الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مثلث اليأس في الذكرى الاولى للانقسام

فاطمه قاسم

2008 / 6 / 15
القضية الفلسطينية


ماذا يوجد في الساحة الفلسطينية بعد مرور عام كامل ؟
لدينا الانقسام الفلسطيني , وتداعيات هذا الانقسام تصل في كثير من الأحيان إلى درجة وأشكال مأساوية , تصل إلى حد التنافس في صنع ما هو سلبي بعد أن استسلمنا لفقدان القدرة على صنع ما هو ايجابي .
ولدينا الحصار , وهو من الناحية العملية الوجه الأخر للانقسام , لأنه بني على الانقسام وتم اعتباره من قبل الاسرائيلين المعادل الموضوعي للانقسام , وهذا ظلم فادح , فإسرائيل التي تحاصرنا إلى حد الاختناق تريد أن تحملنا المسئولية الكاملة عن ذلك , وهذا شيء شاذ وغير طبيعي في تاريخ العلاقات السياسية ,فإذا كانت إسرائيل ترى وتعرف أن الانقسام جريمة ارتكبنا ها ضد أنفسنا ,فكيف تعاقبنا عليها إلى هذا الحد , هل لان إسرائيل حريصة على وحدتنا ؟ بالتأكيد فان هذا كلام لا يدخل العقل, إذا فان قيام إسرائيل بفرض الحصار لحظة حدوث الانقسام هو إفراط في الجريمة
ولدينا بعد الانقسام والحصار هذا العدوان العسكري والأمني المستمر , من خلال اجتياح محدودة , وعمليات توغل سريعة , وقصف مدفعي وجوي , وعمليات اغتيال متكررة , ولم يمر يوم واحد على امتداد السنة الأخيرة إلا وفقد شعبنا شهداء, وجرحى , ومخطوفين , وتجريف لأرض مشجرة , وهدم وتدمير بيوت ومصانع ومؤسسات .
ويرتبط بالحصار نوع أخر من الموت هو ذلك الموت الناجم عن المرضى الذين لا يجدون العلاج , وربما يكون العدد قد ارتفع إلى مايزيد عن مئة وثمانين حالة , وكذلك الذين يموتون تحت أنقاض الأنفاق على الحدود الفلسطينية المصرية فهذه الأنفاق التي كانت في الماضي ضرورة أمنية , أصبحت منذ فرض الحصار ضرورة حياتية , ولا يوجد إحصاء دقيق لضحايا الأنفاق على امتداد السنة الأخيرة , فبعض الأشخاص انهارت عليهم الأنفاق دون أن يعرف عددهم على وجه التحديد .
الخلاصة:
انه خلال السنة الأخيرة , منذ الرابع عشر من حزيران 2007 وحتى الرابع عشر من حزيران 2008 , لدينا مثلث من اليأس تتكون أضلاعه الثلاثة من الانقسام الداخلي الفلسطيني , انقسام سياسي وإداري وقانوني وجغرافي واجتماعي ونفسي , ثم الحصار الذي وصلت تداعياته إلى نسيجنا الاجتماعي والنفسي ناهيكم عن تداعياته التدميرية على صعيد الاقتصاد , والبنية التحتية , وأنماط الحياة والسلوك بصفة عامة , ثم الضلع الثالث وهو العدوان العسكري والأمني الإسرائيلي الذي لم يتوقف يوما واحدا , والذي يتصاعد ألان تحت مظلة التهديد بعملية عسكرية واسعة النطاق .
هذه حسبة بسيطة :
لان الخسائر هي في الحقيقة أكثر من ذلك بكثير, وأي مواطن من سكان قطاع غزة, يستطيع بجولة واحدة في أنحاء القطاع تستمر بضعة ساعات فقط, أن يرى الكارثة بحجمها الحقيقي.
خلال هذه السنة
جرت محاولات عديدة للخروج من بين أضلاع هذا المثلث اليائس , بان نكسر احد الأضلاع , لعل وعسى أن يتكسر المثلث كله , وبدأنا تلك المحاولات بمبادرات عربية ومبادرات فلسطينية داخلية للخروج من حالة الانقسام والعودة إلى الحوار والوحدة , وكان أخر هذه المحاولات عربيا هي المبادرة اليمنية , وأخرها وطنيا هي دعوة الأخ أبو مازن , ولكن النتيجة حتى ألان أن الحراك لا يصل إلى المدى المطلوب , والوقت يحترق , ولا توجد قوة دفع حقيقية .
وما زالت هناك جهود كبيرة تبذلها الشقيقة مصر لتحقيق انجاز حقيقي على صعيد ضلع أخر من أضلاع هذا المثلث اليائس , وهي الجهود التي تتواصل تحت عنوان التهدئة , بمعنى قض الاشتباك اليومي غير المتوازن بين قطاع غزة وإسرائيل أولا , والتقدم إلى الضفة الغربية لاحقا , على اعتبار أن هذه التهدئة حين تتحقق ستكون المدخل الرئيسي لإنهاء الحصار , وحينئذ ستكون الفرصة مهيأة أكثر لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الفلسطينية , ولكن الأمور على ارض الواقع لا تسير بهذه المرونة النظرية , فما تزال أضلاع المثلث اليائس قوية صامدة , وما تزال المأساة قائمة , وها نحن ندخل العام الثاني من عمر ماساتنا الجديدة , وهي مأساة تنتج تفاصيلها وتداعياتها مع كل يوم جديد , وهذه التفاصيل والتداعيات تنقلنا رغما عنا إلى الاسوا , إلى الحد الذي يخرج الحل من أيدينا نهائيا , إلى الحد الذي يمكن أن نتحول إلى ضحايا لحلول قسرية أخرى يصغها الأخر ونكون مجبرين على الانخراط فيها دون إرادة .
وكمثال على ذلك :
فان مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي , اتخذ قبل أيام قليلة قرارا يمنح الجهود المصرية فرصة لتحقيق التهدئة , فرصة محدودة , فرصة يتحدد سقفها الزمني في الاتفاق على إدارة اللعبة الداخلية في إسرائيل بخصوص الانتخابات المبكرة , ما يتحدد سقفها الزمني بنوع القرار الذي سيتبلور من خلال جولة الرئيس بوش الأوروبية التي تدور حول الملف النووي الإيراني .
إسرائيل قررت إعطاء فرصة لجهود مصر بشان التهدئة , ولكن تحت شرطين موضوعيين أولهما استمرار العمل العسكري ضد قطاع غزة بمعدلاته ووتائره الحالية , وثانيهما إبقاء خيار العمل العسكري قائما , والاستعدادات له جارية دون توقف.
هذه معادلة سياسية عسكرية أمنية , فكيف نؤثر فيها ؟, كيف نكسر احد أضلاعها ؟ وبأي ضلع من أضلاع هذا المثلث اليائس نبدأ ؟
هل نبدأ بالتهدئة, فنتعاون مع مصر بشكل اكبر, ونقدم لها ورقة حقيقية, ونبدأ بفرصة تهدئة من جانب واحد, لكي نكسر حالة التهديد العسكري الإسرائيلي ؟ أم نبدأ بانجاز المصالحة الوطنية , لان المصالحة الوطنية ستجند إلى جانبها حالة عربية ودولية اقوي تساعد على إنهاء الحصار ؟ أم نستمر في المراوحة مكاننا في حالة انتظار سلبي, لكي نرى الأمور تتدافع وراء بعضها, والتي قد تصل إلى أوضاع لا نريدها ؟
لابد من فعل فلسطيني, ومبادرة فلسطينية, وحراك عملي فلسطيني, لان الخطر كل الخطر أن نبقى مسجونين داخل هذا المثلث اليائس ننتظر المصير دون فعل جديد.
لقد مضى عام كامل على وضعنا الشاذ حيث استحكمت ضدنا أضلاع هذا المثلث البائس , الذي لم يتصور أي طرف فلسطيني أن يستمر هذا الوضع القائم كل هذا الوقت , كانت الأوهام تسيطر على العقول أوهام جميلة , أشبه بشطحات الجنون , وانظروا ألان ماذا حدث وماذا فعلنا بأنفسنا ؟؟وماذا فعل الأعداء بنا ؟ فهل تستغرقنا الأوهام أكثر ؟ والمكابرة السخيفة والعنتريات المشينة , أم ننتقد أنفسنا فننقذها , على الأقل علينا أن نحاول حتى لا تبلغ المأساة عامها الثاني , وحتى لا يسقط حلمنا للآبد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غموض يلف أسباب تحطم مروحية الرئيس الإيراني؟ • فرانس 24


.. التغير المناخي في الشرق الأوسط: إلى أي مدى مرتبط باستثمارات




.. كيف يسمح لمروحية الرئيس الإيراني بالإقلاع ضمن ظروف مناخية صع


.. تحقيق لـCNN يكشف هوية أشخاص هاجموا مخيما داعما للفلسطينيين ف




.. ردود الفعل تتوالى.. تعازى إقليمية ودولية على وفاة الرئيس الإ