الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقتل سحر وموهبة ميسون أسدي

ثائر العذاري

2008 / 6 / 11
الادب والفن


أقرأ تقريبا كل قصة تكتبها ميسون أسدي، فهذه الكاتبة تمتاز بقدرتها على التقاط التفاصيل الحياتية الصغيرة، وجعلها مادة لقصة قصيرة تفيض حياة وجرأة، لكن قصتها الجديدة (مقتل سحر تحت الدرج) – المنشورة في هذا الرابط:

http://almothaqaf.com/index.php?option=com_content&task=view&id=32060&Itemid=706

تمثل شيئا جديدا ومختلفا، سواء أكان ذلك على مستوى الموضوع أم كان على صعيد البناء والتكنيك.
هذه القصة مبنية بطريقة يندر أن يلجأ إليها كتاب القصة نظرا لصعوبتها وإتعابها القارئ، إنها الطريقة التي يمكن أن نطلق عليها تسمية (أسلوب الكولاج)، فالقصة تتكون من مجموعة من المقاطع المفككة التي لا يربطها رابط لغوي. ويبلغ عدد القطع المكونة للقصة إحدى وعشرين قطعة كما يأتي:

1-خبر عاجل.
2-إضافة لخبر سابق.
3-خبر عاجل وخاص.
4-التعقيبات ويبلغ عددها 18 تعقيبا.

إن صياغة المقاطع الثلاثة الأولى وعنوان القصة قد توحي بأننا إزاء قصة بوليسية تطلب من القارئ أن يلعب دور المفتش السري لكتشاف قاتل سحر كما يتضح في هذه العبارة:

((وفيما يلي نعيد نشر التعقيبات التي أرسلها القراء إلى موقعنا على شبكة الانترنت، فور النشر الأول، ولم نقم بتغيير أو حذف أي تعقيب، حتى يتوصل قراؤنا إلى الاستنتاج الذي توصل إليه المحقق المذكور:))

فدعوة القراء هنا إلى محاولة استنتاج هوية القاتل من التعقيبات على الخبر في موقع الانترنت المفترض تريد سحب القصة جنس القصة البوليسية. غير أن القارئ سيكتشف أن هذه العبارة إيهام مقصود من الكاتبة للتخلص من المباشرة في طرح موضوع فكري من خلال عمل أدبي.
إن قراءة التعقيبات ستبني شخصية البطلة تدريجيا، فكل تعقيب يضيف إليها صفة ويسند لها فعلا.
(( 1- يا الله، لا اصدق ذلك!! لا يعقل أنها ماتت.. قابلتها قبل يومين فقط، وطلبت منها إعطائي 200 شيكل فأعطتني 300 .. من يقتل مثل هذه الفتاة الرائعة؟؟ الله يرحمها ويصبـّر أهلها..
(صديق مخلص) .))

هذه هي الصيغة التي بنيت بها التعقيبات الثمانية عشر، وفي هذا التعقيب الذي هو الأول نلاحظ محاولة إضفاء صفة حب الناس وحب مساعدتهم على البطلة ونشاهدها وهي تقدم مساعدة مالية لهذا (الصديق المخلص).
وفي التعقيب الثاني توضع الجريمة في سياق جرائم التطهير العرقي الذي تقوم بها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية. لكنه يضيف صفة (عربية) إلى البطلة:

((2- ما دامت القتيلة عربية الهوية، فهذا لا يهم الشرطة.. لو كانت الضحية يهودية فخلال 24 ساعة سيلقى القبض على الجاني، عشرات النساء العربيات يقتلن كل عام وتغلق ملفاتهن، والأنكى من ذلك أن الضحية تلجا أحيانًا إلى الشرطة لتحميها، بينما لا تحرك الشرطة ساكنا، لا بل تسلمها للقتلة.. فقط لأنها عربية.. الله ينتقم من القاتل ويكسر إيديه ويقلع عينيه.
(جان. د) .))

ولو تابعنا التعقيبات جميعها واستللنا منها صفات وأفعال البطلة لحصلنا على الآتي:
1-سحر طيبة تحب مساعدة الآخرين أعطت أحدهم 300 شيكل بعد أن طلب منها مائتين.
2-سحر فتاة فلسطينية عربية.
3-سحر من عائلة متنفذة.
4-ضحية.
5-تعيش بمفردها في شقة بعيدا عن أهلها وهي غير متزوجة.
6-أحد ما كان يرصدها ويدبر قتلها.
7-لم يحاول أهلها البحث عن الجاني.
8-كانت سحر عضوا في جمعيات نسوية.
9-متحررة
10-بعض النساء كن يتحاملن عليها.
11-عملت من أجل نشر ثقافة رصينة وتعميق الوعي الشعبي من خلال إنشاء مجموعة من المكتبات العامة.
12-سحر كانت تبدو شابة جميلة؟
13-شخصية منفتحة اجتماعية تحضر الندوات والمناسبات العامة واستطاعت تكوين شبكة صداقات واسعة مع طبقة السياسيين.
14-كانت تحب الحرية ولا تبالي بما يقال عنها.
15-لعائلتها علاقات بشخصيات حاكمة.
16-والبعض يحاول تشويه سمعة العائلة من خلال الطعن بتلك العلاقات.
17-وآخرون يحاولون الإساءة لها من خلال تشويه سمعة العائلة.
18-قتل سحر كان مدبرا على أ‘لى المستويات بسبب خطورتها بصفتها ناشطة اجتماعية وسياسية.

هذه المعلومات التي نستقيها من التعقيبات ترسم صورة واضحة لشخصية البطلة، وأحداث حياتها وموتها. لكنها في الوقت نفسه تنطوي على الثيمة الرئيسة للقصة من خلال لغة كاتب التعقيب واسمه المستعار.
فسحر التي ربما كانت رمزا للحرية، ضحية لصراع ثقافات متطرفة، الصهيونية اتي تريد محو العرب من فلسطين والإسلامية المتطرفة التي ترى فتاة مثل سحر إمرأة فاسقة مهدورة الدم والعلمانية المتطرفة التي تريد تحويل قضية مقتل سحر إلى مكسب سياسي.
إن أسماء المعقبين تكشف عن شخصياتهم، فمؤيد وإيهاب تقدميان وقعا بإسمهما الصريح المفرد. بينما فتحي أبو فهيم ومنير الشواف اختارا التوقيع باسم العائلة للتدليل على كونهما محافظين، ولا نحتاج تعليقا فيما يتعلقى بشخصيات مؤمن ومؤمن حقيقي وعبد الله المؤمن.
إن مما يحسب لميسون في هذه القصة جعل شخصيات تحمل أفكار متعارضة تتحدث عن شخصية واحدة وتتفق على صفاتها مع اختلاف موقف كل منها من تلك الصفات.
هذه القصة تمثل تطورا مهما في أسلوب ميسون أسدي بما انطوت عليه من تكنيكات تظهر فيها إمكانات الكاتبة ومهارتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس