الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رموز الجهل والسخافة في الفضائيات العربية

باتر محمد علي وردم

2004 / 1 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


في عملية تنقل لبعض القنوات الفضائية يمكن للمشاهد العربي العادي أن ينتقل ما بين نانسي عجرم وعبد الباري عطوان وعمرو خالد وميشو شو خلال دقيقة واحدة، ويبدو للوهلة الأولى أن هناك تناقضا كبيرا بين هؤلاء وما يقدمونه على شاشات الفضائية وأن هذا التناقض والتباين مؤشر صحي على تعدد المشارب الفكرية، ولكن في الواقع فإن هناك قاسما مشتركا ما بينهم جميعا وهو نشر الجهل والسخافة والكذب بين الناس.
القنوات الفضائية العربية ليست إلا مهرجانات للسخافة، وباستثناء القنوات المتزنة والعقلانية والتي تحترم مشاهديها، وأركز هنا على قنوات العربية والمنار والمستقلة والعالم وأبو ظبي سابقا فإن كل ساحات البث الفضائي العربي هي ساحات للتفاهة والسخافة والجهل.
تمثل نانسي عجرم ومثلها هيفاء وهبي وإليسا رموز الجهل والسخافة في الفن، فهؤلاء الفتيات الخاضعات لعمليات التكبير والشد واللصق والسليكون ليسوا إلا عارضات أجساد يخاطبون الغرائز الجنسية لدى المشاهدين بفن هابط وأداء هابط  واستغلال لكرامة المرأة وتحويلها إلى سلعة تجارية رخيصة. ولكن الشئ الذي لا يمكن احتماله هو تلك المقابلات الصحافية مع مطربين هابطين مثل نانسي عجرم وغيرها والتي تستغرق ساعات طويلة وتتضمنها أسئلة سخيفة وتافهة عن نوع العطور والملابس وماذا يعني الحب ومن ثم انتقاد فن أم كلثوم وعبد الحليم بينما لا يحظى أي مثقف منطقي ومستنير في العالم العربي بربع هذا الوقت.
عبد الباري عطوان رمز آخر من رموز نشر الكذب على الناس، والتجارة بدماء ضحايا الاحتلال والقمع والدكتاتورية والترويج لثقافة الجهل وملاحقة الأساطير والخرافات وقد أصبح بمثابة محامي الدفاع عن أسامة بن لادن وصدام حسين في الفضائيات فكلما تم عرض شريط جديد لبن لادن أو خبر هام عن صدام يتم الاتصال به لتوزيع تهم الخيانة والعمالة والضحك على المشاهدين بالشعارات الفارغة. ومثله يوجد العشرات من محترفي الكذب والصوت العالي وغياب العقل والمنطق.
عمرو خالد ظاهرة هامة جدا ورمز لنشر الجهل المنبثق من القصص التاريخية والدينية. الرجل يتمتع بكاريزما مثيرة، على الأقل بالنسبة لكثير من الناس لأنني شخصيا لا أطيق مجرد سماع صوته ويمكن أن أنهي أية زيارة لأقاربي إذا  بدأوا يستمعون إليه على الشاشة! وهو يستغل هذه القدرة الشخصية بالمتاجرة بالدين ورمي الشباب العربي في متاهات التخلف والإحباط والانعزالية. كل هذه القصص التي يختارها بعناية عن تاريخ الصحابة والرموز الإسلامية تجعل المستمع إليها يعتقد بأن هؤلاء الأشخاص منزهون عن الخطأ وأنهم قديسين وملائكة ولا يمكن لأي شخص يعيش في العالم العربي حاليا أن يصل إلى مستواهم الأخلاقي وهذا ما يجعل جميع أتباعه يحسون بالإحباط والضعف. ولكن الذي لا يذكره عمرو خالد أن نفس هؤلاء الأشخاص، ومن نفس المصادر التاريخية كانوا يكذبون ويغشون ويسرقون ويزنون ويقتلون ويمارسون كل أنواع الموبقات وكانوا بشرا عاديين تماما بل أن الكثير من العرب والمسلمين الآن يملكون صفات وسجايا أخلاقية أفضل بكثير من  الشخصيات التي يذكرها عمرو خالد في محاضراته والذي يحاول أن يعطي انطباعا بقداسة هؤلاء الأشخاص.
ميشو شو، برنامج تلفزيوني من قناة المستقبل اللبنانية يقدمه مذيع إسمه ميشيل قزي يمتلك هو الآخر شخصية وموهبة كاريزمية عجيبة، ولكنه ثقيل الدم جدا ومع ذلك تجد ملايين من الشباب العربي يحضرون برنامجه ويعتبرونه نموذجا بل أن جولته على المدن العربية عام 2002 جلبا له حضورا بمئات الآلاف لا يحلم به اي عالم أو سياسي أو مثقف عربي موهوب، وكل هذا الجري وراء السخافة يمثل ظاهرة مرعبة عن توجه الشباب العربي إلى الجهل في ظل سيادة القمع وغياب الحريات السياسية في العالم العربي.
كل هذه الرموز التي تدمر المشاهد العربي يجب دراستها بعناية لأنها تشكل خطرا هائلا على العقل العربي أكبر بكثير من خطر الاحتلال والصهيونية لأن هذا يمثل تدميرا من الداخل ستكون آثاره مستمرة ووخيمة على مدى السنوات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا