الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصانع غزة شق عرب وآلات تآكلت من الصدأ

محمد داود

2008 / 6 / 11
القضية الفلسطينية


عام ولا تزال المصانع متوقفة عن العمل، عندما أعلنت إسرائيل عن قطاع غزة كيان معادي، فأغلقت المعابر وحاصرت البر والبحر والجو، وأوقفت كل أشكال الاستيراد والتصدير من وإلى قطاع غزة بعد إلغاء الكود الجمركي والوكالات الخاصة بغزة، بل إنها قامت بمنع خروج المرضى أو السماح بإدخال المعدات والأدوية مما أدى إلى ارتفاع النسبة في عدد الوفيات، لا سيما بعد منع ضخ الوقود اللازم للسكان الفلسطينيين في قطاع غزة، الأمر الذي أنذر بكارثة إنسانية وبيئية بعد أن لجأ العديد من الأهالي لاستخدام الخلط في الزيوت عوضاً عن المحروقات، ليصبح في ذلك أكثر من مليون ونصف مواطنٍ داخل سجن كبير يحاصرهم الموت من كل ناحية بعد أن أصبحت مقومات الحياة اليومية معدومة.
لا نبالغ لو تحدثنا بأننا نخسر يومياً على الأقل مليون دولارً بسبب إغلاق المعابر، ولا نبالغ لو تحدثنا عن خسائر اقتصادية تقدر بأكثر من مليار دولار لحقت بنا خلال عام من الحصار، والذي لا يزال قائم وعلى أشده، ليضرب بقوة قطاعات صناعية وتجارية واستثمارية والعمالة بكافة نواحيها، والسلع ومواد الخام بكافة أنواعها، لاسيما مستلزمات البناء، فعمدت إسرائيل على استغلال الظروف السياسية الحالية لكسب مواقف أصبحت تراهن عليها من جديد لتبتز المفاوض الفلسطيني على حساب معاناة السكان الفلسطينيين، فلجأت إلى فتح معبر كرم أبو سالم لدخول المواد الأساسية والمساعدات على أن تكون بالقطارة .
ويقول "إياد معروف" صاحب مصنع للطوب ومواد البناء : أننا منذ تاريخ 15/6/2007م والمصنع متوقف عن العمل، حيث يعتاش من هذا المصنع أكثر من خمسين أسرة، ونحن لدينا سيارات نقل أصبحت متوقفة عن العمل، وندفع أجرة للموظفين والأرض مؤجرة، فهذا عملنا منذ سنين وليس لدينا مصدر رزق أخر، ويضيف معروف أن جميع المعدات والآلات بدأت عليها علامات التآكل من شدة الصدأ والغبار وأصبح المحل والمصنع مهجوراً بدون زبائن، فخسارتنا كل يوم بآلاف الشواقل، إنها المأساة بعينها عندما يأتيك كل أسبوع أحد الموظفين أو العمال ويطلب أن تعطيه سلفه أو دين ليشتري بها قوت لأطفاله.
من ناحية ثانية أعرب "ياسر قريقع" عن استيائه من الحال الفلسطيني، مناشداً الأخوة في حركتي حماس وفتح على ضرورة الاستجابة لنداء الحوار والتعاطي معها من أجل وضع نهاية جادة للحصار والإغلاق المفروض على قطاع غزة، الذي تفرضه إسرائيل منذ عام على الأقل، بحجة غياب الشريك السياسي، وأضاف ياسر قائلاً نحن كل يوم نصحو من نومنا ونجلس هنا في وسط الورشة أنا وأخواني بدون عمل ونتبادل الحديث، فيما يأتي الأصدقاء والعمال وأحياناً التجار الذين نتعامل معهم في تجارتنا ونتبادل الحديث الذي يغلبه لغة السياسة حتى موعد الظهيرة، فنذهب للصلاة ثم نخلد للنوم، وعند المساء كما الصباح وهكذا دواليك منذ عام ونحن على هذا المنوال.
كما عبر معين حجاج عن غضبه لسياسة الحصار، داعياً الحكومة والجهات المعنية بشؤون العمال إلى الالتفات لطبقة العمال وتقديم يد العون لهم في ظل الظروف القهرية التي أصابتهم بفعل الحصار، مضيفاً لقد كنا نعمل في إسرائيل في السابق، وعندما أغلقت إسرائيل أبوابها في وجه العمالة الفلسطينية بحثت عن عمل في أحد مصانع غزة كسائق على أحد مركبات النقل، ولكن بعد إغلاق المعابر وتوقف الحركة التجارية، والغلاء في أسعار المحروقات التي نحصل عليها بعد معاناة شديدة أصبحنا بلا عمل مرة ثانية، فعمدت على عمل بسطة لأبني محمد ليبيع من خلالها الذرة المسلوقة.
فيما وجد "محمد عياد" مصلحته في أن يستبدل محله التجاري إلى بسطة صغيرة على أحد أرصفة شارع عمر المختار، قائلاً : لا أستطيع أن أدفع أجرة المحل بمئات الدنانير وأنا لا أستفتح إلا أحياناً، فالمحل فارغ من البضاعة التي تجذب الزبائن، وما هو موجود يسبب لي الإحراج مع الزبائن الذين تعودوا على شراء أجود أنواع الأقمشة، لذلك لجأت إلى هذه البسطة الصغيرة، فهي لا تكلفني شيئاً، فقدت خسرت بما فيه الكفاية، عندما بقيت بضاعتي لفترة في ميناء أسدود وأدفع عليها أجرة مكان "أرضية" خيالية، وعندما سنحت الفرصة قام ابني بالسفر إلى مصر بعد عناء شديد وطول انتظار ومن ثم إلى المملكة الأردنية ثم إلى الضفة الغربية، وقام بتحويل شحنة البضاعة إلى منطقة الضفة وقام بتسويقها هناك، ثم عاد من حيث جاء وبنفس المعاناة.
وفي ذات السياق وجد "إبراهيم راضي" مستقبله في أن يعمل بائعاً للسجائر، بعد أن قتلت طموحاته في أن يتعلم بالخارج، قائلاً : لقد حصلت على تقدير جيد جداً، على أمل أن أتعلم الطب في الخارج مع زملائي، لا سيما وأن أبي كان لديه متجر، ووضعنا المادي لابأس به، ولكن اليوم تبددت الأحلام، واندثر كل ما كنت أتمناه، لقد لجأت لدراسة معينة توفر على أبي عناء المصاريف، التي أسعى في الغالب إلى توفير جزء منها، وبلا خجل فأنا اقف على باب منزلنا وأبيع السجائر للمارة كل مساء، أي بعد انتهاء موعد المحاضرات الجامعية، رغم أنني تعلمت أن "الله يلعن بائعها وحاملها ومدخنها"، لقد بحثت عن أعمال أخرى ولكن لم أجد، فالجميع يقول إذا عندك عمل فآتيني به، إنه اليأس بعينه وكسر الإرادة، فإذا لم ننال فرصتنا في التعليم يكون من الصعب حصولنا على فرص عمل في المستقبل مما يزيد ويفاقم من مشكله البطالة، فالعديد من زملائي سمعت بأنهم تقدموا لطلبات هجرة، وهو ما أرفضه.
كما أدان "نافذ المبيض"، الدور العربي وخصوصاً جمهورية مصر العربية، قائلاً : لماذا نربط مصيرنا ومصير أبنائنا بهذا الكيان الذي يتحكم في لقمة عيشنا، وتساءل هل يعقل أن نبقى بدون عمل قرابة العام ونحن نملك شركة كبيرة للمقاولات يعتاش منها أكثر من ثلاثة عشرة عائلة، مضيفاً أن الاسمنت هو عصب الحياة الفلسطينية، كما الماء والهواء، فشعبنا الفلسطيني مجتمع شبابي، وهو في حالة تكاثر مستمر، فإن تزوج فهو بحاجة إلى مسكن، وهو منوط بدخول الاسمنت، بالتالي يلجأ البعض إلى العزوف عن الزواج أو يقطن بين عائلته التي تعاني من أزمة سكن، هذه ناحية. أما الناحية المهينة فهو نحن وعمالنا الذين تجدهم مصطفين على مؤسسات الشئون الاجتماعية بحثاً عن معونة أو كابونة.
فالحال لا يبعد كثيراً عن المزارعين الذين أصيبوا بضربات قاسية، ويقول المزارع وائل الغرابلي : نحن نعاني من السياسة الإسرائيلية الحاقدة من عدة نواحي أهمها : "إغلاق المعابر وتوقف حركة الصادرات"، و" إغلاق المعابر ومنع استيراد المبيدات والأسمدة والتقاوي والأدوية الكيماوية المستخدمة ضد آفة الحشرات التي ألحقت الضرر بالمزروعات وحجم المحصول" بل "وصلت سياسة إسرائيل التخريبية، فاقتلعت الأشجار المعمرة وداستها وحطمت الدفيئات وقتلت العديد من المزارعين، ومنعت تصدير مزروعاتنا ومنتجاتنا.
هذا جزء من معاناة السكان تمكنا من رصدها، فهل ننتظر إلى أن يفرغ قطاع غزة من سكانه؛ فيما تهرب رؤوس الأموال المحلية والشركات الأجنبية العاملة والتراجع عن مشاريع العمل في توسيع المناطق الصناعية الحرة والعديد من المشاريع الاستثمارية، وكل ما دشنته السلطة الوطنية الفلسطينية لتسويق فلسطين عالمياً وتشجيع الاستثمار لجذب المستثمرين من أجل الحد من نسبة البطالة والفقر الذي أصبح يدب في عصب الحياة الفلسطينية بشكل عام وظاهر في ظل ارتفاع حاد جدا في أسعار السلع والاستهلاك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النموذج الأولي لأودي -إي ترون جي تي- تحت المجهر | عالم السرع


.. صانعة المحتوى إيمان صبحي: أنا استخدم قناتي للتوعية الاجتماعي




.. #متداول ..للحظة فقدان سائقة السيطرة على شاحنة بعد نشر لقطات


.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال الإسرائيلي تكثف غاراتها على مخي




.. -راحوا الغوالي يما-.. أم مصابة تودع نجليها الشهيدين في قطاع