الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تداعيات العمر (3)

عزيز الحاج

2008 / 6 / 13
الادب والفن


تعريف ب"الجارة"
القطعة الأولى "الجارة" كتبت عن حالة وقعت لي في السنوات الأولى من التسعينات.
خرجت من البيت لأرى حمامة مسحوقة مهيضة الجناح ولكنها لا تزال حية تصارع الموت، وما أن سرت أمتارا بعيدا عنها حتى عدت بسرعة، واحتضنتها نحو الدار ووضعتها في بلكون منفرد خوفا من أن تكون ضحية قطي ريمي. وضعت لها طعاما وماء فإذا هي تنتعش قليلاً.
في اليوم التالي دلوني على ملجأ للطيور المنكوبة خارج باريس فودعتها هناك لدى عجوز طيبة كتبت لي بعد شهور بأن حمامتي قد تعافت تماما، وكانت بين الحمامات المفضلة عند الزائرين"

الجارة
كان المعرّي لا يزال ينـشد " هل بكت تلكم الحمامة أم غنت ؟" عندما وجدت لصق جوار الشارع حمامة مهيضة الجناحين، مكسورة القدمين ـ تقوم وتقعد ولا تكاد تتحرك ، فيما المخلوقات العابثة من حولها تذهب وتجيء بلا مبالاة . وكدت أتجاوزها لولا نظرة منها سمّرتني وعطلت أفكاري، كأنها نظرة حبيبة تغرق وتستغيث .شعرت كأنني أعرفها منذ صباي ، وكأن ذكريات غالية بيننا لا ينبغي أن تندرس على قارعة الطريق ، وتحت عجلات سيارة جبانة . .. كانت تصارع الموت بكبرياء صقر .. أحسست بأنه لم يبق لبالي بال ، ولم تبق للحلم يقظة ولا نشوة ، فوجدتني أنحدر إلىهاوية ، وأصعد إلى ذروة ..وبدا المجرى المائي، الضيّق، القاذف بها أماماً ووراء، وهي في مكانها ، نهرا عميق الغور ، يستحيل العوم فيه ـ فكيف وأنا أجهل السباحة في غربة المكان! والحمامة تتطلع فيّ وحدي من بين الجمهور اللامكترث، الماضي كل لنزواته. وفي المجرى العميق النزيف ، وتحت مضخة المطر ، كانت تقاوم وتبكي بلا تذلل .. بعزة نفس وكبرياء .. نظراتها تخترق بقوة مدهشة ، حتى صرعتني وصهرتني، فاحتضنتها برفق وعشق ، وظللت أبحث معها عن أقرب دار أمان ، وجدتها أخيرا في ظاهر المدينة برعاية عجوز طيبة ، تكتب الأشعار .. وعندما قلّوني نيشان حماية الطيور ، وأوشكت أن أفارق حمامتي ، نادتني نظراتها أن : "قف ، وقبلني ، لأصلي لجناحيك المعذبين " . . فعدت إلى غرفتي نشوان ، وكلّي يغني: "أيا جارتا كم تشعرين !"

الراحل
تهب الرياح فيذوي الزهرْ ، ويأتي الربيع فيزهو الشجرْ
وتشرق شمس الضحى غضةً، وتبكي الغيوم وتُذري المطرْ
وتمضي السنون بأحزانها لتتبعها سنوات الكدرْ
وأنتَ معي ، لم تغب لحظة كأنك لم تبتلعك الحفرْ ..
أحن إلى حبك المنتقى وقد كان نوري ، وصفو العمرْ ..
أزورك رغم هموم الحياة ، وشيخوختي ، وانكفاء العمرْ ..
أحن كطفل إلى أمه وعاطفتي لم تزل تستعرْ ..
أحن إلى "الملتقى "،عندما سأرفع صاريتي للسفرْ !
**********

الستار
كلما أسرجت الليل، تراكضت أطياف أمس ، وتواثبت هموم اليوم ، وتولدت من الاسترسال المسرف راحة اليأس، وحلاوة الألم .. .. غير أن السرى إن طال ، تقطعه مخلوقات بائسة ، وكواسر صدئة .. ..فمتى تنتهي غربة العمر ، يسدل الستار !؟
***************
اللعنة
حين تخترق نظراته حجب الأفاق ،أشعر بعار النتماء لجنس الإنسان ، لولا حلاوة الجمال ، ونشوة الخطيئة الأول ..

*************
الغجر
على فراش مرضي يأتي الصحو ، وإشراقة السمر .. ويسيّرني العباب حتى خيام الغجر ..فأغني لحب بودلير ، وأبكي مصرع المتنبي في ليلة العيد ..
***********
الحريق ..
وقفت عند البحر في مدينة الرباط .. .. الموج أمامي ،وأسوار التاريخ تراقبني .. .. ولمّا قطعتْ العجوز خلوتي ، اشتعل في روحي حريق يعجز البحر عن إطفائه .وأخذت أنظر إلى السحب الابعيدة في أحضان غوتها ـ ..عسى أن تستيقظ ، وتغرقني .. ..
****************

حلوى
فاجأت ولدي يبعثر خزانتي بزق ، وعصبية . ولما سألته عن السبب قال إنه يبحث عن نقود يشتري بها حلوى" ولكنك تعلم أن ليس في أدراجي غير رسائل قديمة ، وأزرار مقطوعة ، وأبيات شعر !" فأجاب:
" أردت الحلوى لا لنفسي ، بل لك أنت ، لعل شعرك يفقد شيئا من مرارة جرحه ." .. واستمر يفتش ..

*******************
أزن العجين ، أقطّعه ..أرميه في النار ..وتلتهم الرغيف وحدها ..
أقطف الوردة من أجلها ..تشمها ، وترصع بها الجبين ثم ترميها وتوبخني ..
أرعى الفرَسَ ..أهدهده ..أطعمه سكرا ..وتركبه بلا لجام لتسابي به الريح ..
أكتب سيرتي بدم طفولتي .. فتمزق أوراقي ، وتكسر قلمي ، ثم تخطفني إلى ماوراء الجبل ..وأظل أرضع ، وأبكي .. ..

****************
سمير وأسير !
غاب سميري .. وكان أسيري ..
تشبثنا الواحد بالأخر ـ عاما ، وأعواما ..
لكن القضاء حكم ، والداء نفذ .. ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب


.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_




.. هي دي ناس الصعيد ???? تحية كبيرة خاصة من منى الشاذلي لصناع ف