الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فن احواش بين خطر التطرف الديني و خطر العولمة الامريكية

المهدي مالك

2008 / 6 / 18
الادب والفن



قبل البدء في موضوعي المتواضع اعبر عن عمق تضامني الشخصي مع قبائل ايت باعمران المجاهدة إبان الاستعمار الاسباني و المناضلة اليوم ضد الحيف و التهميش التي تعيشه و انني اتابع بقلق شديد ما يجري في مدينة سيدي ايفني من احداث مؤلمة عبر بعض المواقع الامازيغية او بعض الصحف المستقلة
و دون نسيان موقع هسبريس المحترم.
تقديم
في اطار اهتمامي الخاص بفنوننا الامازيغية العريقة او الجديدة لكن البعض سيتساءل لماذا اخترت فن احواش بالضبط حيث يمكنني ان اختار فن الروايس او فن المجموعات المعاصرة لكنني اخترت هذا الفن الاصيل في مناطقنا الجنوبية
اذ هو يجسد حقيقة الثقافة الامازيغية التقليدية حيث انه مرتبط دائما برموز عميقة نجدها مكتوبة في تاريخنا الحقيقي او في حضارتنا المغربية بصفة عامة,
و من بين هذه الرموز التشبث بالارض التي نعيش فيها و الارض هنا هي المغرب العزيز و ثم التشبث بحضارتنا الدينية التي تركها لنا اجدادنا الكرام و هذه الحضارة لم تمنع الامازيغيين من الابداع و الرقص على اساس احترام عاداتنا المحافظة بمعنى ان فن احواش هو مظهر من مظاهر الفنون الاسلامية المغربية المتعمدة على الشعر الهادف و الجلباب الابيض الذي يرمز الى العبادة و الى الذهاب للمسجد قصد الصلاة او قراءة القران الكريم ,
و كما ان هذا الفن الاصيل يجسد قيم المجتمع الامازيغي النبيلة كالمساواة بين الناس بغض النظر عن ديانتهم او لونهم و ثقافتهم و اشراك المراة الامازيغية في هذا التعبير الفني حيث ان احواش يقدم صورة عفيفة للجنس اللطيف خلاف لما نشاهده الان في الفضائيات العربية من مشاهد مخيلة بالآداب الاسلامية.
احواش ن درست
يعتبر هذا النوع من احواش ذا قيمة متميزة في منطقة سوس او في المدن الكبرى التي هاجر اليها الامازيغيين كالدار البيضاء و الرباط الخ ,
و يتميز احواش ن درست بشعرائه الكرام او ادميازن مثل لحسين اجماع و احيا بوقدير و صديقي الاستاذ احمد عصيد و غيرهم ,
و في هذا الاطار اتصلت عبر البريد الالكتروني بالاستاذ احمد عصيد الذي أعطاني معلومات قيمة حول فرقة المعمورة و احواش بصفة عامة حيث قال تأسست فرقة المعمورة عام 1984 من طرف الشاعرين ابراهيم لشكر و أحمد عصيد، و ما زالت موجودة حتى الآن بالرباط و سلا و تنظم نشاطها الأسبوعي بغابة المعمورة كالعادة كل يوم أحد
بحضور عدد كبير من العائلات الأمازيغية.
و أما فن أحواش فقد عرف منذ 1979 ازدهارا كبيرا حيث ظهرت الفرق المحترفة و المنظمة بشكل جيد، و ذلك بسبب الهجرة الكثيفة من البوادي نحو
المدن مما اضطر الأمازيغ إلى تأسيس فرق في المدن، و قد ساهم الشريط الصوتي و الفيديو و القرص المدمج في ازدهار هذا الفن و تفاعل أنواعه مع بعضها البعض في الوقت الذي كان كل نوع
معزولا في الماضي داخل منطقته الجغرافية. و برزت ظاهرة الثنائي مع إحيا و أجماع و ساهمت في ازدهار فن أحواش بشكل كبير، و أصبح الشعراء محترفين بدورهم و يتجولون بين البوادي و المدن خلافا للماضي حيث كان الشاعر"أمرير" مرتبطا بالقبيلة و بمجال محدود، غير أن ذلك لم يمنع من أن بعض الأنواع الفنية مهددة بالإنقراض مما يستوجب تدخل الجمعيات المحلية
لإنعاشها و التعريف بها، و كذا المعهد الملكي لتوثيقها بشكل علمي بالصوت و الصورة .
و كما قال صديقي فان بعض انواع هذا الفن صارت مهددة بالانقراض و السبب راجع حسب اعتقادي الشخصي الى عدة عوامل اساسية كانتشار التطرف الاصولي المتعمد على مذاهب دينية تناهض الفنون بشكل عام كالغناء و الموسيقي الخ,
و هذا التطرف الدخيل اخذ في السنوات الاخيرة يقضي بهدوء على عاداتنا الدينية و الثقافية كفن احواش تحت ذريعة إتباع السلف الصالح و اتباع الصراط المستقيم كأن اجدادنا او الجيل الحالي كانوا يفعلون المناكر و المعاصي حتى جاءهم الفكر السلفي بتقاليد تحطم كل شيء ثمين عندنا بينما عندهم في المشرق قد وصل الفن بشكل عام و الموسيقى بشكل خاص الى قيمة الانحطاط الاخلاقي الذي يشبه الى حد كبير ما نشاهده في القنوات الغربية الان,
و بينما في فن احواش الاصيل هو مدرسة نتعلم منها الوقار و احترام مجتمعنا المحافظ حيث يبدأ انضام دائما قصيدته باسم الله ..
احواش النساء
تعتبر المراة الامازيغية رمزا للعفاف و الشرف و النضال الوطني ضد الاستعمار الاجنبي طوال قرون من الزمان و كما هي رمز للهوية الامازيغية من خلال مجموعة من المؤشرات مثل تربية الابناء و تعليمهم لغة الاجداد و الحفاظ على تقاليدنا العريقة كفن احواش حيث ان هويتنا الدينية الخصوصية لم تمنع المراة الامازيغية من ممارسة الفن الهادف الذي يوافق مع الشريعة و مع الآداب العامة, و يتجلى هذا المعطى في لباس المراة الامازيغية التقليدي الذي يجعلك تتذوق الاصالة المغربية الحقيقية خلافا لما نراه الان على قنواتنا التلفزيونية من التقليد الاعمى للشرق او الغرب من خلال تنظيم مسابقات في الغناء و الرقص اذ هذه المسابقات تتجاهل كل ما هو اصيل عندنا كمغاربة عموما و كامازيغيين خصوصا
.
اذن فن احواش عموما و احواش النساء يهدده خطران اساسيان هما خطر التطرف الديني و خطر العولمة الامريكية الهادفة حسب اعتقادي المتواضع الى القضاء على الهويات العتيقة بما تحمله من حمولة دينية او ثقافية.
و خلاصة القول ان فن احواش يعد تراثا وطنيا يحمل بين طياته تاريخنا و حضارتنا الدينية و ليس لفلكرة امام الاجانب بل هو مدرسة قائمة الذات,
و على الجمعيات الامازيغية التحرك في اتجاه انقاد هذا الكنز الثمين من وضعيته الحالية التي لا تدعوا الى الخير بل تدعوا الى التفكير في الحلول الناجعة بهدف احياءه من جديد كثقافة اصيلة ,
ان المعهد الملكي للثقافة الامازيغية يقوم بمهمته في جمع التراث الامازيغي سواء في الريف او في الاطلس المتوسط و مناطقنا الجنوبية لكن هذا لا يكفي بالنظر الى مجموعة من المعطيات مثل غزو تيارات التطرف الديني خصوصا و هذا الغزو يسعى الى مشرقية تقاليدنا و سلفية عقولنا حتى نصبح نشبه النماذج التي لا تنتج الا الارهاب و قتل الابرياء باسم الاسلام و حضارته المتسامحة.
و في الاخير اشكر الاستاذ و صديقي احمد عصيد على معلوماته القيمة .
المهدي مالك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري


.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب




.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس


.. بحضور شيوخ الأزهر والفنانين.. احتفال الكنيسة الإنجيليّة بعيد




.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد