الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلاقة بين الحكومة المركزية والادارات المحلية

اكرم سالم
(Akram Salim Hasan Al-janabi)

2008 / 6 / 13
الادارة و الاقتصاد


استقلال السلطات المحلية بمباشرة اختصاصاتها .. لاينبغي ان ينظر اليه على انه استقلال مطلق بحيث تستقل هذه السلطات المحلية عن السلطة المركزية تماما ، و إلا اصبحت اللامركزية المحلية خطرا على وحدة الدولة وسلامة كيانها ، فإذا كان مقتضى اللامركزية استقلال الهيئات المحلية بمباشرة اختصاصاتها المقررة ، فانه ينبغي التنبه الى ان هذه الهيئات المحلية تظل ترتبط بالسلطة المركزية التي تملك فرض رقابتها عليها في حدود معينة ، للمحافظة على وحدة كيان الدولة وحمايته من التفتت .
ذلك ان اللامركزية الادارية المحلية او الاقليمية تتميز عن اللامركزية السياسية بأن الاخيرة تتضمن توزيع وظائف الدولة الثلاث من تشريعية وتنفيذية وقضائية بين السلطة المركزية وبين الولايات او الدويلات ، بينما يقتصر مضمون اللامركزية الادارية الاقليمية على توزيع بعض مظاهر الوظيفة الادارية واختصاصاتها بين السلطة المركزية وبين الهيئات المحلية ، أي ان اللامركزية المحلية مع اقتصارها على وظيفة واحدة من وظائف الدولة ، هي الوظيفة الادارية الا انها لا تعني توزيع سائر اختصاصات هذه الوظيفة الادارية بين الهيئات المحلية ، وانما يظل بالضرورة قدرا كبيرا من هذه الاختصاصات ، وهي تلك التي تتعلق بالمصالح القومية العامة بين يدي السلطة المركزية .
فاذا كانت الهيئات المحلية تستقل بأدارة ما يدخل في اختصاصها من مصالح محلية ، فأن المصالح القومية العامة تبقى تحت سيطرة السلطة المركزية ، وهو ما يستتبع بالضرورة ايضا ان تكون ممارسة الهيئات المحلية لاختصاصاتها في ادارة المرافق المحلية خاضعة لرقابة السلطة المركزية .
فرقابة السلطة المركزية ضرورة لاغنى عنها لحماية وحدة كيان الدولة وصيانته من التفتت ، لان اطلاق حرية السلطات المحلية في ممارسة اختصاصاتها دون خضوع لرقابة السلطة المركزية قد يؤدي الى تفكك اركان الدولة وزعزعة كيانها حيث قد تحاول الهيئات المحلية التحول من مجرد وحدات ادارية الى دويلات ذات كيان مستقل داخل الدولة . ومن ناحية اخرى تبدو اهمية الرقابة على السلطات المحلية للحد من ميل هذه السلطات المحلية الى الاسراف في حماية مصالحها المحلية ولو على حساب المصلحة القومية العامة التي ينبغي ان تكون لها الافضلية عند تعارضها مع اية مصالح لسكان اجزاء معينة من اقليم الدولة . ولذا فان الاعتبارات السابقة تقتضي ان يكون استقلال الهيئات المحلية نسبيا وليس مطلقا ، تمارسه هذه السلطات تحت رقابة السلطة المركزية وذلك صيانة لوحدة كيان الدولة (المعاني ،33و34) ويذكر الدكتور عبد الرزاق الشيخلي من ان " الهيئات المحلية تتمتع بنوع من انواع الاستقلال غير ان هذا الاستقلال يجب ان لايكون مطلقا والا لأصبحت الهيئات المحلية دولا داخل الدولة . ولذلك تجمع انظمة ادارة المحلية حرصا على صيانة الوحدة القانونية والسياسية للدولة بأن يكون استقلال الوحدة الادارية المحلية نسبيا ويعني وجود رقابة تمارسها الحكومة المركزية على الادارات المحلية ، ويلاحظ ان وجود الرقابة يعتبر امرا لازما وضروريا ولكن درجة الرقابة هذه تختلف من دولة لأخرى تبعا لاختلاف انظمتها السياسية واحوالها وظروفها الاجتماعية والاقتصادية . "
ويتنازع العالم في الوقت الحاضر - بصورة عامة – نظامان الاول : المطبق في الدول الانجلوسكسونية والاقطار التي اخذت عنها وهذا النظام الذي بموجبه تتمتع السلطات المحلية عند قيامها بواجباتها بحرية اكثر من النظام الآخر . والثاني يسمى بنظام الوصاية الادارية المطبق في النظام الفرنسي والدول الاخرى التي تبنت هذا النظام كدول الشرق العربي والادارة المحلية بموجب هذا النظام لايمكنها من القيام بالواجبات والاعمال المناطة بها – في كثير من الاحيان – بلا موافقة الحكومة المركزية سواء أكانت هذه الموافقة قبل القيام بالواجبات وممارسة المسؤوليات او بعد ذلك . وهذا يعنى ان الحكومة المركزية تمارس رقابة ثابتة وشديدة على السلطات المحلية . " ( عبد الرزاق الشيخلي ، 2001 : 35 و36 )
واقر المؤتمر الرابع للادارة المحلية سنة 1978 توصيات حول العملية الرقابية منها :
• ان يكون التقويم قائما على مقاييس وأسس موضوعية معروفة مسبقا للجميع .
• اعادة النظر في اجهزة الرقابة الموجودة بما يحقق التنسيق بينها ، والغاء تلك الاجهزة التي لاحاجة لها او التي تقوم اجهزة بمهامها منعا للازدواجية والتضارب وحرصا على عدم تعطيل العمل .
• كما يوصي المؤتمر بضرورة وجود نظم متابعة وتقويم تستند الى اسس ومعايير عملية هدفها معرفة ما حققه المشروع من الاهداف التي رسمت برامج لتحقيقها ، وكذلك معرفة نقاط الضعف في التنفيذ لتلافيها مستقبلا . ( المنظمة العربية للعلوم الادارية ، التوصيات ، 1978 :157)
استقلالية الهيئات المحلية في ممارسة اختصاصاتها :
لكي يكتمل نظام الادارة المحلية ذاتيا ، فان الهيئات والمجالس والموظفين الذين يديرون الوحدة يستقلون في اصدار القرارات الادارية اللازمة ، ومباشرة الاعمال التي تقتضيها شؤونها ، بمنأى عن ضغط الحكومة المركزية . الا انه مما لاينال من استقلال الهيئات المحلية في ممارسة اختصاصاتها القانونية ، قيام الحكومة المركزية بأشراف على قرارات واعمال الاولى ، وذلك بطريقة التكافؤ والمساواة . ( عبد القادر الشيخلي ، 1982 : 39 )
ان غياب ( الوصاية الادارية ) او الرقابة الادارية طبقا للمفهوم اللامركزي الذي يتحقق بأصطلاح ( الاشراف ) يفضي الى ضعف الروابط بين الادارات المحلية والحكومة المركزية ، وبالتالي ، تصبح الوحدة المحلية دولة داخل الدولة الأم ، وهذا ما يؤدي الى تفكك اواصر الدولة ووهن سيادتها الداخلية . في ضوء هذا الادراك ، فأن استقلال الهيئات المحلية في اصدار قراراتها الادارية ومباشرة اعمالها التنفيذية لايعني بحال خروجها على احكام واسس سياسة الدولة ، وانما الاستقلال الاداري يفهم في اطار السياسة العامة للدولة . ( عبد القادر الشيخلي :39 و40 ) ان وجود الاقسام الادارية اللامركزية مثل الهيئات المحلية ، والوحدات الادارية اللامركزية التي توجد في الاقاليم لاتنقص من سيادة الحكومة المركزية ، فهي تعمل كمعاون للحكومة المركزية في ادارة المصالح ، والمرافق العامة وفي اداء المهام التي تضطلع الحكومة المركزية بها في النطاق الاقليمي الذي توجد فيه هذه الاقسام اوالوحدات اللامركزية .
فالمنظمات اللامركزية كالمحافظات والاقسام والهيئات المحلية التابعة للوزارات ، تمارس سلطاتها واعمالها بأعتبارها نائبة عن الحكومة المركزية ، وليس باعتبارها كيانات تنظيمية وادارية مستقلة . فالحكومة المركزية تملك حق تعديل النظام اللامركزي في أي وقت ، دون ان يكون ذلك رهينا بموافقة الهيئات اللامركزية . بل ان الحكومة المركزية تستطيع ان تصدر تشريعا يلغي النظام اللامركزي ، ويلغي هذه التقســــــــيمات الادارية اللامركزية . ( عاشور،1979 : 158 ) .

المصادر :
ــــــــــــــ
1. الدكتور احمد صقر عاشور " الادارة العامة ، مدخل بيئي مقارن " دار النهضة للنشر ، بيروت ، 1979
2. ايمن عودة المعاني ومحمود عودة ابو فارس " الادارة المحلية ، اسس وتطبيقات " الجامعة الاردنية ، عمان ، 2000
3. الدكتور عبد الرزاق الشيخلي " الادارة المحلية ، دراسة مقارنة " جامعة مؤتة ، الاردن .
4. الدكتور عبد القادر الشيخلي " نظرية الادارة المحلية والتجربة الاردنية " المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، عمان ، 1982
5. المنظمة العربية للعلوم الادارية ، توصيات المؤتمر الرابع للادارة المحلية ، القاهرة ، 1978








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ??محكمة العدل الدولية تقضي بعدم اختصاصها بفرض تدابير مؤقتة ب


.. محمد العريان يجيب عن السؤال الصعب.. أين نستثمر؟ #الاقتصاد_مع




.. الذهب يتراجع من جديد.. جرام 21 يفقد 20 جنيه


.. محمد العريان يكشف لسكاي نيوز عربية عن أهم الاستثمارات خلال ا




.. تتجه الأعمال اليابانية إلى تنمية اقتصادات ذات تأثير إيجابي ف