الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيت في الأثير الفضاء الثاني

غريب عسقلاني

2008 / 6 / 10
الادب والفن


الفضاء الثاني - من أجندة النورس

1 - امرأة وفراشة

اخرجي من جلدكِ قبل أن يسكنه الطفح، ويغلق عليه أبواب الخروج، اسكني روح فراشة, اطردي كل كوابيس المكان الذي أنتِ فيه, غادري غربتكِ إلى بيتٍ أمين واطلبي الرحمة لمن يأخذهم وهم نعيم الإقامة في المكان, يمتلئون بوجبات من لحم البشر, يسكرون على أنخاب الانتصارات الصغيرة، لا يدركون جحيم نهايات المشاوير عندما تحملهم قطارات الرحلة إلى خواء وصقيع.
إني أراكِ بعين قلبي، وقلبي لا يخطئ نبضكِ.
إني أراكِ تلوكين الوسائد، دون صوت تصرخين.أرهف السمع إليكِ تمضغين الوجع.. تأكلين الوقت.. والوقت دميم وبطيء.إنهم يمضون، يذهبون إلى التيه.
- كل ما حولي هواء يحترق.
- هي رائحة الشواء ما قبل الاحتراق. لا تيأسي، لا بد أن تنبض روحكِ فيهم كالضياء. سرك يطفئ فيهم ما تسرب من سواد الشهوات. وإذا ما داهمك اجتياح الألم غادري زمن السواد إلى البياض.
لحظة, صمت الهواء عن اللهاث. لكنه حبل الهواء لم يمت, رجفة أخذتني إلى روح اليقين.. إنها تتسلل تعبر إلى طقس جديد. ويقيني إني أراها امرأة فراشة. تسكر من ماء الندى. والندى ماءً زلال مثل بلور يشع. صوتها والهاتف رنة فجر:
- إنني الآن أسكن البيت هناك، هل تراني.؟
حطت على أنفي تتدلل.. هبت الريح، ليس فيها رائحة حريق أو شواء.. وشوشتني:
- سكنوا الشرانق يتطهرون من دنس الشواء.
****
في الصباح، أول ما رأيت فراشة سكري، تهبط على كأس زنبقة بيضاء مغمسة بالندى.. تمتص الرحيق.وشذا الرحيق يعبق في المكان، يستدعي فراشات نقرن للتو جلد الشرانق, يرقصن ويصدحن غناءً:
- أمنا تسكن كأس الزنبقة.
رحت أحدثُ نفسي: "إنها امرأة أعرفها سكنت روح فراشة."
وانشغلت أبحث في معنى المعاني، فيما انشغلت هي بإرضاع الصغار من رحيق الزنبقة.
--------------
--------------

2 - التسلل إلى ممرات سرية


راحت تفتش عن خال يسكن صدرها.
خالكِ قنديلي عندما تكونين معي, ترقصين على سن قلمي، نلعب سوياً على بياض الورق. ليس سوانا يمارس الرياضة في البياض بعد أن يشوينا لظى الهواتف.. تهتف فينا عصافير الحياة..نذهب للتجوال بين سطور الكلمات، تتبدى الكلمات كائنات أجمل من كائنات الحياة.. نصبح امرأة ورجل في الأثير، لا تحاكمنا قوانين الأرض، ولا نخجل من عرينا فعيون الآخرين عنا مطفأة، والمرايا لا ترصد الصور.. فقط أنت مرآتي أرى فيك ما فيّ من ولع ودلع وشقاوة فتى ولد من رحم مغاير، لا رغبة تشبعه غيركِ، فأنتِ مرآة تنبض فيها شهوات الروح.. هل تخيلت أنكِ مرآة يسكنها رجل ساهم على مدار الوقت يحدق فيكِ وهو الساكن فيكِ. يختلط عليه الأمر، إذا ما كان ينظر إليكِ، أم يرى نفسه فيكِ..صدقيني أن ذلك ما أعيشه على خط الهواء..فهل تأخذكِ الحالة التي تأخذني؟ هل تدخلين الطقس مثلي؟ أم هو وهم الغواية.. لا بأس فالأمر جميل ومثير، أجمل ما فيه أنكِ امرأتين وروح واحدة وأنا رجلين وروح واحدة.والامتحان عسير.عند اللقاء أخرج من جسدي، كما تخرجين أنت من حصار لحمكِ، نمارس معاً ما لا يمارسه البشر على الأرض. نحن نسكن أجسادنا ضيوفاً نختزل الأسبوع إلى ساعة لقاء، نمارس الجوع لا نعرف الشبع.. كيف يشبع جائع الأسبوع من مائدة ساعة تمضي مثل رفة عين أو أقل.. إن الأرواح إذا غرقت في تخمة الشهوات تموت.. تتجلى/ تتألق خارج الجسد فكرة ترقص تنثر أفكاراً جديدة، عندما نقبض على واحدة منها ترقص فكرة مشاغبة تفر بعيداً، فيأخذنا الجوع إلى ساعة أخرى من ليل قادم.. نبقى على الجوع..فاللقاء دائماً ينتهي قبل أن نبدأ بالكلام. في كل مرة يأخذنا الشوق ويبقى ما نريد في حقيبة التأجيل.. هي حالتنا العجيبة.. لكن أجمل ما في الأمر أنك مرفأي كلما اقتربتُ منه تفصلني مسافات جديدة، فأعد العدة، وأجهز حقائبي بالحكايات إلى سفر جديد.. يصبح السفر إليكَِ فصلاً من حياة. فهل تجمعين الحكايات مثلي زاداً إلى يوم اللقاء على الأثير. هل أدركت سر الخال، وكيف يحيا في الأثير؟ وكيف يموت كما تموت الشهوات عند الهبوط إلى الأرض، ويعود بقعة داكنة على الجلد لا يثير الانتباه.
إني أريد الخال على صدرك كما أريد.
وأراه كما أرى الرغبات التي أشتهي, إني أشتهيه برعم وردة يتفتح أسفل ثديكِ الأيسر، يتوهج فوق قلبكِ ينبض وجداً، يصبح قنديلاً يرضع من قلبكِ، وأنا أسكن لهب القنديل.. لا تخافين عليَّ، لا تجزعي فأنا مع نار قنديلك لا أحترق.
أنتِِ من قال لي يوما جائر:
- إحفظ رمادك في المنفضة.. حاذر أن تحترق.
لا يحترق يا سيدتي من يسكن حبة القلب، من زاده لبن البراءة..هذا هو الخال الذي أريد. وأراه في دنيا الأثير، هو ما يشعرني بالفقد على الأرض. فيلهبني اشتياقاً.. فعلى الأرض تقيدنا وتقتلنا قوانين البشر فعلى الأرض أنتِ لست لي، وأنا لستُ لك. فأهل الأرض يرون قنديل الخال طفل سفاح. ليس لنا غير الهروب إلى حلم الأثير، حيث الخال شرعياً لا يقترف الخطايا والخطأ.. إني أرى ذلك في مرآة امرأة هي أنتِ. امرأة تحيرني أن تكوني المستحيلة أو تكوني الراغبة، ترقص على سن القلم عندما أعزف البوح على بياض الورق.
فيا امرأة مارسي الرقص بأقصى ما يكون شوق الوصول إلى الأزمنة البيضاء، التي لا تراها العيون المطفأة، لا يراها غيرنا حتى وإن كانت سراب.. إنني أرضى من الوهم بالحلم بامرأة ترهف السمع لانغمام الحقيقة.
هكذا أنت معي عندما تحضرين, وهكذا أنا عندما أخرج من سجن جسدي إليكِ في الأثير.. هل أنتِ مثلي.. لا تخذليني.. لا تخذلي روحك كي لا يزحف الرمادي إلى بياض الأزمنة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاتب مسلسل -صراع العروش- يشارك في فيلم سعودي مرتقب


.. -بمشاركة ممثلين عالميين-.. المخرج السعودي محمد الملا يتحدث ع




.. مقابلة فنية | المخرجة ليليان بستاني: دور جيد قد ينقلني إلى أ


.. صانع المحتوى التقني أحمد النشيط يتحدث عن الجزء الجديد من فيل




.. بدعم من هيئة الترفية وموسم الرياض.. قريبا فيلم سعودي كبير