الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلا قليلا

خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)

2008 / 6 / 18
الادب والفن


إ
وإذا جاءت نجواكِ من تلقائها، فرّتْ روحي من مطلقٍ إلى سجنٍ لا يرحمُ ساكناً ولا يهجرُهُ، ولا يسمّيهِ اسماً آخرَ ولا يعطيه عالماً، لكنه لا يقتله أيضاً..

تربةٌ كثيفةٌ تلك التي تغمضُ أجفانَها دونَ أن ترصدَ النّومَ أو تفكّرَ في الغاباتِ الكثيرةِ الممنوحةِ للظلّ الخارجِ توّاً من ظلٍّ آخرْ، ألوانٌ كثيرةُ والندّ يقْسِمُ للندّ ألا خديعةَ في الأمرْ، ثم يطلقُ النارَ عليه من داخلِ القلْبْ.

عصافيرُ بألوانٍ شاحبةٍ بأغنياتٍ شاحبةٍ بأجنحةٍ شاحبةْ، على النوافذ التي نسيت فضاءها، دون حتى أُذُنٍ وحيدةٍ تخشعُ لعصفورٍ يجرّبُ مهنةً قديمةً.. أحدّدُ ألوانَ الصبايا في الفجرِ المتمددِ في الشارع مثل ممثل ميّتٍ على مسرحٍ فارغٍ، النهارُ يأتي بقدمٍ وحيدةٍ، ولم يصدق أحد بعد أننا والفجرُ من عالمين أعميين مثل ماءٍ ويابسة.

يطلعُ وحده من كومةِ رملٍ منسيةٍ، يتفرّعُ إلى أقحوانتين ودمعة، يصب النايات من دمه إلى الأرض السحيقة كاتباً أمنياته على هواء رخيص سمحت له الجبالُ بالعبورِ، يفسدُ يومه بالنظر إلى الماء حين يغلي، كومةٌ من الانبهارات في عيني ولدٍ لا تقاومه أشدُّ النساء قسوةً، مع ذلك لا يفهمُ أولَ الصباح حين يأتي ساقطاً كموجةٍ هائلة في كوب شاي.

يخزّنُ الأوركسترا في كيسٍ ملائمٍ للحياة، يُخرِجُ روحَهُ كقطعةِ كريستالٍ وينظفُها من الوقت المتراكمِ على أطرافها، يداهُ مصلوبتان في طقسٍ طويلٍ لا يعرفُ أحدٌ ما الذي يؤدي إليه، آثار عيونٍ مزمنةٍ على زجاج النافذة.

يحتاج إلى سرٍّ ليؤجج يومه الطويل، يخدع الطرقاتِ والأرصفةِ والسيارات القليلةِ والناسَ والباعةَ المتجولين، بأنه رجل عاديٌّ، وفيما يبدو على الجميع أنهم صدّقوا خدعته، تكون الحقيقة: لم يلتفت إلى وجوده أحد.

يعيدُ الكلامَ إلى بدايته كما يفعل كلما نسي جزءاً من قصيدةٍ، تبدو اللغة بين شفتيه كائناً مستقلاً، يهزّ رأسه كمن ينفضُ ماءَ البحرِ، تتفرفطُ المفرداتً على الرصيفِ وتختفي مثل قطراتِ ماءٍ في صيفٍ نموذجي، تاركةً أثراً لا يُتَرجَمُ.

يفتحُ علبةَ القلبِ ليرى ما تبقى من أحبّةٍ ادّخرهم لوقت مثل هذا، اكتشفَ الفراغَ الهائلَ الذي ينوبُ عن جملةٍ واحدة: لا تحوّش ما ينتجه القلب.. عليك أن تعيشه.

في المشهد الذي يواجه الصباح: غصنُ طيورٍ ساقطٍ من شجرة الكلام، وحده يظلُّ يراقبُ الهواءَ منفيّاً إلى نفسه، يفكُّ يديه، يعبئُ أسراره التافهةَ في صرّةٍ من عدمْ، ويغلقُ الليلَ كحانوتٍ، منتظراً صباحاً آخر.
5 أيار 2008








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأي عملاق يحلم عبدالله رويشد بالغناء ؟


.. بطريقة سينمائية.. 20 لصاً يقتحمون متجر مجوهرات وينهبونه في د




.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل


.. جوائز -المصري اليوم- في دورتها الأولى.. جائزة أكمل قرطام لأف




.. بايدن طلب الغناء.. قادة مجموعة السبع يحتفلون بعيد ميلاد المس