الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الضفة الغربية أجواء لا علاقة لها بالحوار

عماد صلاح الدين

2008 / 6 / 13
القضية الفلسطينية


تفاءلنا جميعا كفلسطينيين بدعوة الرئيس محمود عباس نهاية الأسبوع الماضي بتاريخ 4- 6- 2008 لحوار حقيقي وشامل بين فتح وحماس ، لإنهاء الانقسام على الساحة الفلسطينية ، والذي بدأ بصورة جلية مع أحداث غزة في حزيران من العام المنصرم . وكان إطار تلك الدعوة مركزا في المبادرة اليمنية التي ُترجمت إلى اتفاق في صنعاء ، والذي جاء داعيا في مجمله إلى ضرورة الحوار من اجل العودة بالأوضاع الفلسطينية إلى ما كانت عليه قبل أحداث غزة الأخيرة . ولم يرد في تلك الدعوة الواردة في خطاب الرئيس المقتضب أي مفردات أو جمل تساعد على التأزم وتحول دون الانفراج ، من باب تهيئة الأجواء لإطلاق الحوار الفلسطيني الداخلي . لذلك لم يرد في خطابه القصير جدا كلمات ومصطلحات مثل الانقلاب والدعوة المبكرة لانتخابات رئاسية وتشريعية ، وحلت بدلا منها مفردات من باب ضرورة إنهاء الانقسام والحث على الوحدة الوطنية . وجاء الحديث عن الانتخابات الشاملة في سياق العموم دون التطرق إن كانت مبكرة أو غير مبكرة .

وأصدرت الرئاسة الفلسطينية بعدها قرارات ومراسيم بضرورة التوقف عن الحملات الإعلامية العدائية والتحريضية ، وكذا بتشكيل لجنة من قبل الرئيس لمتابعة أمر الحوار . وتشكك في البداية كثير من المراقبين بمدى جدية الدعوة للحوار بسب السوابق العديدة والمريرة في تجربة الحوار والاتفاق بين فتح وحماس . لكن هذا التشكك بدأ يتلاشى على نحو كبير ، حينما قام الرئيس محمود عباس بجولة عربية إلى القاهرة والرياض لتوفير مظلة عربية قوية وجامعة للحوار المرتقب ، وحماس هي الأخرى رحبت بدعوة الحوار منذ بدئها ، وأكدت على الترحيب والقبول بالمظلة العربية ، وتحديدا المظلة المصرية التي طلبها الرئيس محمود عباس في زيارته الأخيرة للقاهرة .

في ظل أجواء هذا الحوار المرتقب ، يفاجأ المراقب للأحداث الفلسطينية ، وتحديدا هنا في أراضي الضفة الغربية المحتلة ، انه لا زال هناك استمرار وتلاحق لا ينقطع في ملاحقة واعتقال العناصر المحسوبة على حركة المقاومة الإسلامية حماس من قبل الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية . هناك العشرات جرى اعتقالهم منذ الدعوة المباركة للحوار لإنهاء حالة الانقسام التي فاقمت من صعوبة حياة الفلسطينيين ومأساتهم ، والتي لا يستفيد منها أي طرف فلسطيني سواء الذي في غزة أو في الضفة الغربية، سوى "إسرائيل" بالطبع ، ليس هذا وحسب ، بل إن الذي صدم المواطنين في الضفة الغربية وصدمني و فاجأني أنا شخصيا ، هو قيام الأجهزة الأمنية الفلسطينية وتحديدا جهازي المخابرات العامة والأمن الوقائي باعتقال فلسطينيين خرجوا للتو من سجون الاحتلال ، وقد أمضى بعضهم قريبا من العام أو يزيد ، حيث إن بعض هؤلاء الذين جرى اعتقالهم على يد الأجهزة الأمنية الفلسطينية لم يتمكن من رؤية أهله بعد خروجه من سجون الاحتلال الإسرائيلي ، كما هو الحال مع نضال دويكات من مخيم بلاطة بنابلس وهو منشد في فرقة الهدى الإسلامية ، حيث جرى اعتقاله بعد مروره من على حاجز حواره شرق نابلس من قبل حاجز لقوة أمنية فلسطينية .

هناك معتقلون آخرون من قرية طلوزة شمال نابلس خرجوا من السجون الإسرائيلية ، ولم يمض على خروجهم يومان أو ثلاثة ، تم توجيه طلبات لهم بالحضور أمام جهاز المخابرات العامة في نابلس ، وأصبح حال هؤلاء المعتقلين موضع تندر من أهل القرية ، ذلك أن أقرباء وأصدقاء لهم لم يتمكنوا من زيارتهم بعد ، بسبب سرعة الاعتقال بعد الخروج من السجن الإسرائيلي. علما أن معظم هؤلاء المعتقلين المحسوبين على حماس جرى اعتقالهم سابقا من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية نفسها قبل اعتقالهم على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي ، وتحديدا بعد أحداث 14 – 6 – 2007 في غزة . احد هؤلاء الذين تم اعتقالهم قبل أيام وتم الإفراج عنه من سجون الأجهزة الأمنية الفلسطينية في نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، تعرض لتعذيب شديد ، حيث تم ضربه بواسطة ( بربيش ماء ) على جميع أنحاء جسمه بما فيها منطقة الرأس ، مما أدى إلى أصابته بحالة من التشنج العصبي نقل على إثرها إلى المستشفى الوطني بمدينة نابلس .

لا أظن أن الرئيس محمود عباس ، وهو الذي طالب بتشكيل لجنة لمتابعة الحوار الوطني الفلسطيني ، واصدر قرارا بوقف التحريض الإعلامي ، الذي لم تستجب له بعد وكالة وفا الرسمية للأنباء، وطاف من اجل ذلك على دول عربية لتوفير مظلة عربية جامعة للحوار الوطني الفلسطيني ، لا أظن انه يقبل باستمرار أجوار التصعيد والاستفزاز عبر الملاحقة والاعتقال لعناصر من حماس أو غير حماس ، بما يؤثر سلبا على الجهود المبذولة من الجميع لتهيئة الحوار الوطني ، والتوصل إلى صيغة وحدوية توافقية جامعة تظلل الجميع .

هناك ومن أسف مجموعات فلسطينية سواء على المستوى السياسي أو الأمني ، لا يعنيها أمر الحوار . وهي من قبل لا يهمها مصالح الفلسطينيين الوطنية العليا . وهي تحيا على الانقسام والتشرذم الفلسطيني، وتسعى دوما لوضع العصي في دواليب أي مجهود فلسطيني أو عربي لرأب الصدع الفلسطيني .

لذلك ، هذه دعوة ومناشدة فورية عاجلة إلى الرئيس عباس وكل الحريصين على نجاح الحوار والتئام وحدة وشمل الجسم الفلسطيني في الأراضي المحتلة ، بضرورة اتخاذ موقف حاسم من كل السلوكيات والتصرفات التي تهدف إلى إجهاض الأمل بالتوصل إلى اتفاق وطني فلسطيني حقيقي يجد سبيله بين الفلسطينيين واقعا ملموسا ومعاشا .

باحث فلسطيني في مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ