الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحزاب الإسلام السياسي ونغمة الوطنية النشاز

ياسين النصير

2008 / 6 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


1
يشير مسار العملية السياسية إلى إنحسار الدور الإيراني في العراق بعد أن تلقى ضربات موجعه لأنصاره في البصرة ومدينة الثورة والموصل،وغدا في العمارة والناصرية وكربلاء والنجف. والعملية تشير إلى أن يقظة سياسية بدأت لدى عدد من أجنحة التنظيمات الإسلامية المتسيدة لدفة الحكم كنتيجة ملموسة للتحولات الجديدة والتي بدأتها صحوة الأنبار التي باركنا قبل غيرنا حقيقتها الوطنية، ثم امتدت لتشمل مختلف محافظات العراق. مما يعني أن اليقظة الوطنية ستتخذ مسارا مغايرا لما ارادته أحزاب الإسلام السياسي بالرغم من امتلاكها لأول مرة في التاريخ؛ هيمنة برلمانية، ومليشيات، وسيطرة دينية، وألفاظ التقديس، ونهب الثروات، وأسحلة مهربة، ودور إيراني قوي، ومساندة امريكية واضحة. إلا أن مسار العملية السياسية بعد هزائم المجرمين في البصرة ومدينة الثورة بدأ يتغير، ليس بفعل نجاح خطة فرض القانون وحدها،وإنما بتحسس إيران أن خنجرا دوليا إقترب من خاصرتها، وبتغيرات جذرية بدأت تنشط في اوساط العراقيين بعد خمس سنوات من هيمنة قوى الطائفية على مقدرات العراق. ومن هنا بدأت أحزاب الإسلام السياسي العراقية المرتبطة بايران تعيد النظر في مواقفها. لأن مصيرها المتعلق بإيران هو خطأ فادح سيفقدها، ليس عراقيتها ووطنيتها حسب، وإنما مشروعها السياسي نفسه. ولذلك تعد زيارة المالكي الناجحة لإيران نقطة تحول كبيرة وأن غُطيت بإعلام عراقي بائس وغير ذكي، خاصة عندما اعتمد الإعلام مبدأ التوازن في النتائج بين البلدين، وواقع الأمر ليس كذلك. فالزيارة أوصلت صوت الشارع العراقي الجديد لإيران، من أن العراقيين ملوا الطائفية والتبعية الإيرانية، وأن لديهم مشروعهم الوطني وأهدافه التي لا يمكن لأي حزب طائفي استيعابها، لاسيما وأن تجارب العراقيين الماضية تعتبر خزينا مجربا لوحدتهم وقواهم الوطنية النشطة. لقد نجحت زيارة المالكي بايصال هذا الصوت لإيران، مما زاد من عزلة إيران عراقيا ودوليا، وهو ما أعطى الضوء الأخضر لاجتماع الدول الثمانية بالضغط على إيران مجددا ، فجعلت نجاد يرفض سلة المبادرات وهو منفعل، ثم تجيء زيارة بوش الدولية لتعمق عزلة إيران باعتماد العصا والجزرة معاً، وفي خاتمة الحركة نجاح زيارة المالكي للأردن،وهو البلد النافذة للعراقيين دون ان يتدخل بتشكيل حزب خاص به او مساند له كما تفعل إيران، ثم الدور التركي المتزايد حضورا ونفوذا في المنطقة ومن بينها العراق. كل هذه التحركات تشير إلى أن احتواء عن طريق العقوبات والعزلة لإيران قد بدأت مراحله، سواء على الساحة العربية أو الدولية. ومن هنا بدأت أحزاب الإسلام السياسي في العراق تتشتت وتتمزق وتعيد حساباتها لاسيما وأن إنتخاب مجالس البلديات في المحافظات على الأبواب. لقد شعرت أحزاب الإسلام السياسي أن العزف على النغمة الدينية ثانية قد تفقدها الشارع العراقي، لاسيما وأن المرجعيات- كما أعلنت - ستكون على مسافة واحدة من جميع القوائم. وإلا ما معنى هذه الحمية المتسارعة والعالية النبرة على " الوطنية" العراقية وهي الشخصيات نفسها التي مهدت للبرلمان للموافقة على مشروعات لمنح ايران امتيازات في الحدود والمياه والنفط والتعويضات.؟

11
إن حركة الوضع العراقي الداخلي تجد صداها مباشرة على الساحتين العربية والدولية،ومن أهم نتائجها المباشرة هو هذه الإنشقاقات المميتة في بنية الإتلاف العراقي وجبهة التوافق والقائمة العراقية.ثم الإنحسار الواضح في دور حزب الله وحماس في المنطقة العربية،كما أن نغمة دولية بدأت واضحة بعد مؤتمر ستوكهولم بشأن العراق، بالرغم من ضعف الدور العربي فيه،كل هذه المتغيرات بدأت ترسم خارطة جديدة للقوى القادمة على الساحة العراقية، ومن هنا وجدت فئات وشخصيات انخرطت سابقاً تحت ألوية الطائفة في الانتخابات السابقة، أنها ستخسر الجولة القادمة إن بقيت تحت هيمنة فكر الطائفة وممثليهاومن وارئهم إيران التي غذت العنف والدم والنفوس المريضة. لذا سارعت هذه الفئات لاعلان مواقفها ضد الطائفية والمحاصصة والقوائم المغلقة والانفتاح على الشارع العراقي، وتبنت خطابا وطنيا بالحديث اليومي عن السيادة الوطنية، بالرغم من أن بعض السذج - كي لا يفوتهم قطار التحولات الجديد من الطائفية إلى الوطنية - تظاهروا ضد الولايات المتحدة، فالمظاهرات طريقة لامتصاص نقمة الهزيمة في البصرة ومدينة الثورة. ومن هنا بدأالكل يطرح نفسه وطنيا ،وهذا بحد ذاته شيء جيد، ولكن بعض ما يقال علنا- وقد تعودنا سماع ذلك- لن يطبق مستقبلاً.
في مثل هذا الجو ستلجأ الأحزاب الطائفية إلى لعبة جديدة / قديمة وخاصة قبل إنتخاب مجالس المحافظات؛ من أنها ستلجأ إلى إثارة مخاوف العامة من أن مؤسسات الدين ستنهار عندما يهيمن على المحافظات التيار اللبرالي والعلماني، لذا ستتبنى مشروعا وطنيا مؤقتاً يمكنها من تغذية مشاعر العامة وطمأنتها بأن خطها الفكري السابق لن يتغير بتغير خطابها السياسي المرحلي. وسيجد المواطن العراقي أن هذا الخطاب سيكون علنا وبشعارات جديدة، وستصاحب هذا الخطاب الجديد للقوى الطائفية مشروعات وأفكارمن قبيل: تأجيل الفدراليات، ثم الإعلان المستمر في مواقعها الألكترونية والفضائية لأعوانها عن إنجازات المحافظات التي يسيطرون عليها إداريا،خاصة في مجالي الكهرباء والخدمات، وستشهد الأيام القادمة حمى تصريحات من على المنابر الدينية للإنجازات الوهمية لتغطية النهب والتكاسل والتخلف في المشاريع.ثم السعي لتأجيل عملية الإنتخابات في المحافظات كي تفلت من غضب الشارع المتنامي عليها. مهزلة هذه التي قادتنا إليها أحزاب الإسلام السياسي،بقوانينها ومشروعاتها الطائفية التي اتخذت صفة القانون والذي سيكون تأثيرها السلبي على العراق ومشروعاته وقضائه أكثر ضررا مما سنه مجرم العصر صدام حسين ونظامه من قوانين جائرة. وما أن تنتهي فترة انتخاب المحافظات حتى يعود خطاب الطائفية والقومية ثانية للصدارة، وتلغي، أو تهمل، كل الطروحات الوطنية التي قيلت واعتمدت في هذه الفترة.ومن يتتبع العملية السياسية سيجد الكثير من الاقول الوطنية التي قيلت على ألسنة ممثلي الطوائف الحاكمين سابقا قد تنصلوا عنها، خذ نغمة حكومة الوحدة الوطنية كمثال على ذلك!!!.
لذا على الشعب العراقي، خاصة البسطاء والفقراء والذين ما زالوا يرون في أهل البيت نعمة - وهم كذلك - عليهم أن ينتبهوا أن خمس سنوات من هيمنة أحزاب الإسلام السياسي على العراق، لم ينلهم فيها من خيرات العراق شيئا، بل زادتهم فقراً وعزلة عن العالم، وصنعت ومنهجت لهم ثقافة الخوف من الديمقراطية والوطنية والعلمانية، وكبلتهم بوعود كاذبة ومشاريع لم يستفد منها إلا نائبهم وأقاربه.
لا بأس فالوطنية تتسع للجميع والعراق بحاجة لجميع أبنائه، مهما اختلفوا في الآراء والأفكار ولكن للوطنية شروطها:
111

1- لا شك أن الوطنية ليست لفظة يمكن وضعها في أي خطاب سياسي أو ديني جديد،كما أنها ليست هوية لأي تجمع عشائري سلفي. للوطنية شروطها الموضوعية، وعلى من يلتزم بها سواء أكان حزبا أم تجمعا؛ أن يعتذر للشعب العراقي، عما ارتكبه باسم الطائفية من إجرام بحق الشعب خاصة ممن كان رئيسا للوزراء او ممثلا في السلطة عن هذا الحزب الطائفي أوذاك.
2- على التيار أو التجمع الجديد أن يؤسس برنامجه العملي والواضح على مقومات الهوية الوطنية وأن يفسر فيه معنى تحوله الجديد. إذ لا يمكن أن يكون وطنيا وفي جوهره طائفياً. فالعناصر الموغلة بالطائفية لا يمكن أن تغير بين يوم وليلة أثوابها كي تستبدل العمامة بالعقال مثلا.
3- أن تعلن هذه الأطراف التي أعلنت تبنيها للمشروع الوطني، أنها تؤيد قيام دولة علمانية منفتحة على التحديث والثقافة والمجتمع المدني، وأنها لا تتبنى مشروعا لبناء دولة دينية.
4- أن تعلن وبشفافية أنها مع القوى الوطنية الأخرى في تعميق لحمة الشعب العراقي، تلك القوى التي همشتها الطافئية وأبعدتها وهي صاحبة المشروع الوطني: تاريخا، وتجربة، ونضالا ومواقفا.
5- ان تعيد النظر بالدستور وبالقوانين الأخرى التي سنتها أثناء هيمنتها البرلمانية، خاصة تلك التي تكرس الطائفية، وأن تعلن موقفها من المفسدين والمرتشين والمهربين من بين صفوفها،كي تبدو للناس أنها بصدد تصحيح حقيقي لأوضاعها.
6- أن يكون لها مشروعها الوطني المعلن في تبادل السلطة والشفافية والحفاظ على ثروات الوطن واحترام السلطة القضائية وتوزيع الثروات وسيادة العراق... وتتبع ذلك تغييرات جوهرية في مفردات نظامها الداخلي.
7- أن تعلن وبصورة واضحة فك ارتباطها مع إيران، وان تعيد تصوراتها عربيا ودوليا، وأن تسند أية حركة وطنية أخرى تتفق وأهدافها.
8- أن لا تتفق – كحاجة انتخابية - مع قوى أسست مليشيات مجرمة لقتل الناس، فتحالفها معها يضعها في خانة إجرام تلك المليشيات. فالوطنية ليست شعارا فقط.
9- ومن هنا على الشعب العراقي، لا سيما سكان المدن الصغيرة والقرى والأرياف والمدن التي تسكنها غالبية دينية، أن ينتبهوا لأن مرحلة انتخاب المحافظات قادمة، وأن هذا الخطاب الوطني الذي تتبناه فجأة بعض الفئات التي كانت منخرطة تحت هيمنة الأحزاب الطائفية، هو غطاء لما ارتكبوه سابقاً. على المواطن العراقي ان لا يلدغ من جحرمرتين، فلا يعطي أصواته لمن ارتبطوا بإيران ودول الجوار الأخرى،أو لمن نهبوا ثروات الوطن،أو لمن أسسوا مليشيات لقتل الناس على الهوية،حتى لو امتلأت أفواههم وخطبهم بألفاظ الوطنية والحركات التصحيحية. فالعراق بعد خمس سنوات قادمة، لن يكون العراق في سنواته الخمس الماضية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضفة الغربية: قتلى فلسطينيين في عميلة للجيش الإسرائيلي بقرب


.. غزة: استئناف المحادثات في مصر للتوصل إلى الهدنة بين إسرائيل




.. -فوضى صحية-.. ناشط كويتي يوثق سوء الأحوال داخل مستشفى شهداء


.. صعوبات تواجه قطاع البناء والتشييد في تل أبيب بعد وقف تركيا ا




.. قوات الاحتلال تنسحب من بلدة بطولكرم بعد اغتيال مقاومين