الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى نتخلص من ثقافة التقارير....؟؟

جواد كاظم اسماعيل

2008 / 6 / 17
الادب والفن


لا أريد في مقالي هذا أن أتطرق الى ماهية الثقافة أو تعريف المثقف لأن هذا الأمر كثرت حوله الأراء ولازالت متواصلة ولم تنته الى تعريف محدد يمكن الأستناد له بشكل قطعي... لكن الذي أريد قوله هنا هو تشخيص حالات الخلل والمرض التي أخترقت الجسد الثقافي العراقي في مرحلة حكم البعث الساقط حيث رسخ هذا النظام الفاشستي ثقافة غريبة وصنع لهذه الثقافة أشخاص همهم الوحيد الكسب والوصول الى المناصب والتقرب الى السلطان زلفى لان هؤلاء يدركون جيدا أنهم ليس لهم صلة بالثقافة لا من قريب ولامن بعيد وهذه الثقافة هي تستند بالأساس على كتابة (التقارير) وهذه التقارير كانت تكتب طبعا ضد المثقف الحقيقي الى الأجهزة الأمنية لكي يقصى هذا المثقف عن مساحته أو يعاقب أو يذهب الى مقصلة الجلادين أو ربما يسعفه الوقت ويفر هربا بجلده من أرض الوطن ليستوطن أراضي المنافي والأغتراب وبسبب هذه السياسة تشظت الثقافة العراقية وتشوهت وخسرت الكثير من أبناءها الشرعيين وهكذا أستمر الحال طيلة الحكم الصدامي الخبيث هذه الفترة التي تعتبر من أسوء الفترات التي مرت على العراق منذ تأريخ تأسيسه حتى ساعة سقوط الدولة الكارتونية هذه الدولة التي فرخت الكثير من كتاب التقارير ومن انصاف المثقفين الذين تسللوا الى الوسط الثقافي بدعم أمني ومخابراتي في ذلك الوقت ليشوهوا الوجه الثقافي العراقي الناصع وفق مخطط رسمته السلطة للسيطرة على أهل الفكر وعلى اصحاب القلم حيث ماكانوا ....وبالتأكيد لم تنتج هذه المرحلة غير الخراب والتشويه والتشرذم وهو هذا الذي حصل فعلا طيلة المرحلة المنصرمة من عمر السلطة الممسوخة... لكن المؤلم أننا كنا نتمنى ونأمل بعد زوال الحكم الدكتاتوري بأن نشهد حراك ثقافي سليم يبنى على أسس سليمة لكي نعيد الهيبة والهوية المسلوبة لثقافتنا المهدورة الأ أننا ومع الأسف الشديد لم نشهد من هذا الأمنيات شيء قد تحقق منها على أرض الواقع حيث لازالت أسقاطات العهد المباد موجودة وربما فعالة لحد الان في الوسط الثقافي وبألوان ربما تكون تختلف عن السابق لكنها تعمل بذات الأليات ومن أبرزها كتابة التقارير وهؤلاء اليوم ربما أجزم قائلا أنهم يمارسون أدوارا أكثر سوءاً من السابق فأذا كان في السابق يحكم البلد حزب واحد فاليوم يحكم البلد أحزاب متعددة وكتاب التقارير لايكتفون اليوم بكتابة تقرير لحزب واحد بل يقوموا بتوزيع تقاريريهم المسمومة على كل الأحزاب والحركات وحتى على الميليشيات والغاية من وراء ذلك هي معروفة لأن هذه الطفيليات والنكرات لايمتلكون رصيد ثقافي ولاتاريخ ولامنجز يؤهلهم للبقاء والتواصل مع الحراك الثقافي المحلي أو الأقليمي أو الدولي كما أن هذا النموذج يعاني من عقد النقص والحسد وأن سعيه لهذه الطريقة لكي يكسب المكان الممنوح للمثقف ( س) أو أقصاء (ص) ليحل محله بمباركة هذا الحزب أو ذاك وهذا الأمر قد أستشرى بشكل كبير ولازال متواصل ويفرخ أفراخاً أخرى جديدة تمارس لعبتها القذرة دون رداع يردعها أو هناك جهة تتصدى لهذا النفر الشاذ حتى لاتبتلى ثقفتنا بطفليات جديدة... المحنة الحقيقية أن هذه النوعيات نجدها مدعومة من قبل جهات حكومية طبعا لتحقيق أجندات خاصة بها.. لكنني أجد اليوم وبعد أن أتضحت الصورة تماما لدى الجميع أن من وأجب المثقف الحقيقي أن يقف وبكل شجاعة لتعرية وكشف هذه الأسماء والأقنعة التي يتقنعون بها لاسيما الأسماء التي وجدت من الأنترنيت مساحة لها لبث سمومهم كما أن هناك جماعات وجهات أخرى أخطر من الأولى هي تلك التي تصدر بيانات تطالب فيها بتصفية مجموعة من المثقفين والتي لم تنته هذه الجماعات من أصدار هذه البيانات الى اليوم حيث نجد في كل يوم قائمة جديدة منشورة على مساحة من مساحات المواقع الكثيرة وأحيانا هذه الجماعات تكشف عن هويتها وأحيانا أخرى تخفي نفسها فهذه الأصناف أقصد كتاب التقارير وأصحاب البيانات والأخر الثالث الذي يتخفى بأسم وهمي ويكتب مقالته الفجة والرخيصة على أشخاص لهم بصمتهم الحقيقية على المشهد الثقافي العراقي والعربي بحجة أن هذا الشخص كان قد كتب مقالاً يمدح به صدام أو قصيدة يمجد به نظامه والمشكلة أن أغلب هؤلاء كانوا يكتبون لصدام في المرحلة السابقة ولما سقط صدام أنقلبوا كالحرباء مع العهد الجديد وطبعا أنا هنا لا أريد الدفاع عن الأشخاص الذين لهم أرتباط وثيق مع اجهزة السلطة وهم نفر قليل ومعروف هؤلاء الذين اثروا على حساب الأخر بتمجيدهم لرأس الطاغية وهؤلاء طبعا لانقاش بشأن موقفهم .. لكن الذي أدافع عنه هو الصحفي المسكين والمثقف الفقير الذي كتب سطرا او مقالا أو قصيدة لدوافع معروفة وغير خافية وهؤلاء هم الأن افقر شرائح المجتمع وأغلبهم لايملكون حتى دور سكنية مثل بقية البشر هؤلاء فقط من أدافع عنهم وسأبقى أدافع عنهم لأني عشت في العراق وأعرف كل تفاصيل الحياة التي كانت سائدة في زمن بن العوجة.... أدافع رغم أني قدمت أربعة شهداء من عائلتي في زمن البعث المهزوم لكن هذا لايعني بأن نهاجم كل ابناء شعب العراق فكله كان يعيش في العراق وله علاقة بشكل وبأخر مع النظام فهل يجوز لنا أن نتهم الشعب كله بأنه صدامي أو بعثي... فهنا لابد من الأشارة أننا أن أبقَينا هذه الأصناف كتاب التقارير تمارس هذا الدور الرخيص فلن تتعافى ثقافتنا العراقية وأذا لم تتعافى الثقافة فلن يتعافى الوطن... فهي مسؤولية الأصلاء ومسؤولية الشرفاء اليوم أكثر من ذي قبل لمواجهة هذه الأصناف السرطانية لكي تبتر نهائيا حتى نبني وطناً نظيفاً طاهراً من هذه الأصناف لأن الثقافة لايمكن أن تنتمي الى أي جهة فهي غير منتيمة الأ لنفسها ومثل ما نريد بتر هذا السرطان على الحكومة أذا كانت جادة في بناء دولة حديثة عصرية أن تهتم بالثقافة والمثقفيين بشكل ممييز وعليها أيضا أن ترفع من أجندات عملها...( ثقافة السلامة الفكرية والأمنية) التي كانت سائدة في العهد المباد لأن الجميع ينتمي الى الوطن ولايمكن لأحد مهما كان موقعه أو لونه أو جنسة أن يساوم ألأخر على وطنيته وعلى أنتماءه فأذا أنتهجنا هذا الطريق وأذا أنتهجت حكومتنا ثقافة المحبة عندها يمكن أن نشيد البناء ونستمر بالمسيرة ..لأن ثقافة التقارير وثقافة الأقصاء هي مرض ينبغي الخلاص منه وهذه الثقافة أعتقد موجودة فقط في بلدنا العراق دون سواه من بلدان العالم.. فحتى نكون مثل العالم الأخر علينا أن نٌقيم الأنسان على ضوء عطاءه وعمله لا على أساس أنتماءه العقائدي أو الأيدلوجي.. ومن الأن ينبغي أن نشرع بحملة صادقة لبناء الثقافة العراقية مجددا بعد تخليصها من الأدران والعوالق والشوائب والأمراض الخبيثة لأن التمثل بأساليب العهد المباد هي أخطر مرض على العهد الجديد أذا كان حقاً عهدنا هذا يحمل سمة التجدد...!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو


.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05




.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر