حقوق الإنسان ، ولا أعتقد أن ما أصدره مجلس الحكم في العراق قضية غريبة عن واقعنا الذي نعيشه منذ أكثر من خمسة وثلاثين سنة ، هذا الواقع الذي هو بقايا إرث خلفه لنا نظام فاشي لا زلنا نتعثر به . وإذا كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قد رفض أي شكل من التميز بين فرد وآخر ، فإن الإسلام السياسي  ( له حضور كبير في مجلس الحكم العراقي ) يملك إرثا يشهد له التاريخ بالتنكر لمثل هذه الحقوق ، والموقف العدائي لها ، الذي ترجم علي ذلك الورق الأصفر ( الفتوة ) ، وهكذا فعل هذا الإسلام السياسي عندما أعلنت ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 قرارا بمساواة المرأة مع الرجل ( قانون الأحوال الشخصية ) ، والوقوف ضده واعتباره بدعة ، وليس هذا فقط ، وإنما وقف ضد كل إجراء كانت تقوم به الثورة لمساعدة الفقراء ولا يمكن أن نغض النظر أو نتناسى موقفه الرافض لقانون الإصلاح الزراعي الذي صدر في تلك الفترة وتلك الفتوة الدينية التي نصت على " أن الشيوعية كفر وإلحاد وما علينا إلا ..... " هذا النص الذي أجاز لقوى الظلام عام 1963 بالقيام بمجزرة كبيرة راح ضحيتها آلاف من الشعب العراقي بحجة انتمائهم أو تأييدهم للحزب الشيوعي العراقي .
أن تمرير مثل هذه العملية التي ألغت قانونا شرع قبل أكثر من اربعين سنة ، وقام بها السيد عبد العزيز الحكيم ، الذي كان يتولى رئاسة مجلس الحكم ، لا يمكن تفسيرها ، إلا لكونها عملية ثأر تاريخية وتصفية حساب يرجع عهدها إلى بدايات ثورة الرابع عشر من تموز عام  1958 .

لقد كان مـن المفروض من أعضاء مجلس الحكم ، الذين شارك أكثر أعضائه في مؤتمر لندن وصلاح الدين ، والذي أقر العمل بالنظام الديمقراطي بعد سقوط الفاشية في العراق ، مناقشة مثل هذه القرارات والموافقة عليها أما جماعيا أو بالأكثرية على ألا تقل عن ثلثين من أعضاء المجلس ( وهذا نظام متبع في أكثر النظم الديمقراطية ... ونحن ننشد الديمقراطية ..! ) ، إلا أن الواقع والشواهد قد عكست لنا انطباعا ، بأن بعض من أعضاء مجلس الحكم يريدون بلورة مفهوم النخب الديمقراطية ، إذا صح هذا التعبير ، للاستحواذ على السلطة ، كما حدث لثورة الشعب الإيراني ضد الشاه .

إن مثل هذه المحاولات لا تؤدي سوى إجهاض الجنين الديمقراطي الذي بدأ ينمو في رحم بغداد . وهذا ما تريده " النخب الديمقراطية " . إلا إنهم تناسوا ، متعمدين في ذلك أم لا ، بأن القلاع التي كانت رموزها تثير الرعب في نفوس الشعب العراقي قد انهارت وأصبحت فعل من أفعال الماضي وأن أي عملية استحواذ مبرمجة لكسب السلطة ستجابه بالرفض . فالشارع مفتوح على مصراعيه أمام الشعب العراقي ومسيرة الاحتجاج التي قادتها منظمات النساء دليل واضح قدم إلى هؤلاء الذين يريدون اغتيال الحرية ومصادرة الرأي الآخر وإلغاء المجتمع المدني المنشود .
وأخيرا تحية وتقدير للمرأة العراقية في موقفها الرافض لمثل هذا الفرار .  








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير مؤسسة -شوا-: الدعوات لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات م


.. بوتين يقيل وزير الدفاع شويغو ويرشح المدني أندريه بيلوسوف بدل




.. بلينكن يحذر إسرائيل: هجوم واسع على رفح سيزرع -الفوضى- ولن يق


.. وزارة الدفاع الروسية تعلن السيطرة على 4 بلدات إضافية في خارك




.. الجيش الأوكراني يقر بأن موسكو تتقدم في منطقة خاركيف الأوكران