الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشارع الإسرائيلي -يتخلى- عن الجولان

برهوم جرايسي

2008 / 6 / 13
الارهاب, الحرب والسلام


حين نقول أن غالبية الرأي العام الإسرائيلي تؤيد انسحابا من هضبة الجولان السورية المحتلة في إطار اتفاق مع سورية، فإن هذا النقيض للعنوان الأبرز الذي صدر به استطلاع "مؤشر السلام" الإسرائيلي، هذا الاسبوع، وأشار إلى أن 67% من اليهود في إسرائيل يرفضون انسحابا كاملا من هضبة الجولان السورية المحتلة.
و"مؤشر السلام"، هو استطلاع شهري يجريه معهد في جامعة تل أبيب، يعنى بشؤون العملية السياسية، وبشكل دوري منذ العام 1994، وهو يعكس الاتجاهات السائدة في الشارع الإسرائيلي، ويختلف عن استطلاعات الرأي التي تنشرها وسائل الإعلام الإسرائيلية، كونه ليس مرتبطا بحدث معين، أو أنه يجري في خضم حدث صاخب.
وفي الاستطلاع الأخير الذي قرأنا معطياته هذا الأسبوع، أعلن 67% من الذين شملهم الاستطلاع من اليهود في إسرائيل، أنهم يرفضون انسحابا كاملا من هضبة الجولان، مقابل 16% فقط يؤيدون انسحابا كهذا، ولكن في تفاصيل الاستطلاع تتضح أمامنا صورة مختلفة.
فقد برر 65% من المعارضين للانسحاب موقفهم بأسباب أمنية وعسكرية، وكأن هضبة الجولان "كنز استراتيجي عسكري ضروري" لإسرائيل، وهي الرسالة التي بثتها على مر السنين المؤسسة العسكرية لإقناع الشارع الإسرائيلي بضرورة احتلال الهضبة، لا بل وضمها "للسيادة الإسرائيلية" منذ العام 1981.
وهذا يعني أن الغالبية الساحقة من المعارضين (65%)، ويشكلون أقل بقليل من 44% من المجموع الكلي الذي شملهم الاستطلاع، ربطوا موقفهم بموقف المؤسسة العسكرية، وهذا أمر معروف عن الشارع الإسرائيلي الذي يتشبث بالأمن والعسكر، كنتيجة طبيعية لسياسة التخويف والترهيب التي تتبعها السياسة الرسمية الإسرائيلية على مر عشرات السنين، ليلتصق الرأي العام أكثر بسياسة الحرب والاحتلال.
كذلك فإن الرفض هنا جاء "لانسحاب كامل"، ولم يتطرق الاستطلاع لسيناريوهات تضعها إسرائيل لنفسها، مثل انسحاب ليس كاملا، مع إبقاء بعض المناطق "مستأجرة" لسنوات من سورية، بعد الاعتراف بسيادتها على كامل الجولان وغيرها من السيناريوهات.
وهذا يعني أن هؤلاء مرشحون لتغيير موقفهم في حال بثت المؤسسة العسكرية رسالة مغايرة لتلك التي بثتها على مر السنين، خاصة وأنه في هذه المرحلة يوجد في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية توجهان، الأول يبقي على موقفه التقليدي من الهضبة، والثاني يرى أنه على ضوء التطور التكنولوجي العسكري وسلاح الجو والصواريخ، لم تعد أهمية عسكرية استراتيجية للهضبة، خاصة وحسب ما ينشر في إسرائيل، أن هناك اتفاقا ضمنيا بين الجانبين الإسرائيلي والسوري حول جعل الهضبة منطقة منزوعة السلاح.
وحسب التوجه الثاني، فإنه يبقى على إسرائيل التفاوض على جوانب أخرى في الهضبة، مثل مصادر المياه، و"استئجار أراضي" لسنوات طوال وغيرها.
ومن المعطيات البارزة في هذا الاستطلاع، أن 20% "فقط" من اليهود المستطلعين رفضوا الانسحاب من الجولان لأسباب أيديولوجية، مثل مزاعم ان الهضبة جزء مما يسمى "أرض إسرائيل الكاملة"، ولكن الوزن السياسي لهؤلاء في الحلبة السياسية وفي وسائل الإعلام أكبر بكثير، خاصة وأن ذوي مصالح مختلفة، مثل المستثمرين اقتصاديا في الهضبة، يتسترون من خلفهم، دفعا لمصالحهم الاقتصادية لا غير.
وهؤلاء القلة يقفون من وراء مبادرات تشريعية تقيد البرلمان الإسرائيلي مستقبلا أمام أي اتفاق مع سورية يضمن الانسحاب من الهضبة، مثل القانون الذي يفرض أغلبية 80 عضوا من أصل 120 عضو برلمان، لإقرار تنازل عن أرض تقع تحت "السيادة الإسرائيلية"، وهذا يعني ليس فقط الجولان بل القدس المحتلة أيضا.
أو قانون آخر ما يزال قيد التشريع، يفرض استفتاء شعبيا للمصادقة على اتفاقية مستقبلية مع سورية، وهناك تأييد واسع لهذا القانون، ولكن الجدل داخل الحلبة السياسية يدور حول النسبة المطلوبة لإقرار الاتفاق في استفتاء كهذا، إذ يطالب اليمين بنسبة أعلى بكثير من 50%، وهناك من يتحدث مثلا عن نسبة 66%.
وفي هذا القانون خطورتان كبيرتان، الأول أنه سيكون سابقة لإجراء استفتاء حول منطقة محتلة، ورهن مستقبل هذه المنطقة بالمزاج الشعبي، وليس بالمواثيق الدولية، والثاني، هو أن السعي لنسبة أعلى من النسبة العادية يهدف بالأساس إلى تحييد تأثير صوت فلسطينيي 48، بغض النظر عما إذا كانوا سيشاركون أصلا في استفتاء مستقبلي كهذا أم لا.
إن الاستنتاج الذي بالإمكان التوصل إليه من نتائج هذا الاستطلاع، الشبيهة إلى حد ما بنتائج استطلاعات سابقة، هو أنه لا توجد في الشارع الإسرائيلي قناعة مترسخة برفض الانسحاب من الجولان، بل إن الأمر منوط بمبادرة المؤسستين العسكرية والسياسية في إسرائيل لتغيير لهجة خطابها، وفي حال تم التوصل إلى اتفاق مع سورية، فإن الغالبية الساحقة من اليهود في إسرائيل ستؤيده.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟