الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرب و البحث عن الظل تحت شجرة يابسة

محمد بن سعيد الفطيسي

2008 / 6 / 17
السياسة والعلاقات الدولية


للأسف – فإننا – أي – نحن العرب , لم نستطع بعد تجاوز عقدة التبعية التاريخية والرعب التقليدي في علاقاتنا مع من هم أقوى منا , وخصوصا القوى الكبرى في العالم , وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية , بالرغم من أن قوة من هم أقوى منا تحتمل أمرين , احدهما الإمكانيات التي تملكها تلك القوى الكبرى في العالم , وبالتالي فان الأمر الواقع والمنطق يفرضان على من هم اقل قوة , أن يكونوا في كثير من الأحيان تحت عباءة من هم أقوى منهم , أما الاحتمال الآخر , فهو نتاج خوفنا الدائم والمستمر من تلك القوى الكبرى ولأسباب كثيرة , منها من هو سياسي وآخر اقتصادي وربما سيكولوجي , وبالتالي فان بعض من قوة تلك القوى الكبرى على الساحة الدولية اليوم , هي نتاج طبيعي لخوفنا المستمر , ورعبنا المرضي من قوتهم تلك , والتي ربما لولا خوفنا نحن منهم بشكل مستمر ودائم , ما كانوا سيكونون على ما هم عليه من قوة وهيمنة وسيادة وجبروت في مختلف مجالات الحياة 0
وللعلم فان تلك القوى العظمى العالمية , تدرك تمام الإدراك مدى ما تملكه من مقدرة وإمكانيات , ولذلك فقد فهمت أن القوة في اغلب الأوقات لا تتولد من إرهاب الصواريخ النووية العابرة للقارات , بقدر إمكانية الحصول عليها من القوة الناعمة الطرية والمؤامرات السياسية الهدامة والتقسيم والتفرقة والدسائس , كذلك فان في الجانب الآخر من معادلة القوة , يكمن في الضعف , والذي يتولد في اغلب الأحيان من استمرار الخنوع والانكسار والتبعية وسوء التخطيط , وليس من قلة الحيلة وضعف الإمكانيات والثروات , او الافتقار الى القوة العسكرية والاقتصادية والدعم السياسي كما يدعي الكثيرون , وبمعنى آخر , فأن الضعف الحقيقي والذي أدركته تلك القوى فينا , هو ضعف كامن في نفوسنا وعزائمنا , بحيث تولد ذلك الرعب جراء خوف الكثير من قياداتنا ومخططينا ومن تولوا أمرنا في مختلف مجالات الحياة على كراسي السلطة والمناصب , او من جراء تخويف العرب من خلال تخوينهم , وغيرها من الأسباب التي لا يمكن إرجاعها الى عوامل طبيعية او تاريخية في اغلب الأوقات والأزمنة 0
وهو على وجه التحديد , ما نحاول توضيحه هنا , - أي – أننا كدول عربية , نملك كل أسباب القوة بلا استثناء , من الإنسان الى الموارد الطبيعية وغيرها من الإمكانيات السياسية والاقتصادية والتاريخية , ولكن – وللأسف - , كان لما سبق ذكره من أسباب التبعية والخوف والانكسار , دور كبير في ما نحن عليه اليوم من تراجع وضعف وترهل على مختلف المستويات , والدليل واضح من خلال عدد من القضايا العربية المصيرية التي لا زلنا الى يومنا هذا غير قادرين على حلها , بالرغم من مرور عقود طويلة عليها , او حتى من خلال الوصول الى نتيجة تضمن ابسط حقوقنا السياسية والتاريخية فيها , وعلى رأسها قضية الصراع العربي الإسرائيلي , بمختلف أبعادها وملفاتها , كملف الأسرى وحق العودة على سبيل المثال لا الحصر , وغيرها الكثير من القضايا والمسائل العالقة 0
والغريب في كل ذلك , هو تلك التبعية العمياء التي وصلت الى حدود السذاجة والجهل , وكان حل قضايانا معلق بتوقيع الغرب وموافقته , بحيث لا يمكن لنا اتخاذ أي قرار مصيري للإصلاح والتنمية , دون أن تكون فيه النكهة الاميركية او الغربية , والأغرب من كل ذلك , هو اللجوء لمن نحن على علم مسبق بأنهم سيكونون أول المتاجرين بقضايانا وحقوقنا , ورغم ذلك نتسابق لنيل رضاهم والحصول على مباركتهم لمساعينا , بل وأكثر من ذلك , فقد وصل بنا الأمر الى درجة المطالبة والإصرار على أن يكون لهم الرأي الأخير في حل جل قضايانا الداخلية منها والخارجية , فماذا يمكن أن نسمي ذلك التصرف ؟ وتحت أي بند من بنود العلاقات الدولية او السياسة الخارجية , يمكن أن نضع تلك المتاجرة الرخيصة بقضايانا العربية , وحقوقنا السيادية منها والقومية ؟
وفي هذا السياق يربط المفكر الدكتور برهان غليون , وهو مدير مركز دراسات الشرق المعاصر وأستاذ في جامعة باريس الثالثة , تلك العلاقة ما بين العرب والغرب وخصوصا الولايات المتحدة الاميركية , في قضايا كالإصلاح والتنمية , بجدلية العلاقة مع الخارج بقوله :- ( انه من مواجهة التحدي الإسرائيلي , الى مسائل التنمية الاقتصادية والاجتماعية , وتطوير نظم الحكم والإدارة , بل حتى الى تحرير المرأة , وإصلاح مناهج التعليم والتربية , نجحت الولايات المتحدة الاميركية بصرف النظر عن صور المقاومة , في موضعة نفسها في موقع الراعي , او الآمر الفعلي والوحيد تقريبا في المنطقة , 0000 ويأتي هذا الوضع ليتوج عقودا من السياسة العربية الوطنية والقومية الضعيفة واليائسة التي كرست عجز العرب , وتخليهم عن الاعتماد على أنفسهم في حل المشكلات التي تواجههم وطنيا وإقليميا ) 0
ويؤكد ذلك العديد من الحقائق والوقائع التي لا يمكن صم الآذان عنها , او تغطية العيون عن رؤيتها , فبداية من صور الديمقراطية الاميركية المزعومة التي بدأت تفرض بالقوة في جل دولنا العربية , الى برامج الإصلاح وحقوق الإنسان والحيوان , ومرورا بصور الاستنجاد والاستجداء العربي بالغرب لحل العديد من قضايا الأمة العالقة مع المستعمرة الإجرامية الإسرائيلية الكبرى وغيرها , وليس انتهاء بكل صور التبعية السياسية والاقتصادية وحتى الإيديولوجية , لدليل واضح على الوضع المتردي الذي تعيشه الأمة العربية الممثلة في دولها العربية هذه الأيام 0
نعم 000 إن اللجوء للغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الاميركية قد اضر بقضايانا العربية كثيرا , لدرجة أن يصل بهم الأمر الى المجاهرة والمقامرة علينا في أسواق التجارة العالمية , وإلا فما يعني أن يتعهد السيناتور الأمريكي باراك أوباما بضمان تفوق إسرائيل العسكري النوعي في الشرق الأوسط , وقدرتها على الدفاع عن نفسها من أية هجمات قد تتعرض لها من غزة إلى طهران، في حال فوزه بالرئاسة الأمريكية في نوفمبر المقبل ؟ وقال أوباما في هذا السياق :- إن السلام يخدم مصلحة أمريكا وإسرائيل ، لكنه شدد على أن أي دولة فلسطينية يجب أن تضمن أمن إسرائيل , وأن تبقي عليها دولة يهودية عاصمتها القدس التي يجب أن تظل مدينة موحدة غير مقسمة , مؤكدا بذلك , أن العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل تتجاوز المصلحة الوطنية وتتجسد في القيم المشتركة التي تجمع البلدين , متجاهلا بذلك كل الثوابت التاريخية والسياسية والأعراف والاتفاقيات الدولية والقوانين الأممية المعمول بها في هذا الجانب , وضاربا عرض الحائط بكل علاقات بلده بالدول الإسلامية والعربية , وكان لسان حاله يقول : إن امن واستقرار إسرائيل فوق كل اعتبار , وذلك في سبيل نيل الأصوات الصهيونية في حملته الانتخابية0
وهكذا يتبين لنا حقيقة أن الاعتماد على الغرب , وخصوصا الولايات المتحدة الاميركية , لحل قضايانا العربية المصيرية , او حتى المساعدة على تفعيلها , ليس أكثر من مجرد استظلال بشجرة يابسة في فصل الصيف , فلا هي قادرة على أن تقي نفسها الحر , ولا المستظلون تحتها بأفضل حال منها 0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فولكسفاغن على خطى كوداك؟| الأخبار


.. هل ينجح الرئيس الأميركي القادم في إنهاء حروب العالم؟ | #بزنس




.. الإعلام الإسرائيلي يناقش الخسائر التي تكبدها الجيش خلال الحر


.. نافذة من أمريكا.. أيام قليلة قبل تحديد هوية الساكن الجديد لل




.. مواجهة قوية في قرعة ربع نهائي كأس الرابطة الإنكليزية