الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اورهان باموك : ظل الذكريات وتكامل الحضارات

ضمد كاظم وسمي

2008 / 6 / 21
الادب والفن



ولد أورهان باموك عام 1952 لعائلة أرستقراطية ذات ثقافة فرنسية في ضواحي إسطنبول .. وبعد تخرجه من المدرسة الأمريكية التحق بجامعة إسطنبول لدراسة الهندسة المعمارية ، لكنه بعد ثلاث سنوات لم يرقه الفن المعماري .. رغم أنه كان يعد نفسه منذ صباه لنيل شهرة الفن ! .. بيد أنه قد استهوته الكلمات فولّى عقله شطر الصحافة ليكمل دراسته فيها في ذات الجامعة .. ولم يمض وقت طويل حتى أخذ لبّه بريق الأدب .. فاركس نفسه في عالم الرواية الساحر ، وقد آثر العزلة في شقته وفي مدينته ( إسطنبول ) ليتفرغ تماماً للسباحة في بحر الكلمات ليوصله الى شاطئ جائزة نوبل للآداب عام 2006 .
كان باموك كاتباً معروفاً وإن كتبه قد طبعت في بلاد الدنيا وترجمت إلى لغات شتى قد تصل الى ثلاثين لغة في مائة بلد .. ومع أن هذا الأديب النادر كان ذا مستوى أدبي عال وذا قدرة روائية راقية .. إلاّ أن القراء العاديين كانوا يتابعون أعماله على الدوام ويستمتعون بفنه الأخّاذ .. إذ انطلق من الواقع الشرقي المختل بيد تحمل أزميلاً مغمساً بحضارة الغرب لنبش الماضي وعصر الذكريات وأستنطاقها استشرافاً لمستقبل لاتعلو فيه سوى قيم التسامح والتنوير . فهو يجد في البحث عن تكامل الحضارات وسماحتها بدلاً من تصادم الجهل ببعضه!! ناهيك عن تميّزه العجيب في تصوير مدينته بوصف قل نظيره لدى الأدباء .. يقول سكرتير أكاديمية نوبل هارولد أنجلان وهو يصف باموك : (( ان الذي فاز بالجائزة هو كاتب معروف عالمياً ومن النادر أن يجد المرء كاتباً يصور المدينة بالشكل الذي وصفه باموك في رواياته )) ..
شغف باموك حباً بنبش الماضي وحفره في رواياته مهما كان لون هذا الماضي قاتماً وذكرياته مكفهرة .. في وطن يعيش ظل الاصطراع بين الرغبة والهوية .. الرغبة بأتجاه الانضمام للحضارة الغربية .. والهوية باتجاه الحفاظ على الموروث الشرقي .. يقول باموك : (( حين نحاول كبح الذكريات ،ثمة على الدوام ظل منها يعود ويطفو ، إنني ذاك الظل الذي يعود . )) .. فهل لهذا الماضي ولتلك الذكريات وما يتبعهما من شخوص وحراك فاعلين في واقع اليوم كدين وثقافة أن يقود الى صراع الحضارتين الشرقية والغربية ؟ .. يجيب على ذلك باموك بقوله : (( إن الأديان لا تختلف عن بعضها ، ولو أن راتب الموظف ثلاثون ألف يورو في السنة في تركيا بدلاً من ثلاثة آلاف كما هو موجود الآن لن يكون هناك مجال للحديث عند الناس وإختلافهم مع بعضهم هنا في الدين والثقافة ولكن مع الفقر والجهل إنطلت على الناس مثل هذه الأشياء . )) . كتب باموك العديد من الروايات منها روايته (( العتمة والنور )) عام 1979 والتي حازت على جائزة صحيفة (( ميلليت)) التركية للرواية .. وفي عام 1982 أصدر روايته (( جودت بك وأبناؤه )) ، بعدها جاءت روايته (( المنزل الصامت )) التي حصلت على جائزة الأكتشاف الأوربي الفرنسية عام 1991 .. كما حصل على جائزة السلام الالمانية بالاضافة الى جوائز أخرى إيطالية وأيرلندية ... الخ .
أهتم باموك كثيراً بالعقل الغربي .. وناصر قضية حقوق الأنسان وعمل على تقارب الثقافات وتلاقحها واتمام الحضارات وتكاملها ، يقول القاص محمد الأحمد : (( لقد كتب ( أورهان باموك ) العديد من المقالات التي ناصرت حقوق الأنسان ، وشغفت بالحضارة والعقل الغربي ، وبناء أسلوب الرواية الغربية يوازي شغفه بالتراث الشرقي ، وهو بمثابة الأبن البار لأنصهار واندماج وتمام الحضارات والثقافات حيث سطوع القيم الرفيعة ، لتتربع على قمة المباديء الحضارية ، التسامح والرقي بالإنسانية ، والإستنارة بالرأي الأخر )) . لم يكن باموك بدعاً في خوض مضمار صراع الحضارات وجدل الشرق والغرب ونزاع العلمانية والدين وتناقض الموروث والحداثة ، لكنه كان فذاً في لعبه بفكرة هذه الثنائيات الضدية .. ومكتشفاً لرموز جديدة للصدام بين الحضارات .. كما جاء في حيثيات قرار لجنة التحكيم والتي منحته جائزة نوبل للأداب لعام 2006 : ((أن باموك اكتشف رموزاً جديدة للصراع بين الحضارات ولعب بفكرة الثنائيات المعروفة على أحسن حال ، تلك المتجسدة في أجمل كتبه وهو ( القلعة البيضاء ) وأيضاً في ( الكتاب الأسود ) . )) ،هذا الصراع الذي صار يغشى الشرق عامة وتركيا خاصة منذ قرنين مضيا .. هو الذي أرق باموك وأثقل كاهل أفكاره منذ صباه .. إذ ماذا نتوقع لوليد شرقي في مدينة شرقية الثقافة ، تستلهم عائلته ثقافة فرنسية / غربية غير الأنخراط فكراً وعملاً في هذه المنظومة من التناقضات الرهيبة ، يقول الاديب كرم نعمة : (( ويركز باموك الذي كانت أفضل رواياته مبيعاً هي ( أسمي أحمر ) و ( ثلج ) في عمله على الصدام بين الماضي والحاضر والشرق والغرب والعلمانية والإسلام وهي مشاكل على قدر كبير من الأهمية في مسيرة تركيا نحو التطور )) .
يدعي باموك أنه ينأى بنفسه عن السياسة لأن هدف ألأدب بالنسبة اليه ليس لتوجيه رسائل سياسية بقدر ما يكتب من أجل الجمال وحده ! بل وحتى في روايته (( ثلج )) فقد نفى أية محاولة منه لإطلاق رسائل سياسية لأن ما حاول فعله هو (( الحديث عن روح تركيا ومشاكلها وعن العنف والغضب والأحلام التي يتم قتلها في مكان ناء من الأناضول )) .. ومع أن كلماته تغلي على هذا المرجل إلاّ أنه لم يبدِ رغبته في المشاركة في هذه الصراعات !! على حد ادعائه .. رغم أن باموك يعد من أكبر المعارضين للحكومة التركية والجيش فضلاً عن مطالبته اياهما بالأعتراف بأبادة الارمن وقتل الأكراد في زمن الأمبراطورية العثمانية .. الامر الذي أدى الى ملاحقته قضائياً بتهمة اهانة الأمة التركية ، لذلك تساءلت صحيفة هاندل بلات : ما الذي جعل باموك يصبح أقوى المرشحين لجائزة نوبل ثم فاز بها غير اللعب على وتر السياسة ؟ ، ومما يؤيد توجهه السياسي .. تصريحه عندما زار روسيا للمرة الأولى للترويج لكتابة الأخير (( اسطنبول ، الذكريات والمدينة )) الذي صدر أخيراً بترجمة روسية حيث قال : (( آمل أن تصبح بلادي أكثر حرية وإنفتاحاً لتتمكن من التحدث بدون خوف عن هذا الملف )) . أما عن تأثره بأدباء آخرين فقد باح باموك بالتأثير الكبير لرواية (( الشياطين )) لدستوفسكي عند كتابته روايته (( ثلج )) . و رداً على سؤال للمحرر الادبي لصحيفة الغارديان : ان كانت تزعجه أو تغريه المقارنة أو التأثير الى حد ما ببورخيس ، أجاب باموك : (( في وقت ما ينزعج أي كاتب عندما يقارن بكاتب أخر ، لكن هناك بعض الحقائق في المقارنات لا تصل الى حد التماهي )) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب


.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_




.. هي دي ناس الصعيد ???? تحية كبيرة خاصة من منى الشاذلي لصناع ف