الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفكر السياسي الحديث .. نتاج تراث إنساني قديم.

أحمد الجُبير

2008 / 6 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


من قراءة لأفكار كوتيليا(1)، ( 345 ـ 300 ) ق.م. ، والذي يعتبر من أهم مفكري السياسة الهندية في ذلك العصر ، ( نرى بأن أفكاره هي أفكار ميكافييلي، ولكن في السياسة الهندية). هذ الرجل العظيم له مؤلفه المشهور ( آرثاكاسترا ARTHACASTRA ) ،ومن بين ما ضمًنه :
* نظرية متكاملة عن( السيادة القائمة على مفاهيم عقلانية دنيوية ) ، إذ أنه إستبعد كل نظام أخلاقي
( وهو الأساس الذي تدور حوله الأنظمة الحالية في العالم ).
* كما أكد فيه على أن التبرير الوحيد للسيادة هو سلامة ( المجتمع السياسي ).
* وبأن الملك ( رئيس الدولة ) هو الخادم الأول للهيئة الأجتماعية ، والذي يجب عليه ، أن لايكون يقضاً فحسب ، وإنما يجب عليه أن يمتلك قدرة التحكم في نفسه ، وله من الكفاءة ما يمكنه من التفكير والتأمل.
وبهذا فإن كتاب المفكر كوتيليا ( ARTHACASTRA ) يقدم للملوك والحكام إسلوباً في الحكم ، يشدد فيه على أهمية الإقتصاد بإعتباره سنداً للسياسة . وعليه فهو لايرى بأن السياسة والأقتصاد نظامان منفصلان ، وكانت هذه النظرة ولا شك فكرة حديثة في الفكر السياسي من بعض الوجوه.
لذا فهو ينصح بالسيطرة والإشراف على النشاطات الخالقة للثروة، وهو ما تعمل به أنظمة الحكم الحالية (2). والذي يهمنا من هذا العرض هو إبراز الجذور التاريخية للفكر السياسي والذي تبلور في الشرق أولاً ، إذ تؤكد المصادر التاريخية الغربية على أن الحضارة اليونانية الكلاسيكية هي أحدى المصدرين الكبيرين للفكر السياسي الحديث في النطاق الثقافي المتوسطي الأوربي ، وإن مصدرها الآخر هو النصوص المقدسة عند الشعب اليهودي وإحيائها في المسيحية والأسلام (3).
وبالخصوص يشير الإستاذ الأمريكي بريستيد فيقول في كتابه " إنتصار الحضارة " إذا كان هذا وضع ومكانة الحضارة اليونانية القديمة بالنسبة للغرب ، فإن هذه الحضارة العظيمة تأثرت وإستفادت ونهلت من حضارة الشرق القديم. وبالرغم من وضوح هذه القضية فإن الكثرة الغالبة من المؤرخين ينكرونها وينسبون مصدر الحضارة الغربية " لليونان والرومان " وحدهما ويهملون الشرق إهمالاً تاماً ، وهم بهذا السلوك يهدفون الى قتل حضارة الشرق عمداً لأنهم يريدون إخفاء الحقيقة وتزييف التاريخ (4).
وبلا شك يبقى " الشكل الأصيل " لدولة المدينة من أهم النتاجات المرموقة فيما سميً " بالمعجزة اليونانية "، أيً مجمل الأبتكارات المؤسساتية والأدبية والفنية والعلمية النظرية والتقنية.
فدولة المدينة هي محور التفكير والتأمل لدى الأغريق ( اليونانيين ) ، فلا حضارة في نظرهم ، إلا من خلال دولة المدينة، والأخيرة هي عطية الآلهة. وبها أخذت المدن اليونانية بالنظام الديمقراطي المباشر " الذي يحكم الشعب فيه بنفسه دون وسيط " . والحقيقة التي لاتنكر في ظل هذا النظام هو سيادة مبدأ المساواة بين المواطنين ، فلم يعد لعامل الثروة أو المركز الأجتماعي أثر في مساهمتهم في الحياة السياسية للمدينة أو في تقلدهم الوظائف العامة.
إلا إننا كشرقيين نعتز بكون تراثنا الثقافي والحضاري، رغم التعتيم والتزييف بأنه " الأساس الذي نهلت منه وبنيت علية أفكار من جاؤوا لاحقاً "، رغم أن التراث الإنساني في النتيجة هو ملك للبشرية جمعاء وهي صاحبة الحق في إمتلاكه.

***********
(1) كوتيليا : واحد من أعظم حكماء الهند ، وكان وزيراً في مملكة غوتبا، وهو صاحب أقدم رسالة في السياسة في العالم ( ARTHACASTRA ) .
(2) MASPETIOL Roland: La societe politiquee et le droit: Edition Montehestien. Paris. 1957. P.18.
(3) CHATELLET Francois et autres : Histoir des idees politiques . Memontos themis. Paris. 1982. P. 10.
(4) BURY J.B. : History of Greece. Macmillan 3ed ed. London 1955. P. 78.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إمام وحاخام في مواجهة الإنقسام والتوترات في برلين | الأخبار


.. صناع الشهرة - كيف تجعل يوتيوب مصدر دخلك الأساسي؟ | حلقة 9




.. فيضانات البرازيل تشرد آلاف السكان وتعزل العديد من البلدات عن


.. تواصل فرز الأصوات بعد انتهاء التصويت في انتخابات تشاد




.. مدير CIA يصل القاهرة لإجراء مزيد من المحادثات بشأن غزة