الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عصر الغذاء الرخيص

حسن عبد راضي

2008 / 6 / 15
الادارة و الاقتصاد


من دون أن يخطر في بالنا، نعيش الأيام الأخيرة من عصر لم نكن نعرف أن اسمه (عصر الغذاء الرخيص) لولا أن منظمة الفاو التابعة للأمم المتحدة أخبرتنا مشكورة أن هذا العصر بهذه التسمية يوشك على الانتهاء، ويوشك العالم أن يدخل مرحلة جديدة من الصراع، بدخول متغير جديد إلى المعادلات القديمة، سيقلب النتائج والطاولات وموازين قوى السياسة والاقتصاد، وهذا المتغير هو (الوقود الحيوي) الذي بات يشكل أفقاً جديداً للثروة والقوة لدى عدد من الدول من جهة، وتهديداً حقيقياً يمس الأمن الغذائي لشعوب الأرض الفقيرة من جهة أخرى، بل يوشك أن يكون افتتاحاً لعصر جديد من العبودية، بالعودة بالمجتمعات التي دُرجَ على تسميتها بـ (النامية) إلى نقطة الصفر، وإعادتها سيرتها الأولى؛ مجتمعات زراعية متخلفة تعكف على الزراعة لتنتج للعالم ما يأكله وما يعتصر منه وقوده الحيوي البديل عن النفط، بينما يعيش معظم سكانها تحت خط الحياة، وقريباً جداً من خط الموت.
وثمة مفارقة غريبة بين جدية الدول الصناعية في التعاطي مع الوقود الحيوي خططاً وتجارب وتوجهات استراتيجية، وبين الانفلات غير المسبوق لأسعار النفط العالمية، في حين كان المتوقع أن يؤدي ظهور غريم جديد وجدّي للنفط إلى خفض أسعاره (أي النفط) استناداً إلى البديهيات التنافسية في علم الاقتصاد، لكن الذي حدث كان خارج كل التوقعات.
هل يمكننا قراءة أزمة الخبز في مصر مثلاً، والارتفاع في أسعار الرز العالمية بوصفها مؤشرات أولية أو أجراس خطر لبدء العصر الجديد؟ وأين سيكون عالمنا العربي الذي يملك موارد كثيرة لا يحسن إدارتها، من هذا العصر وصراعاته المقبلة؟ بماذا استعدّت الدول العربية خاصة والدول النامية عامة للتعاطي مع الأوضاع الجديدة التي سيفرزها؟ كيف سيكون موقف دول الأوبك ومنتجي النفط عموماً -بعد أن يهدأ جنون أسعار النفط - من السوق التي ستنشأ حتماً للوقود الحيوي؟ أم تُرانا سنكرر سيناريو النفط الذي جرى في المنطقة والبلاد العربية مطلع القرن الماضي .. ننتظر أن تأتينا الشركات الأجنبية لتنصب المصافي ومحطات تكرير الوقود الحيوي، (وقد نسمع فتوى هنا أو هناك بتحريم الوقود الحيوي واستعماله أوبيعه أو شرائه) ثم بعد مرور عقود طويلة من الزمن نكتشف أن العالم سبقنا بأشواط طويلة في هذا الميدان، ثم نبدأ بالنظر شزراً إلى الشركات الأجنبية العاملة على أراضينا، ويتجرأ سياسي مغامر فيطلق عليها تسمية (الشركات الاحتكارية) ويطالب بتأميمها، وندخل في دوامة ناصرية جديدة، فنزلزل الأرض بالهتافات والخطب، بينما يبدأ العالم المتحضر بالاستعداد لمغادرة الأرض إلى كوكب آخر!!!










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أردوغان ونتنياهو .. صدام سياسي واقتصادي | #التاسعة


.. تركيا وإسرائيل.. مقاطعة اقتصادية أم أهداف سياسية؟




.. سعر الذهب عيار 21 يسجل 3080 جنيها للجرام


.. الجزائر في المرتبة الثالثة اقتصاديا بأفريقيا.. هل التصنيف يع




.. ما تداعيات قرار وزارة التجارة التركية إيقاف جميع الصادرات وا