الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طويريج ، وما أدراك!

سعدي يوسف

2008 / 6 / 13
كتابات ساخرة


يُقالُ إن العربَ لا تبدأُ بساكنٍ ، ولا تقفُ على متحرِّكِ .
لكنّ طْوَيريج خرجتْ على القاعدة ...
لم أكن أعرفُ ، في سالف الأيام ، من فضلٍ لهذه الـبُلَيدةِ ، إلاّ مغنّياً عتيقاً هو عبد الأمير الطويرجاوي ، وإلاّ في كونها مَـخْـمَـرةً لأهل النجف ، يقصدونها ليعودوا متعتَعين بعرقٍ من نادي الموظفين الذي كان يديره يهوديٌّ
من أهلها .
لكنّ الأيام تأتيك بالعجبِ العُجابِ :
قبل الاحتلال بثلاث سنين أو نحوِ ذلك ، كنتُ ضيفاً ثقيلاً على شخصٍ ، في لندن ، كنتُ عرفتُه في باريس باديءَ ذي بدءٍ .
ذاتَ مساءٍ ، والرجلُ لم يَعُدْ ، بَعدُ ، إلى المنزل ، رنّ الهاتفُ ، فأسرعتُ إلى السمّاعةِ ، على غير عادتي . كانت المتحدثة امرأةً يبدو من صوتها أنها متقدمةٌ في السنّ :
آلو ...
نعم .
أأنت أيضاً من طويريج ؟
نعم !
اسمُكَ حسين ؟
لا!
*
عاد حسين ، حوالي العاشرة مساءً ، فأخبرتُه الخبر .
قال : نعم . إنها فلانة ، زوجة فلان ، متعهد بار الموظفين في طويريج . وهو يهوديّ . طويريج بلدةٌ متسامحة.
السيدة العجوز ، اتصلتْ ثانيةً ، لكن بحسين الفعليّ هذه المرّة . كانت تدعونا إلى عشاءٍ في منزلها بإحدى ضواحي لندن الغنية ، باعتبارنا عضوَينِ في " جمعية طويريج " .
استفسرتُ من مُضيفي :
نعم ...
في لندن جمعيةٌ بهذا الإسم ، تعمل على إحياء ماضي طويريج ، وعلى تطويرها في المستقبل .
لبّـينا الدعوَةَ .
كان متعهد بار النادي حاضراً ، بالطبع ، مع ضيوفه ، أمثالنا .
المائدة عامرةٌ بمآكلَ عراقية ، قديمة ، لذيذة ، ممّا يطبخه اليهود العراقيون .
الحديث كله ، كان يدور حول طويريج : بيوتها . أهلها . عادات الناس . المحلاّت . النهر وعلاقته بالبلدة . إلخ .
*
يجيء الاحتلال ، بدباباته ، وأكاذيبه ، ويأتي بخدمه من رجالٍ ونساءٍ ، وشِيبٍ وشُبّانٍ .
يأتي أوّلاً بأعضاء " جمعية طويريج " .
من هؤلاء كان حسين ، أشهر مزوِّرِ انتخاباتٍ في العالَم .
ومن هؤلاء ، نوري المملوكي ، الذي حظيَ ، أخيراً ، بلقب " القائد " ، من لَدُنِ المرشّح الرئاسيّ لحزبِ مُـجرمي الحرب ، جون ماكين .
*
وتقفز طويريج إلى الواجهة ، كما قفزتْ العوجةُ في أيامها .
أهل طويريج ، مثل أهل العوجة ، يحيطون بالرئيس القائد . منهم العسكريون المزوّرون في " لواء طويريج " ، ومنهم الحمايات الشخصية ، والمتعهدون ، والمهربون ، ومنظِّـمو فرَق القتلِ ، والدبلوماسيون الحفاة ، والموظفون الأكثر حظوةً وســرقةً وفساداً .
*
أيامَ كان " أسبوع المدى الثقافي " يقامُ في دمشقَ ، كانت دار المدى تشحن الضيوفَ بالعشرات ، ولا أقول بالمئات، في حافلاتٍ تُبْـلِـغُهم " القرداحة " ، حيث يثوي الرئيسُ السوريّ الراحل حافظ الأسد .
أمّا في أربيل ، فالمزارُ مثوى الملاّ .
*
هل ستأخذ " دار المدى " ضيوفَها ، في صبيحةٍ ملتبسةٍ ، إلى :
طويريج ؟
*
ويقول أهلُ العراقِ بلهجتهم العجيبة:
خوشْ لَجَنْ ( الجيم هنا تُنطَقُ مصريةً )
خوش أبريج ( الجيم هنا تُنطَقُ جيماً حجازيةً ! )
ونقضي العُمر ، بِطويريج ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل