الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقال.. ليس بالمقال

فاديا سعد

2008 / 6 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


في عيونه أخبار وفي ركن منه رسائل وعلى ما تكتب تعليقات وردود أفعال. من أحشائه يخرج معجبون وحاسدون وعلى لسانه تسيل بذاءات ومهاترات. من شفتيه تنساب شهوات معلنة ومخفية وجمل تعبأ بالمكبوت والمفضوح.. فكيف لا أتعلق به! أليس هو نسخة عن المجتمع؟
متى أردت معاقبتهم: المنافقين والدبلوماسيين المزيفين، أقوم بكبسة زر، وأطير من مكان لآخر. من مجتمع لمجتمع جديد. من شريحة ثقافية وسياسية ودينية وفنية لشرائح أخرى.. من عالم عجيب إلى عوالم أعجب، فكيف لا يكون أحد أهم رفاقي: أليس هذا هو المجتمع؟
أزرار أحرفه تتحمل حالاتي النفسية مجتمعة، وتخرج من أعماقي القمح والزؤان. الحنو والرقة.الغضب والشدة وحتى بعض أحقادي وسيالات جنوني. السخيف منها والجيد. السطحي والعميق وأستعيض به عن الجرائد الوطنية التي رفضت أن تكون نسخة عن المجتمع، فيتحقق جزء من ديمقراطية مفقودة في العالم الواقعي.
في هذا المجتمع - مجتمع الأنترنت- تجد لنفسك موقعاً إن لم يكن هنا فهناك، وإن ضاقت الأحوال تصنع موقعاً شخصياً، وكل ما ينشر وبأية نوعية سيكون له أشباهه، وستطبق المقولة: الطيور على أشكالها تقع، بحذافيرها.. أو ليس هذا هو المجتمع؟ أو ليس هذا ما يجب عليه أن يكون المجتمع الديمقراطي في العالم الواقعي؟
كل يوم تعيش حيوات عدة، فتتناسخ وتتوالد، تصير محترماً في مكان ومهاناً في آخر. محبوباً في بقعة ومكروهاًً في أخرى. شخصاً طبيعياً بين أناس وغريب الأطوار بين آخرين، لكن............. أليس هذا ما يحصل معنا جميعاً في المجتمع الواقعي وبذلك يتقارب المجتمعين معاً؟
في العالم الواقعي تتعلم دروساً والعالم الافتراضي يعلمك دروسا. العالم الواقعي يضيف لخبرتك خبرة والعالم الافتراضي مثله وقد تتعلم فيه ما لم تعلمك إياه الأحزاب والمؤسسات الثقافية! في العالم الواقعي يتحدثون عن الانفتاح وفي الافتراضي يتجسد الانفتاح، وبهذا يتجاوز العالم الافتراضي عالمنا الواقعي، فهنا لا تعرف لوناً واحداً أو مذهباً معيّناً للفكر.. إنه بحق حزب من طراز جديد لمجتمع كامل ينقصه عالمنا الواقعي.
من بين جميع الدروس واحد له طعم مختلف: ما تفعله سراً افعله جهاراً!! ويبدو الدرس أقسى إذا ما كنت مهتماً بالشأن العام، فكونك محاصراً براً وبحراً وجواً أعلن عن أسرارك لأنك ستكون في مرمى عدة جهات تستحلي تلك السرار، لتنشرها على حبال غسيل المحلية والعربية والعالمية، ولذلك إن كانت لديك نوازع مثلية فكن شجاعاً وأعلنها على الملأ قبل أن تقع رسائلك في يد القبضة الحديدية، وإذا ذاك لن تنفع جمل من نوع: من منكم بلا نوازع نفسية مختلفة عن الآخرين فليرمني بحجر!
إن كانت لديك علاقة غير نظامية: فستهدد من قبل الشبيبة الأمنية: من فم المجتمع أحلا يا كحلا، وهذه الجملة عربون تهديد واضح المقاصد: فالمجتمع أكبر قصاص وأفظع قانون، والجميع سيصير شريفاً على حساب سمعتك، ألم يقال: حين تقع النعجة تكثر السكاكين؟ وكل ذلك عربون تهديد ، مقابل أن تترك الشأن العام وشأنه.
الانترنت يعلمك أن تقرأ أمراً واحداً بوجوه عدة، فتطلع على السياسة بطريقة الحشاشين: "قال حشاش لرفيقه: سمعت أن أمريكا اتهمت طالبان بالتفجيرات الأخيرة، فيرد عليه رفيقه: جيد أنهم لم يتهموا المدرسة كلها"

إنه يتجاوز القوميين والماركسيين والليبراليين و الدينيين وتعرف أن الثورة لن تقوم غداً، ما إن تقفز إلى موقع آخر تماماً كما تقفز من دوائر الأحزاب إلى دوائر الوظائف الحكومية إلى المقاهي إلى الحدائق العامة وبذلك تنفض الوهم عن كاهليك وتعترف أمام نفسك والجميع أن الافتراضي والواقعي متقاربين إلى حد التلاشي قريباً بينهما.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمطار الغزيرة تغرق شوارع لبنان


.. تشييع جثماني الصحفي سالم أبو طيور ونجله بعد استشهادهما في غا




.. مطالب متواصلة بـ -تقنين- الذكاء الاصطناعي


.. اتهامات لصادق خان بفقدان السيطرة على لندن بفعل انتشار جرائم




.. -المطبخ العالمي- يستأنف عمله في غزة بعد مقتل 7 من موظفيه