الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظام ديمقراطي مدني وتعددي ..أم نظام دكتاتوري ديني وطائفي ؟ هذا هو السؤال

نجاح يوسف

2004 / 1 / 17
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


قدمت الحضارة الإنسانية , ومنذ ان أبتدأ الإنسان يعي ويشعر بمحيطه, أعظم الإبتكارات والمنجزات العلمية والتقنية لخدمة وخير البشرية, ابتداء من العجلة التي اخترعها أجدادنا الآشوريون , ودراستهم لعلم الفلك والرياضيات وسنهم للقوانين التي تنظم حياة البشر, إلى ان وصل التطور العلمي والبحوث الطبية والفلكية وصناعة غزو الفضاء وبناء عالم الألكترونيات والمنجزات العلمية والطبية إلى ما هو عليه اليوم.. وأصبحت كل هذه الكنوز الحضارية والأدوات العلمية في متناول يد البشرية.. ولم تكن لتتحقق هذه الطفرة العلمية والتكنولوجيا العظيمة, لو بقي الفكر الإنساني حبيس أسوار أحكام القرون الوسطى المتخلفة وسلطة الكنيسة البطريركية ومناهجها الميتافيزيقية, ومكبل بقيود القمع السياسي والفكري والديني..

 وإذا ألقينا نظرة سريعة على منطقتنا العربية والإسلامية نجد أنها لم تستطع مواكبة هذا التطور العلمي والتكنولوجي, كونها كانت تعيش في ظل أنظمة استبدادية, أسيرة الفكر الرجعي المتخلف.. واستخدم حكامها المتعاقبون شتى صنوف القمع والإرهاب ضد شعوبها من أجل فرض فلسفتها الرجعية المغلفة بالدين, لكي تستمر في التسلط على شعوبها..وقد حاول الكثير من العلماء والمفكرين والمثقفين العرب والمسلمين كسر هذه القيود ولكنهم في كثير من المرات كانوا يصطدمون بجدار المحرمات الشبيهة بتلك التي كانت سائدة في القرون الوسطى!! ولم ينجح سوى من غرد خارج اسوار بلده, أو الذي تخلص من عقدة الأفكار الظلامية التي كانت تطبق على الأنفاس.

  وقبل أكثر من أربعة عقود, وبعد أن أطلق النظام الجمهوري العراقي الفتي عام 1958 قوانين العمل والضمان الإجتماعي وقانون الأحوال المدنية الذي أنصف به الرجل والمرأة على حد سواء , شمرت النسوة العراقيات عن سواعدهن وبدان بتشكيل جمعياتهن والدفاع عن المكتسبات التي حققها لهن هذا النظام الجديد حيث رفعهن من نظام الرق إلى نظام المساواة والحرية,, وكان لنضال المرأة العراقية وممثلها , رابطة المرأة العراقية دورا مشهودا بوقوفها إلى جانب المرأة العراقية والدفاع عن حقوقها وزجها في معترك العمل والنشاط من اجل عراق تسوده الحرية والمساواة ومن اجل طفولة سعيدة ومستقبل زاهر.. وقدمت الألوف منهن حياتهن الغالية قربانا لمبادئهن ودفاعا عن حقوقهن وحقوق عموم جماهير الشعب..فقوائم المعدومين والتي تم الكشف عنها بعد سقوط النظام الفاشي , خير دليل على مشاركة المرأة العراقية أخيها الرجل في السراء والضراء , ودليلا ساطعا على بسالة وصمود المراة العراقية..

وكما بالأمس , نجد اليوم وبعد اكثر من أربعة عقود ونصف على تحقيق المرأة العراقية انتصارها على التخلف والعبودية , يصطف أعداء التقدم والحرية والمساواة والديمقراطية والمجتمع المدني , لكي يجهظوا آمال العراقيين ببناء عراق ديمقراطي فيدرالي موحد .. فإلى جانب فلول النظام المنهار وعملياتهم التخريبية والإجرامية ضد المدنيين , ينطلق دعاة التطرف الديني والطاثفي لكي يفرضوا آراءهم عن طريق الإرهاب والقتل والتهديد, كما حدث في فرض لبس الحجاب وإطلاق التصريحات النارية التي ترسخ التفرقة بدل الوحدة , والتطرف بدل التسامح والتآلف , إلى جانب الاعتداءات والتهديدلت المستمرة على المسحيين,  ناهيك عن التنكر للمواثيق التي وقعوا عليها في اجتماعات لندن وصلاح الدين وعند تشكيل مجلس الحكم المؤقت..

إن القرار السري الذي اتخذه مجلس الحكم الإنتقالي والقاضي بتطبيق الشريعة الإسلامية والمذاهب في قضايا الأحوال المدنية في العراق يعتبر بادرة خطرة وخطوة كبيرة إلى الوراء.. كما يمكن ان يعتبر بداية للإجهازعلى كل ما تحقق لحد الآن من حرية الأحزاب والصحافة وحرية التعبير.. وتأتي خطورة هذا القرار أيضا كونه ولد بعملية قيصرية سرية ولم يطرح للتداول أولا , ويتعارض مضمونه وأهدافه مع لائحة حقوق الإنسان العالمية والمجتمع المدني ثانيا .. لذلك يجب عدم السكوت على هذا الإنتهاك لأبسط حقوق الإنسان.. وحسنا فعلن النسوة العراقيات والسيدة الفاضلة نسرين برواري وزيرة الإسكان بإطلاق صيحتهن المدوية ضد هذا القرار الجائر والمنافي لحقوق المرأة وإنسانيتها والمجتمع المدني ومبادئ الديمقراطية والتعددية ..

إنها بداية الردة السوداء.. وإذا استسلم مجلس الحكم الإنتقالي لهذا الإبتزاز الذي يستهدف شل نصف المجتمع العراقي وبالتالي التراجع عن مفاهيم وقيم الديمقراطية والمساواة والمجتمع المدني الذي وعد به العراقيين , فإن قوى الظلام سوف تتمادى في هجومها المحموم ضد كل مظاهر التطور الحضاري ومثل الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.. كما ستكون سابقة ضارة وخطرة لإصدار قوانين سياسية واقتصادية جديدة, قد تكون نتائجها مخلة حتى بحرية العراق واستقلاله !!

ومن اجل درء ومواجهة المخاطر على حاضر ومستقبل وطننا وشعبنا ,يتوجب على كل قوى الخير والحرية, وكل دعاة حقوق الإنسان في العراق والمنطقة والعالم الضغط على مجلس الحكم الإنتقالي وقوات الاحتلال والأمم المتحدة من اجل:-
1- إلغاء قرار مجلس الحكم الإنتقالي المجحف بحق المرأة العراقية ونشر نص الإلغاء في الصحف ووسائل الإعلام.
2- توسيع مجلس الحكم ليضم كافة القوى الديمقراطية التي ما زالت خارجه وممثلي النقابات المختلفة وممثلي منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني والاتحادات الثقافية والفنية والجمعيات النسوية , لكي يعبر حقيقة عن كامل الطيف العراقي .
3- توفير فرص العمل للعاطلين وخاصة النساء العاطلات اللاتي كن يعملن في المرافق والمؤسسات والمعامل العراقية  وتهيئة مستلزمات الحماية لهن ولأطفالهن..
4- إصدار منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني والأحزاب الديمقراطية بيان استنكار وتنديد بالقرار المذكور وبأي قرارات مشابهة والمطالبة بالغاء كل ما يتعارض مع لائحة حقوق الإنسان العالمية .
5- تعميق وتطوير قانون الأحوال المدنية السابق بما يتناسب ودور المرأة العراقية والتي تمثل نصف المجتمع , وبحيث يعبر عن مثل المساواة والمجتمع المدني ومبادئ حقوق الإنسان .

إذ لا يجوز وبعد أن تنفس شعبنا نسيم الحرية وتخلص من نظام القمع والإرهاب والحروب والمقابر الجماعية, يأتي من يريد فرض نموذج حكم إسلامي أثبتت الأيام والأحداث فشله الذريع .. فالشعب الذي ذاق طعم الحرية لا يملك سوى الدفاع عنها وعن مبادئها السامية..  








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طبول المعركة تُقرع في رفح.. الجيش الإسرائيلي يُجلي السكان من


.. كيف تبدو زيارة وليام بيرنزهذه المرة إلى تل أبيب في ظل الضغوط




.. معبر كرم أبو سالم.. ما أهمية هذا المعبر وما تداعيات إغلاقه؟|


.. العاهل الأردني يبحث في واشنطن مع الرئيس الأميركي ملف حرب غزة




.. الرئيس الصيني يصل إلى فرنسا.. والتجارة وأوكرانيا تتصدران الم