الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جمالية الصورة الشعرية في سياق النص

كريم ناصر
(Karim Nasser)

2008 / 6 / 16
الادب والفن


"تحليق فوق الثلج" لنجم خطاوي
لا يكفي القول باختلاف النمط ما دام الشعر في حالة صيرورة، والغاية دائماً تتحقّق بالابتكار، وهذا هو المفهوم الأعمّ للشعر، وإذا أخذنا الكتاب الذي بين أيدينا كنموذج للقراءة، فإننا نصل إلى نتيجة واحدة، وهي مقياسنا في هذه المقاربة. إنَّ عالم الشاعر "نجم خطاوي" كما نعرفه لا يخضع لآلية تقليدية، لأنّه لا يقبل في كلّ الأحوال بتكريس الصيَغ النمطيّة الجاهزة. نستطيع أن نعتبر نصوصه كلّية تجلّياً لبنية شعرية تكاد تكون سهلة الانقياد (سلسة) وهي سمة تتصف بها نماذجه، ولكن مع ذلك نجزم على استحالة صوغها لمن لا يعيش نفس التجربة التي صنعت منجزه الشعري. ومهما طال الجدل بشأنه، يظهر أنَّ إشاعة الأستطيقا وتقويتها كنتيجة جمالية تبقى هي المعيار دون اعتبار لتقوية البنية اللغوية كأساس لمعمارية البناء:
"نواة التمرِ التي غرستها قرب القطبِ الشمالي،
أنبتْ لي غرساً يشبهُ نخلَ أهلي،
وحين أخرجتهُ للشمسِ خذلني"
(غرس) ص15
في أغلب الأحوال يصوغ الشاعر نصه الشعري معتمداً في استدلاله على نفي الانزياح لخرق قانون اللغة، ليضع الأولوية فيه للفن الشعري معتبراً الأمكنة الجمالية هي الملاذ، واللغة هي الأستطيقا، إذا اعتبرنا الأخيرة شكلاً وليست مادة حسب تعبير "سُوسير". فهو يلاحق الأمكنة ويراها عن كثب، وليس من المبالغة أن يفعل الشيء ولا يدّعيه، ولعلَّ جمالية شعره تكمن في جزالة لغته التعبيرية:
"وسادتي بعضُ حجارة، وسريري ترابُ الجبل"
(في ليلة صيف) ص48

الشاعر مخلص لفنّه الشعري الذي ما برح منذ أمدٍ بعيد يدأب في كتابته، فنماذجه الشعرية تحتفظ بخصوصية جوهرية، من حيث التراكيب المعبّرة التي تتشكّل القصائد انطلاقاً منها، وفي هذا فرق يمّيزه جذريّاً عن مجايليه من الشعراء العراقيين:
"خمسةُ أعوامٍ مضت يقصدُ دكاني،
يقتني السجائر َوالصحفَ والحلوى،
ويحدّثني في كلِّ مرّةٍ عن العراقِ والسياسةِ والتضامن،
وحين غضبَ يوماً ولسبب تافه،
شتمني صارخاً عد لوطنكَ أيّها الأجنبي"
(زبون سويدي) ص12

ربّما لن يجد قارئه عناء التفكير في تأويل نصوصه، أو تفكيكها من أجل إعادة صياغتها على وفق قوانين لغوية صارمة، فشعره بطيعته لا يخضع لمنطق لغوي لم ينجز بعد، وليس ذلك كلّ شيء، فهذا النمط لا يفرض في نهاية الأمر سطوةً على قارئه لتشغله في فكّ الأحاجي والألغاز المبهمة، وفي هذا شيء بديهي، وإذا أردنا أن نفهم بشكل نهائي ثيمة العمل، علينا أن نضع بعين الاعتبار رمزية الأمكنة، وليس رمزية اللغة، لأنّها لا تحيل على صفة ديناميكية هي دوماً موجودة، وإنّما تحيل على وقائع مستوحاة من البنى النصيّة المرموزة مثل: المدن والقصبات والأنهار، والجسور، ومع ذلك فليس هذا الرأي هو المقياس، إذا ما وضعنا في البداية درجة قوّة الصورة الشعرية التي لا تخلو بطبيعة الحال من أدبيتها، لأنَّ كلّ صورة فنية هي شكل أدبي، وقد يعبّر عن إحساس جمالي خاص.
"مغلقٌ ومقفرٌ مطارُ المدينة
لا طائرات تحط ولا طائرات تغادر
وسط حقلهِ الأخضر
وجدتها اللقالقُ فرصةً للنزهةِ والمشاكسة"
(نزهة اللقالق) ص19

وهكذا وباختصار، لن نخوض كثيراً في تفاصيل تحليل جغرافيا الأمكنة، لكنّنا لن نتغاضى في الوقت نفسه عن الإشارة إلى الملامح العامة الفنية أو الأدبية لهذه الخاصية، فللمكان في المنظور الشعري معنى دلالي أو ميتافيزيقي أو سياسي مرتبط بمرجعيات أيديولوجية سائدة..
إننا لا نكاد نجد نصاً لا يضع حيّزاً لاسم قرية أو جبل أو نهر، ولا نرى في الاستعارة هذه علامة ضعف تنال من البنية الأساسية. يكفي أن نعلم أنَّ الفرق دلالي مزوّد بقوّة جمالية مردّها سيكولوجية الأمكنة، ورمزيتها ودلالاتها، ولفهم هذه المعادلة نذكر بعض الأسماء كما هي ماثلة في هذه الأنطلوجيا المكانية:
مثل: جبل شيرين، جبل حرير، الكوت، شارع السيد نور، شواطئ تايلاند، كوسوفو، براغ، وادي النجف، مقدونيا، توشبي، الخ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-