الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام العالمي الجديد وتجاوز مبدأ السيادة

سلام خماط

2008 / 6 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


أكثر الدراسات والأبحاث تؤكد على إن الثقافة لها الأولوية في تقدم الدول وان كل مثقف يلجا إلى المشاكسة والخروج على الإجماع السائد في ميادين الاقتصاد والسياسة فهو كمن يغرد خارج سربه,لقد خرج علينا البعض متأثرين بنظريات تدو إلى تذويب الدولة وصهرها وتقليص دورها واستبدالها بمنظمات غير حكومية معتقدين بأنهم سوف يسهمون في حل المشاكل المستعصية ,إلا ان الحقيقة تقول انهم يساهمون في تقطيع أوصال الدولة وتهشيمها ومن هؤلاء دعاة الخصخصة وسماسرة السوق المفتوح ,بحيث تصبح الدولة عاجزة تماما عن حل مشاكلها القديمة الجديدة في ان واحد ,هذه المشاكل التي تتمثل في الفقر والمرض ,وقد اعترف أحد كبار المفكرين الليبراليين مؤخرا بأنه كان على خطا وان لا سبيل إلى الإصلاح الاقتصادي بغياب دولة المؤسسات وحكم القانون ,وبهذا الاعتراف فقد فشلت اقتصاديات السوق في تحقيق الأحلام الوردية التي قطعتها لروسيا وبعض دول أوربا الشرقية ما بعد الاتحاد السوفيتي .
من هنا يجب التعامل بحذر شديد مع الشروط التي يفرضها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والتي تؤدي الى تدمير المؤسسات الاقتصادية العراقية وبتواطؤ مقصود مع الغرب الليبرالي ,والبحث عن علاقات جديدة مع الدول المانحة والابتعاد عن تسييس المساعدات واستبدال الاشتراط الخارجي والعمل على تنمية راس المال الاجتماعي وتقديم الهبات والمنح والقروض مباشرة الى الهيئات الحكومية لبناء قدراتها الذاتية ,دون وضع الشروط حول كيفية استخدامها ,كما حدث قبل فترة قريبة عندما اشترط صندوق النقد الدولي بزيادة أسعار المشتقات النفطية مقابل منح القروض للحكومة العراقية .
إن تحكم الكارتلات العالمية باقتصاديات السوق أدى إلى تعزيز سلطة بعض الأنظمة في العالم الثالث ولاكثر من 60 عام وهذا ما اعترف به الرئيس الأمريكي جورج بوش قبل فترة والذي أكد فيه دعم الإدارات الأمريكية المتعاقبة للأنظمة الدكتاتورية من الحكام الطائفيين او الاسرويين او المذهبيين او المناطقيين ولكن باسم الإصلاح هذه المرة وهذا ينطبق على اغلب الأنظمة العربية .
لذا نستطيع القول ان أي دولة في العالم لا يمكن ان تتقدم بدون توفير الأمن والنظام والخدمات والتعليم ولا تتحقق هذه الأمور الا من خلال وضع السياسات الصحيحة واعادة توزيع الثروة والقضاء على التفاوت الطبقي وذلك بالاعتماد على قدرة الدولة المؤسساتية والإدارية على تصميم تلك السياسات ووضعها موضع التنفيذ ,والعمل على تطهير الجهاز الإداري من العناصر الفاسدة والحاقدة والتي تقف حجر عثرة في طريق التطور والنهوض .
ان الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها على العراق كان الهدف المخفي منها هو نزع السيادة الا ان الهدف المعلن هو تدمير أسلحة الدمار الشامل كونها تشكل تهديدا غير مسبوق للغرب مما أعطى هذا التبرير انطباعا منطقيا للغرب باعتماد الحرب الوقائية والاستباقية والتي من خلالها سعت الولايات المتحدة الأمريكية لإيجاد نظام عالمي جديد يتجاوز مبدا السيادة ويبيح لها حق الاستيلاء وحكم الدول تحت مبررات واهية ومفضوحة منها أمنية وأخرى أنسا نية وهذه المبررات متناقضة تناقضا واضحا بين الاحتلال العسكري واستعمار الشعوب وبين الادعاء بنشر الديمقراطية والدفاع عن حقوق الانسان.
وهذه السياسات ما هي الا امتداد تاريخي متجذر يمكن اقتفاء أثره من خلال الحوار الذي دار بين أول رئيس للوزراء في العراق (عبد الرحمن النقيب )والمس بيل ,حيث يسأل النقيب عن سبب احتلال بريطانيا للعراق وما رافق هذا الاحتلال من خسائر مادية وبشرية التي منيت بها القوات الغازية ,والحديث للنقيب :اليس من الأفضل لبريطانيا ان تتعامل مع دول العالم بشكل سلمي لاسيما انها دولة صاحبة اقتصاد قوي وصناعات متطورة وهي بذلك ليست بحاجة الى خوض هكذا مغامرات قد تكون خاسرة ,فتجيب المس بيل :ان العراق بلد يمتلك ثروات بشرية وطبيعية ,فاذا لم تهيأ الطاقات البشرية لاستغلال الثروات الطبيعية وبالشكل الصحيح فانهم سوف يشكلون خطر على أنفسهم وعلى العالم .وكان هذا السبب هو نفسه الذي دعى الأمريكان لاحتلال العراق بحجة البحث عن أسلحة الدمار الشامل وعنما لم يتم العثور عليها قبل وبعد الغزو لجأوا الى البديل الآخر وهو نشر الديمقراطية .
لهذا نقول ان المبادى التي ينادي بها الغرب مبادى الحرية والديمقراطية والمساواة وحقوق الانسان تبقى عرضة للانتهاك من قبل كل الدمويين الذين تعاقبوا على حكم العالم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات رئاسية في تشاد بعد 3 سنوات من استيلاء الجيش على الس


.. الرئيس الصيني في زيارة دولة إلى فرنسا والملف الأوكراني والتج




.. بلحظات.. إعصار يمحو مبنى شركة في نبراسكا


.. هل بات اجتياح مدينة رفح قريبا؟




.. قوات الاحتلال تقتحم مخيم طولكرم بعدد من الآليات العسكرية