الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحديات التي تواجه تنفيذ أهداف الموازنات العامة في العراق

فلاح خلف الربيعي

2008 / 6 / 10
الادارة و الاقتصاد


الموازنة هي خطة أو برنامج عمل، تترجم فيه الحكومة سياستها الاقتصادية والاجتماعية إلى أهداف سنوية رقمية، وليست مجرد برنامج عمل خاص بوزارة المالية يبين الكفاءة في إدارة الأموال وحسب! ولا تتقرر فعالية الموازنة بذاتها فقط، بل ترتبط بأدوات التخطيط المالي الأخرى كسياسة التسليف وسياسة النقد الأجنبي، وتقاس بالنتائج الاقتصادية الاجتماعية وليس بالنتائج المالية فقط. والدور الاقتصادي والاجتماعي للموازنة العامة يكون أكثر فعالية في ظل الأنظمة الديمقراطية ، مقارنة بالأنظمة الديكتاتورية والبيروقراطية التي تلعب فيها الموازنة العامة دوراً هامشياً وضعيفاً ، من هذا المنطلق يمكن القول أن الموازنة العامة في العراق يمكن أن تلعب دوراً أساسياً في دعم نمو الديمقراطية.إذا ما فهم المواطنون العراقيون أن ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم هو ملك للشعب وليس للحكومة ،عندها سيكونون أكثر عزماً على محاسبة الحكومة.
ويمكن التعرف على حجم وطبيعة الآثار التي ستتركها تلك الموازنة على الحياة الاجتماعية والاقتصادية العامة، من خلال قابليتها على الإجابة على الأسئلة آلاتية التي تعكس طبيعة الأهداف التي ستعمل الموازنة على تحقيقها على المستوى الاقتصادي الكلي والجزئي وكآلاتي :-

أولا ـأهداف الموازنة العامة
يمكن التعرف على أهداف الموازنة العامة على مستوى الاقتصاد القومي من خلال التعرف دور السياسة المالية في تحقيق النمو الاقتصادي، وزيادة التشغيل وإنتاجية العمل، وهل ستؤدي إلى رفع مستوى التضخم ، أم إلى استقرار الأسعار ؟
وهل ستشجع تلك التوجهات على تعبئة الإمكانيات الوطنية، المادية والبشرية، بأعلى فعالية ممكنة في عملية التنمية، أم تؤدي، إلى طمس وقمع هذه الإمكانيات أو إجبارها على الكمون والتخفي، أو هدرها وبعثرتها، أو تهريبها أو طردها إلى الخارج؟
, هل ستؤدي تلك توجهات إلى اجتذاب الإمكانيات الوطنية الموجودة والمتراكمة في الخارج، والإمكانيات الأجنبية الراغبة في الاستثمار بما يخدم أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، أم، تعمل على تنفير هذه الإمكانيات وإحباط تلك الرغبات؟

كما يمكن التعرف على توجهات الموازنة العامة على المستوى الاجتماعي والقطاعي والجزئي من خلال التعرف دور السياسة المالية في رفع مستوى الرفاه الاجتماعي، الذي يقاس بالتحسن المضطرد في مستوى إشباع الحاجات المادية والمعنوية للمواطنين. وهل ستؤدي تلك توجهات إلى دعم وتشجيع القطاعات والأنشطة أو الفئات والعناصر الأكثر ارتباطاً بالتقدم الاجتماعي والعلمي - التكنولوجي، والأكثر قدرة على التعامل الايجابي الخلاق مع العالم وتطوراته السريعة، أم، على العكس، تحبط هؤلاء وتثبط هممهم وتقمع تطلعاتهم وتجبرهم على الانطواء أو الهجرة إلى الخارج لوضع قدراتهم وإنجازاتهم في خدمة الدول الأخرى، وربما ليتعاملوا من هناك لاحقاً مع دولتهم وشعبهم بصفتهم أجانب، من وراء أو باسم شركات أجنبية، وما أكثر هذه الحالات؟ وهل ستؤدي إلى تشجيع تمايزي يحابي الأنشطة الانتاجية على حساب الأنشطة الطفيلية، أم، على العكس، إلى محاباة الطفيليين والأنشطة غير الانتاجية بما يضيق على المنتجين ويضاعف الأعباء عليهم؟ وهل ستعمل إدارة العمل المالي على تطوير خبرات ملاكاتها وتقنيات وأساليب عملهم وتعميق إخلاصهم وخدمتهم للأهداف العامة بواسطة الحوافز المادية والمعنوية، أم تدفعهم للعمل بأساليب بعيدة عن العصر وبما يتعارض مع واجباتهم الرسمية ومصالح الموازنة، مثل مسك دفاتر المكلفين وتنظيمها بما يساعدهم على التهرب من الواجبات الضريبية، أو التنازل عن حقوق الخزينة تجاه الأخر، محليين أو أجانب، انسياقاً مع الفساد وخضوعاً للإغراءات المادية الضخمة؟ وهل ستؤدي السياسة المالية، والموازنة العامة، إلى مزيد من الانسجام والسلام الاجتماعي والرضا الفردي، أم تصب الزيت على نيران التناقضات وتقود إلى الانفجار الاجتماعي؟

ثانيا:هداف الموازنة العامة في العراق
تواجه الموازنة العامة في العراق مجموعة معقدة ومتشابكة من الاحتياجات العامة التي تنتظر الإشباع ، مما يشير الى مدى ثقل الدور الاقتصادي والاجتماعي لبرامج الموازنة العامة في العراق
وبقدر تعلق الأمر ببرامج الموازنة التي أعلنت خلا ل الفترة 2004- 2008 ،فأنها تواجه مهمة زيادة الإنتاج المحلي ، وزيادة دخل الفرد الواحد والعمل على خفض معدل البطالة التامة والناقصة ، والسيطرة على ظاهرة التضخم ، والعمل على تخفيض أصل المديونية الخارجية ، وإصلاح وإعادة تأهيل المؤسسات والمنشآت والشركات الاقتصادية في القطاع العام والبدء بتشغيلها ، وإصلاح قطاع النفط من خلال إدخال أو استخدام المعايير التجارية لرفع درجة أداء الشركات النفطية ورفد الأنشطة الاقتصادية بالإيرادات المالية، وتحقيق التوازن الاقتصادي بين المحافظات المختلفة و تقليص معدلات التفاوت الإقليمي، و تطوير النظام الإداري في مؤسسات الدولة بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن ويتماشى مع التطور الاقتصادي.
وعند مراجعة التوزيع القطاعي لتخصيصات تلك الموازنات نلاحظ ما يأتي :-
1ـ أعطت تلك الموازنات الجانب الأمني أهمية استثنائية، ورغم أهمية هذا الجانب ألا أن الاهتمام به جاء على حساب التخصيصات الموجهة نحو قطاعات على درجة كبيرة من حيث الأهمية في عملية التنمية مثل قطاع النفط وقطاع الصناعة التحويلية وقطاع الزراعة .
2ـ الاعتماد الكبير على النفط لتأمين 90 % من عائدات العراق الآن وفي المستقبل ،وهذا الآمر سيجعل معدلات إنتاج النفط وأسعاره هي المتغير الحاكم في عملية تنفيذ أهداف الموازنة.
3ـ لم تشر تلك الموازنات الى تفاصيل المدور والموجودات النقدية في الخارج التي ستعتمد عليها في تمويل العجز فيها وأعطت ألأهمية في هذا الموضوع للمنح الدولية، مع ان تجربة السنوات الخمس الماضية لم تكن ايجابية في هذا المجال.
4 ـ عولت على الاستثمارات الأجنبية في تطوير القطاع النفطي مع ان أهم محدد امام اجتذاب هذه الاستثمارات لا يزال قائماً وهو الجانب الأمني الذي يتميز بتدهوره مما يعني أنه عدم توافر المناخ الملائم لاجتذاب هذه الاستثمارات.
5ـ اقترنت سياسة الإصلاح الاقتصادي بشروط صندوق النقد الدولي ، وتنفيذ تلك الشروط يواجه تحديات كبيرة على المستوى الرسمي والشعبي لا سيما بعد ارتفاع أسعار المشتقات النفطية.
6ـ قد يقوض الفساد الإداري والمالي الركائز الأساسية لهذه الموازنة ويمنعها من تحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية.
7 ـ يجب توحيد تمويل المشاريع الاستثمارية ضمن الموازنة فقط ،فاعتماد عملية تمويل المشاريع على قنوات متعددة يتعارض مع قانون وحدة الإنفاق، فوجود مشاريع ممكن أن تمول عن طريق الموازنة او مجلس الاعمار او عن طريق الدول المانحة، قد يؤدي الى تكرار تمويل المشاريع عبر عدة قنوات مما يؤدي الى استفحال ظاهرة الفساد المالي والاقتصادي.
8ـ هناك فجوة زمنية بين إشعار وزارة المالية لإطلاق صرف مبالغ التخصيصات وبين إيداع تلك المبالغ في حسابات الوزارة، وهذا الأمر سيترك تأثيراً سلبياً على تنفيذ المشاريع وإنجازها في مواعيدها المحددة.

ثالثا:التحديات التي تواجه تنفيذ برامج الموازنة في العراق
تواجه عملية تنفيذ البرامج الموازنة العامة عدد من التحديات من أهمها:-
1 ـ ضخامة المبالغ المطلوبة لإعادة بناء البنية التحتية ، التي تتراوح بين 16 بليون دولار إلى 55 بليون دولار حسب تقديرات البنك الدولي، ويبقى المبلغ رهن المعايير التي سوف تعتمد في إعادة البنية التحتية الأساسية للبلاد
2ـ استمرار حالة عدم الاستقرار الأمني، وما تتركه من اثار خطيرة على تعطيل عملية اعادة الاعمار والمباشرة بتنفيذ الأهداف التي أقرتها الموازنة.
3 ـ الحاجة الملحة لتطبيق سياسات الإصلاح الاقتصادي، وفي مقدمتها الإلغاء التدريجي للدعم الحكومي وبخاصة دعم أسعار المشتقات النفطية، الذي يستحوذ مع البطاقة التموينية على نسبة عالية من الأنفاق العام .
5ـ لم يطرأ تحسن كبير على عملية نشر من البيانات عن حالة الاقتصاد العراقي مقارنة بالوضع الذي كان سائداً في ظل النظام السابق ، فما زال الكثير من تلك البيانات طي السرية والكتمان ربما بسبب حالة عدم الاستقرار الأمني.
4ـ نقص المعلومات عن أصول الشركات المملوكة من الدولة وعن المسؤوليات التي تتخذها هذه الشركات وعن المنتجات أو الخدمات التي تقدمها للحكومة أو للجمهور. لذلك على الميزانيات المستقبلية للعراق أن تتضمن تقارير سنوية عن أصول تلك الشركات وطبيعة نشاطاتها .
5ـ توزيع الإنفاق الاستثماري الإداري والاقتصادي،على الأقاليم أو محافظات القطر غير مبني على أسس علمية،
ولا يسند على توجهات أو دراسات أو إحصاءات جغرافية (اقتصادية و بشرية). فالموازنة العامة للدولة لم يستخدم فيها حتى الآن التبويب الجغرافي، ناهيك عن انعدام الدراسات التي تبين آثارها على سكان الريف والحضر من حيث الإسهام في مواردها أو الافادة من ثمارها. وإذا كان ذلك جائزاً في الماضي، فهو غير جائز في الوقت الحاضر، في عصر المعلوماتية وتطور برامج الحاسب ،بعد أن أصبح من السهل إجراء جميع التبويبات والتصانيف المطلوبة للموازنة .
6 ـ ضعف الكفاءة الفنية لمؤسسات التدقيق والمحاسبة والأجهزة الضريبية في العراق .
7 ـ لم تصمم الموازنات المنفذة خلا ل الفترة 2004- 2008 على اسس ترقى إلى المعايير الدولية المعتمدة من قبل صندوق النقد الدولي المتعلقة بشفافية الموازنة ، و يحددها الصندوق بأربعة مجالات أساسية وهي وضوح الأدوار والمسؤوليات، توفر المعلومات للجماهير، تحضير منفتح للموازنة وتطبيق منفتح لها وضمانات النزاهة. ويقدم الصندوق تحديدات مفصلة لكل مجال من هذه المجالات
8ـ مشكلة البطالة التي تتجاوز نسبتها (20%) حسب الإحصاءات الرسمية
9ـ التوترات الاجتماعية التي رافقت تنفيذ برامج تحرير الاسعار لاسيما بعد رفع أسعار المشتقات النفطية والتوترات الأخرى التي يمكن أن تحدث مستقبلاً.
10ـ الفساد الإداري والمالي في مؤسسات الدولة.
11ـ ضعف قدرة الدولة على تنويع مصادر إيراداتها وزيادتها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمين عام -الناتو- يتهم الصين بـ”دعم اقتصاد الحرب الروسي”


.. محافظات القناة وتطويرها شاهد المنطقة الاقتصادية لقناة السو




.. الملاريا تواصل الفتك بالمواطنين في كينيا رغم التقدم في إنتاج


.. أصوات من غزة| شح السيولة النقدية يفاقم معاناة سكان قطاع غزة




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 25-4-2024 بالصاغة